بعد ثورة الانتقالات.. هل يتحول الدوري السعودي إلى «مقبرة نجوم» أم قبلة للجمهور؟

ذات مصر

تعمل الأندية الكبيرة في الدوري السعودي المعروف باسم "دوري روشن"، على استقطاب العديد من نجوم كرة العالمية، واقتحام صفوف الدوريات العالمية الكبيرة، من خلال استعراض القوة المالية، وتوقيع عقود سخية واعتماد صفقات تاريخية.

خطوات المملكة تقابل بانتقادات تتهمها بإفساد الكرة عالميًا وعدم قدرة دوريها على مساعدة النجوم الجدد على التألق ما يحوله «مقبرة نجوم»، لكن الجهة المقابلة ترى أن خطة المملكة ستستقطب المشاهدين في العالم إلى حدودها وتغير النظر النمطية عن المنطقة عمومًا والمملكة خصوصًا.

صفقات مليارية

وشكلت صفقة انتقال النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو إلى صفوف نادي النصر السعودي ثورة في تاريخ الانتقالات، فبهذا تكون السعودية الدولة الأولى خارج أوروبا، التي تنجح في ضم والاستفادة من خدمات النجم العالمي الفائز بالكرة الذهبية كأفضل لاعب في العالم 5 مرات، بموجب صفقة تاريخية بلغت قيمتها نحو 200 مليون دولار سنويًا.

ومنذ إعلان نادي النصر السعودي انضمام "الدون" إلى صفوفه، توالت الإعلانات "المزلزلة" عن ضم نجوم الساحرة المستديرة، كان آخرها إعلان نادي الهلال السعودي، تعاقده مع المهاجم البرازيلي نيمار، القادم من سان جيرمان، في صفقة تكلف الزعيم أكثر من 100 مليون يورو سنويًا.

لما تقتصر القائمة على النجمين لكنها امتدت إلى أسماء بارزة أهمها انتقال مهاجم ريال مدريد السابق، كريم بنزيما، وجناح ليفربول وبايرن ميونخ السابق، ساديو ماني إلى نادي الاتحاد، بالإضافة إلى لاعب تشيلسي نجولو كانتي، ولاعب سيلتك الإسكتلندي، جوتا.

وضمت القائمة أسماء أخرى، مثل لاعب تشيلسي السابق، خاليدو كوليبالي، ولاعب فريق زينت، سيرجي ميلينكوفيتش سافيتش، ولاعب إنتر الإيطالي، مارسيلو بروزوفيتش، ولاعب فريق لانس، سيكو فوفانا، بخلاف لاعب ستراسبورج، حبيب ديالو، وحارس تشيلسي، إدوارد ميندي، ومهاجم ليفربول، روبيرتو فيرمينو، وغيرهم.

اللاعبون السعوديون في خطر

وأحدثت صفقات الانتقال الكبيرة إلى الدوري السعودي تساؤلات كثيرة عن أهدافها ومدى تأثيرها على الدوري السعودي، وسط انتقادات واسعة لهذه الصفقات.

ووفق موقع "ترانسفير ماركت" الرياضي الشهير، فإن نحو 27.3% من النشطين في الدوري السعودي محترفون أجانب، في حين قد تشهد الأيام القادمة، انتقال مزيد من النجوم العالميين للعب في الأندية السعودية.

وكان الاتحاد السعودي لكرة القدم، قرر السماح لأندية الدوري، بتسجيل عدد مفتوح من اللاعبين الأجانب، بحد أقصى 8 لاعبين، قبل الخامس عشر من سبتمبر المقبل، وهو الرقم الذي يمثل نحو 73% من عدد اللاعبين الذي يخوضون المباراة فعليًا بخلاف البدلاء.

ويرى متابعون أنه مع زيادة عدد اللاعبين الأجانب، في الفرق السعودية، فإنَّ اللاعبين السعوديين، سيتحولون بمرور الوقت إلى لاعبين احتياطيين لهؤلاء النجوم، وهو ما يتناقض مع ما يقوله المؤيدون، عن إسهام الفكرة، في تحسين مستوى اللاعبين المحليين السعوديين.

دوري روشن ينافس الليغا والبريميرليج

يأتي الهدف من وراء انتقال لاعبين عالميين إلى الدوري السعودي، من سعي المملكة إلى أن يكون (دوري روشن) أحد أفضل 10 بطولات في العالم، بحسب وزير الرياضة السعودي عبد الله بن تركي الفيصل.

