بعد صافيناز كاظم.. مثقفون وكتاب اضطروا لبيع مكتباتهم الخاصة

ذات مصر

أثارت الكاتبة صافي ناز كاظم، جدلًا واسعًا خلال الأيام الماضية بعد عرضها مكتبتها للبيع مقابل مليون جنيه، حيث فوجئ المتابعون بمنشور للكاتبة تعلن فيه: "لمن يقدر ويهتم مكتبتي كلها للبيع بمليون جنيه".

وبعد ساعات قليلة تراجعت "كاظم" عن العرض في منشور آخر، بسبب غضب ابنتها الكاتبة الصحفية نوارة نجم، وكتبت: "نوارة بنتي زعلت، ولذلك أسحب العرض"، ولعل هذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها كاتب عن بيع مكتبته الخاصة، دون إبداء أسباب للبيع.

ما قامت به كاظم  فتح باب الحديث عن أزمة أصحاب المكتبات الخاصة، وما يدفعهم قديمًا وحديثًا لبيعها، أو التبرع بها، أو التخلي عنها.

أسباب بيع الكتب

في تاريخنا روايات كثيرة عمن باع كتبه من الكتاب والمثقفين، بسبب محنة أو أزمة مادية، وهذا سبب يغلب على حالات البيع، وأحيانًا يبيع أبناء صاحب المكتبة الخاصة مكتبته بعد وفاته، ولا يكون لهم أدنى اهتمام بالكتب.

وهؤلاء الأبناء، كثيرًا ما يبيعون الكتب بأثمان بخسة، إلا إذا كانوا أصحاب معرفة بما لدى أبيهم فيحسنون البيع، وهذا نادر في حال الأبناء بوجه عام، وكم من كاتب أو مثقف يموت، وتجد ورثته يبيعون كتبه بالكيلو، بل ربما يدفعون لمن يخلصهم منها مالًا.

وينظر كثير من الأبناء، غير المهتمين، إلى المكتبة التي وقعت تحت يده بوصفها أشياء رثة وقديمة، وتشغل حيزًا من البيت، لذا وجبت مكافأة من يخلصهم منها.

الضائقة المالية

قد يمر بعض المثقفين بضائقة مالية يضطر على إثرها إلى التخلص من المكتبة لتعود عليه بما يسد حاجته من متطلبات الحياة، وقد يصاب بعضهم بحالة من ضيق النفس أو الصدود عن الحياة العامة، سواء فيما يتعلق بالكتابة أو القراءة، فيكون زاهدًا في الكتابة أو القراءة.

العقّاد وأنور الجندي

مرّ كثير من المثقفين على مدار التاريخ بضوائق مالية اضطروا بسببها لبيع مكتباتهم أو جزء منها، ومن أشهرهم في هذا العصر،  أنور الجندي، والكاتب الكبير عباس محمود العقاد، فقد لجأ الأخير يومًا لبيع بعض ما اقتناه في مكتبته، لسد حاجاته الأساسية.

وكانت صفقات البيع هذه تقام سراً، لشعور المثقف بالخجل من فعلته، فقد صعُب على العقاد أن يبيع كتبه بنفسه، فيعطيها لمن يبيعها له، وذات مرة سأل العقاد صاحبه، بعد استلام المال: لأي جهة بعت الكتب؟ فأجابه: سور الأزبكية، فغضب العقاد، وقال: أكتبي أنا تباع على السور؟ لو سمحت اذهب فرد المال لصاحبه، واسترد كتبي، فمنعه رغم فقره أن يبيع كتبه بهذا الشكل.

أسباب أخرى لبيع المكتبات

أسبابٌ أخرى استجدت في عصر الإنترنت، ليس من بينها الفقر أو الحاجة المادية، ولكنها تتعلق بالتقنيات الحديثة ووسائلها، أو الحاجة إلى التخلص من "زحمة الكتب".

فقد أتاحت التكنولوجيا وسائل جديدة للقراءة والكتب، وهناك الموسوعات الشاملة على الإنترنت، فما الداعي إلى تخزين الكتب الضخمة الكثيرة في البيت، بينما هي موجودة على الإنترنت، وتستطيع الوصول إليها من أي مكان.

واستطاعت فئة كبيرة من القراء التأقلم مع النسخ الرقمية والكتب "المُبَدّفَة"، وقد أخرج كثير من هؤلاء لبيع كتبه التي "تزحم" المكان، ولم يعودوا يمتلكون إلا الكتب الجديدة التي لم تنزل على النت، وتوجد الآن قنوات ومجموعات على النت تصور الكتب الورقية وتنشرها أولاً بأول.

جعلت هذه المستجدات عددًا من القراء والمثقفين يستغنون عن النسخة الورقية، مما جعلت القائمين على دور النشر يفكرون في وسائل جديدة توفر عليهم ورق الطباعة، وتصل بالكتب إلى القارئ الذي يهوى القراءة عبر الوسائط الرقمية.