أحمد عطا يكتب: «المارينز» الأمريكية وحرب الممرات المائية

ذات مصر

فاجأتنا إدارة بايدن خلال الأيام الماضية بالدفع بأعداد ضخمة من مشاة البحرية الأمريكية، وذلك بعد الانسحاب الناعم من منطقة الشرق الأوسط تاركة خلفها أعدادا ضخمة من العملاء والارتكازات الجهادية المتطرفة التي تنتشر بنظام المتوالية العددية في عدد من البلدان الأفريقية والآسيوية في إطار ما يعرف بالجبهات الجهادية المتوحدة، ولكن فسر الخبراء العسكريون ذلك بأن السفن الأمريكية لم تعد تثير حالة من الدهشة والترقب كما كان في تسعينات القرن الماضي، في إطار فرض السيطرة الأمريكية على الممرات المائية بهدف الحصول على حزمة من المليارات الضخمة من دول الخليج، تحت مسمى الحماية المطلقة من طموحات وتوسعات الحرس الثوري الإيراني، وتهديده الدائم لحركة التجارة العالمية وقتها.

ولكن الآن المشهد السياسي الدولي دخل فيه أكثر من لاعب دولي، فلم تعد الولايات المتحدة الأمريكية تملك العصا السحرية التي ترفع بها شأن ومكانة دول وتحط من دول أخرى كنوع من العقاب الروماني، ولكن بالوقوف حول كواليس كثيرة لأطراف عربية و دولية، نجد أن معادلة الهيمنة وفرض السيطرة أصبحت يتحكم فيها أطراف كثيرة، نجد دول الخليج وهي الرقم المهم في المعادلة السياسية الدولية صارت تتحكم في قواعد اللعبة، ولم تعد مجرد ماكينة صرف للولايات المتحدة الأمريكية أو غيرها.

سنجد اولاً الندية تتصدر المشهد السياسي لدول الخليج، السعودية الآن تتمتع بميزة مطلقة، وهي وفرة رؤوس الأموال بعد أن صعدت الحرب الروسية الأوكرانية بسعر برميل البترول لمستويات سعرية غير مسبوقة، جعلت السعودية تتحرك نحو مشروع عالمي، وفي مقدمتها  أكبر مدينة صناعية في العالم بشراكة صينية وألمانية، كما أن ولي العهد السعودي أسقط عن السعودية أي اتهامات دولية ترتبط بالحادي عشر من سبتمبر، عندما دشن أول وزارة للترفيه، وهي الوزارة التي أيضاً حرمت دولة الإمارات من كعكة سياحية خليجية رفيعة المستوي تبلغ ٨٥ مليار دولار، كانت تدخل في المحفظة المالية لمدينة دبي، وهو ما جعل حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد يفكر في آليات أخرى يحافظ بها على سمعة دبي السياحية.

 أما الإمارات وهي لاعب مهم وقوي مع أطراف دولية نظرا للخبرة السياسية والعلاقات الواسعة التي يتمتع بها رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، فقد توسع في شراء أسهم الشركات الناجحة والمعززة بأرقام غير مسبوقة في ميزانيتها من كل دول العالم، لتعويض الآثار السلبية للحرب الروسية الأوكرانية، بجانب أن الخزين النفطي سينضب بحلول عام ٢٠٥٠، أي بعد ٢٦ عاماً من الآن، وهو ما دفع الإمارات إلى أن تتوسع في أنشطة مختلفة داخل القارة الأفريقية من خلال شراكة دولية، هذا بجانب فتح قنوات اتصال مع روسيا وإيران والصين دون أن تستأذن أو تخاف من قلب الكون، الولايات المتحدة الأمريكية. 

ولكن يبقى الصراع والتقاتل على ثروات القارة الأفريقية هو الأهم بالنسبة لأمريكا، أمام اللاعب النشط والمنافس الشرس، وهو الصين التي وضعت يدها على ٧٠٪؜ من الذهب في أفريقيا بشراكة روسيا، وهو ما جعل البحرية الأمريكية تزف خبر قدومها داخل الممرات البحرية تحمل على ظهر سفنها حزمة من الطائرات المسيرة التي تعمل لأول مرة بتقنيات معقدة في حماية المصالح الأمريكية، وتضيق الخناق أمام روسيا والصين، وليس الوقوف أمام اللاعب القديم وهو إيران التي تركت لها أمريكا نهب الاقتصاد العراقي، من خلال شركات الحشد الشعبي، تعويضاً عن العقوبات الأمريكية التي فرضتها أمريكا بشكل مرحلي بهدف الهيمنة والحصول على حزمة مليارات غير معلنة من الخليج، خلال السنوات الماضية، أي أن إيران كانت الچوكر الذي ترفع به الولايات المتحدة الأمريكية سقف طموحاتها داخل دول الخليج، لهذا ينتظر العالم حربا جديدة بالوكالة ستجري على الملاعب الأفريقية خططت لها الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام ٢٠٠٥، بعد أن نضبت الثروات المعدنية والطبيعية داخل القارة البيضاء العجوز .