ويضيف الوزير السعودي أنَّ الملايين، التي جري إنفاقها ضمن المشروع، لا تتساوى مع القيمة السوقية للدوري السعودي، التي تضاعفت ثلاث مرات، ووصلت لحوالي 8 مليارات ريال، ومن المتوقع أن تتضاعف أكثر من خلال دمْج الإيرادات التجارية، واستثمارات القطاع الخاص.

لكن المنتقدين لهذه الصفقات الكبيرة، يرون في صفقات شراء اللاعبين هدرًا للأموال، وبأن هؤلاء اللاعبين لا يملكون القدرة على إعطاء المزيد، وسيشهدون نهاية مشوارهم الكروي في الدوري السعودي، المصنف في المرتبة الـ54 عالميًا، في كرة القدم وفق الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".

انتقادات الغرب.. وأخطاء المملكة

وانتقد رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، ألكسندر تشيفرين، استراتيجية الأندية السعودية لجذب نجوم كرة القدم، مشيرًا إلى أن اللاعبين مع اقتراب نهاية مسيرتهم يرغبون بكسب المال.

ورأى رئيس "يويفا"، في تصريحات لموقع "يورو سبورت"، أن هذه الانتقالات خطأ في كرة القدم السعودية بشكل أساسي، مشيرًا إلى أخطاء الصين عندما أحضروا لاعبي كرة القدم الذين كانوا في نهاية مسيرتهم، كما قال.

وأضاف أن الاستثمار في الأكاديميات الرياضية، وإحضار المدربين وتطوير اللاعبين، هو الذي يطور كرة القدم وليس شراء لاعبين اقتربوا من نهاية مسيرتهم المهنية.

وطالب لاعب مانشستر يونايتد السابق، غاري نيفل، بوقف صفقات الأندية السعودية بأية طريقة مدعياً أن «المال السعودي» سيتسبب بضرر كبير للأندية الإنجليزية على وجه التحديد.

ووصف اللاعب السابق لنادي ليفربول ومحلل قناة سكاي سبورتس، جيمي كاراغر، الصفقات السعودية بالنزيف، واتهم أصحابه بممارسة غسيل الأموال. في حين أعربت شبكة بي بي سي البريطانية في تقاريرها عن قلقها على مصير الدوريات الأوروبية، ودوري الأبطال.

وقال لاعب برشلونة السابق خوان كارلوس هيريديا، إن الذهاب إلى المنطقة العربية، في هذا العمر، يشبه الذهاب إلى مقبرة كرة القدم وهناك ستنتهي مسيرته، مضيفًا أن رونالدو لم يعد يُذكر كثيرًا منذ انتقاله إلى الدوري السعودي.

انتشار عالمي.. وثورة إقليمية

تظهر التأثيرات الإيجابية بداية في بدء اهتمام الصحف العالمية بأحداث الدوري السعودي لكرة القدم، ولفت أنظار العالم إليه، وبسبب هذه الصفقات تعاقدت 37 قناة في 125 دولة لنقل مباريات الدوري السعودي، وفق ما ذكرته صحيفة "الرياضية" السعودية.

يرى مؤيدو تلك الصفقات في المملكة العربية السعودية، أنه بجانب جدواها الاقتصادية الكبيرة، تنطوي على فوائد وإيجابيات في الجانب الرياضي، وأن السعودية في طريقها لتغيير صورة كرة القدم في المنطقة العربية، والشرق الأوسط، عبر ترسيخ دوريات أكثر احترافية.

 كما يرون أن الدوري السعودي، أصبح يضم الآن نجومًا عالميين، وهو ما سينعكس بالتأكيد على اللاعبين السعوديين، الذين سيلعبون مع هؤلاء النجوم، مما يساهم في رفع مستوياتهم، وصقل تجاربهم، وهو ما يفيد في النهاية المنتخب السعودي لكرة القدم من وجهة نظرهم.

من جانبهم، رأى معلقون رياضيون أن تجربة السعودية، قد تختلف عن تجارب العديد من الدول العربية، إذ من المعروف أن دولاً أخرى مثل مصر ودول المغرب العربي، تشهد ظاهرة لعب بعض لاعبيها في أندية أوروبية، وهو ما يسهم في نقل الخبرات إلى مُنتخباتها، لكن الحالة السعودية، وحيث يندر وجود لاعبين سعوديين في الخارج، فإن الدولة تأتي بهؤلاء الأجانب إلى السعودية.