المشروع القومي للبتلو.. دعم حكومي بالمليارات رغم الفشل

ذات مصر

تواجه وزارة الزراعة اتهامات بعدم جدوى المشروع القومي للبتلو، وعدم وجود فائدة له على أسعار اللحوم على مدار الفترة الماضية، لكن الوزارة قررت السير قدمًا في المشروع وعدم الالتفات للانتقادات التي تلاحقها بإعلانها توفير مالي جديد بنحو 263 مليون جنيه لـ352 مستفيدًا من صغار المربين في إطار المشروع القومي للبتلو، الذي تعتبره الدولة واحدًا من أهم مشروعاتها للأمن الغذائي.

8 مليارات تمويلات دون جدوى

المشروع القومي للبتلو ليس ابتكارًا من حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي، فكشف عن المشروع أول مرة عام 1983، لكنه تعثر مرارًا، حتى أعادته حكومة رئيس الوزراء الأسبق، كمال الجنزوري، بعد ثورة 25 يناير 2011، قبل أن يتوقف، ثم يُعاد تشغيله عام 2017.

ووفقًا لبيانات وزارة الزراعة وصل إجمالي تمويلات المشروع منذ انطلاقه في عام 2017، حتى الآن أكثر من 8 مليارات و40 مليون جنيه، لنحو 42 ألفا و760 مستفيدا، لتربية وتسمين ما يزيد عن 493 ألف رأس ماشية، دون تحقيق استفادة تذكرة على مستوى الأسعار في السوق المحلي.

وسجلت أسعار بيع اللحوم للمستهلكين زيادة مطردة خلال الأشهر الماضي، حتى وصلت ما بين 250 و400 جنيه، في ظل موجة تضخم مستمرة بلغت نسبتها حسب آخر إحصائية رسمية 36.8% في يونيو الماضي، مقابل 14.7% للشهر نفسه من العام الماضي.

الحكومة تنفي فشل مشروع البتلو

مجلس الوزراء شدد في بيان رسمي نهاية العام الماضي، بعد الاتهامات التي لاحقت الحكومة بفشل المشروع، على أنه أسهم في زيادة رؤوس الماشية والألبان بالأسواق، وتخفيض معدلات الاستيراد والمحافظة على الثروة الحيوانية من الإهدار.

وفي بيان رسمي آخر، أكد نائب وزير الزراعة للثروة الحيوانية والسمكية والداجنة، مصطفى الصياد، أن وزارة الزراعة تعمل على توفير جميع أوجه الرعاية البيطرية والصحية ودراسة أي مشكلات تواجه المستفيدين من المشروع القومي للبتلو على أرض الواقع والعمل على تذليلها في مهدها، عبر تكثيف المتابعات الميدانية.

في حين، يرى الكثيرون أن المشروع القومي للبتلو كان ناجحا في بدايته، ثم تراجع ولم يحقق زيادة إنتاج اللحوم ولا كبح الأسعار، بسبب ارتفاع نسبة الفائدة في البنوك وزيادة تكاليف الأعلاف وانتشار مرض الحمى القلاعية وإغراق الأسواق باللحوم المستوردة والدواجن المجمدة.

غياب العدالة في التوزيع

ويؤيد وجهة النظر السابقة نقيب الفلاحين، حسين أبوصدام، مؤكدا أن المشروع لم ينجح على أرض الواقع، ولم يحقق الهدف المرغوب منه كما هو متوقع. لكنه في الوقت نفسه حقق بعض الأهداف، تتمثل في أنه حافظ على الثروة الحيوانية -نوعاً ما-، ورفع بعض الأعباء عن المربين.

وقال "أبو صدام" لـ«ذات مصر»، إن تكلفة المشروع لم توزع بالشكل الصحيح، متابعًا: "في ناس خدت ملايين، لأهداف تانية بخلاف المواشي، للاستفادة من نسبة الفائدة البنكية الصغيرة، بعض الشركات والعملاء وأصحاب الحظائر حصلوا على أموال كبيرة، لم تستخدمها لتنشيط الثروة الحيوانية.

وأوضح أن المشروع وُجّه لصغار المربين، وكان لابد أن يكون في وضع أفضل، مضيفًا أنه كان يجب توجيه أموال المشروع بالقدر الكافي وليس بأن يتم "إعطاء الملايين"، حتى يحد من عمليات استغلال المشروع، مشيرًا إلى أنه كان من الممكن إعطاء البهائم بدلاً من الأموال.

مسؤولية الفشل

وحمّل وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، ياسر عمر، وزارة الزراعة في مايو الماضي مسؤولية عدم تحقيق المشروع القومي للبتلو الهدف منه، وهو تخفيض الأسعار، مؤكدًا أن مليارات الجنيهات صرفت على المشروع من دون جدوى، ولا بد من مراقبة ما تم صرفه للمشروع.

وقال "عمر" في مداخلة هاتفية لبرنامج "على مسئوليتي" على فضائية "صدى البلد"، إنه لابد من مراقبة مشروع البتلو الذي تكلف مليارات الجنيهات، مضيفًا أن مشروع البتلو لم ينجح في تحقيق الهدف منه بتخفيض أسعار اللحوم، بعدما كلّف الدولة مليارات الجنيهات. مضيفًا أن معدلات تربية الماشية انخفضت بنسبة 50%.

من جانبه أكد سعيد زغلول، عضو شعبة القصابين بغرفة الجيزة التجارية: "إحنا معندناش تنمية ولا ثروة حيوانية حقيقية في البلد، كله على الورق، كلام جميل أوي على الورق، لكن في الطبيعة مفيش عندنا ثروة حيوانية".