هوس العلامات التجارية.. كيف تغازل البراندات الجماهير الفقيرة؟

ذات مصر

تزايد التسابق في السنوات الأخيرة من أجل شراء البراندات التي بالطبع تفوق أسعارها مستويات الدخول في البلدان النامية، لذا تعتمد العلامات التجارية على طرق كثيرة لجذب المستهلكين الفقراء أمثالنا، ومغازلة احتياجاتنا اعتمادا على «هوس» العلامات التجارية.

هوس العلامة التجارية

يستعرض الكاتب كيلي في مقاله بموقع Interbrand العالمي عام 2020، الفرق بين المنتج والعلامة التجارية، ولتقريب الصورة يطرح مثالًا واقعيًا يبسط الفكرة ويتحدث المثال عن سلسلة محلات ستاربكس.

يقول كيلي في مقالته: “معظمنا نحب القهوة، ونشربها صباحًا قبل الانطلاق إلى العمل.. في المحال العادية سعر كوب القهوة لا يتجاوز الدولار، لكن في ستاربكس يبدأ من 4 إلى 15 دولارًا، ومع أننا قبل ظهور ستاربكس كانت نكهة القهوة لمعظمنا موحدة؛ ولا يوجد قهوة لاتيه أو إسبريسو”.

وتساءل الكاتب عن كيفية استطاعة محال ستاربكس من خلال القهوة فقط أن تصبح من أغلى العلامات التجارية على وجه الكرة الأرضية بقيمة سوقية بلغت 11.246 مليار دولار.

ستار بكس

مقالة كيلي تبرز أن القهوة هي المنتج والمحال ستاربكس هي العلامة التجارية، وأن الجميع يحب المنتج (القهوة) الذي يحتوي على نسبة عالية من الكافيين الّتي تساعد على التركيز ورفع الإنتاجية، كما أن شعور الإمساك بكوب ساخن من القهوة له جاذبية خاصة، ولكن تجربة شرب القهوة في محلات ستاربكس رائعة.

لحظة الدخول إلى المحل وطريقة التعامل والأجواء الجميلة والمفعمةُ بالنشاط والحيوية، وحتى التنوع الكبير في أنواع القهوة يجعلنا نرغب في تجربتها وهكذا من تفاصيل حتى لحظة مغادرتنا للمحل جميع هذه النقاط تستحق -من وجهة نظر الكاتب- هذه الزيادة في سعر القهوة.

إذا كانت لديك علامة تجارية قوية -علامة تجارية يُنظر إليها على أنها رائدة في مجالها- فيمكنك أن تطلب سعرًا أعلى من المتوسط وبذلك تعزز رأس المال الخاص بشركتك وتتجنب أيضًا أن تصبح مجرد منتج. أما إذا كان منتجك أو خدمتك ليس لديه علامة تجارية وهو بمستوى جودة المنافسين، فأنت تقدم مجرد منتج عادي وستصبح المنافسة في هذه الحالة على السعر فقط إذ لا يمكنك لفت أنظار المستهلكين إليك سوى بخفضِك للسعر، وهذا يؤدي إلى انخفاض هوامش الأرباح وجعل شركتك تتسابق للوصول إلى الهاوية وبالتأكيد ستكون النهاية محتومة.

إذا أردنا ضغط فكرة العلامة التجارية بجملة واحدة وواحدة فقط فستكون حتمًا "خلق تجربة لا تُنسى" إن أي علامة تجارية ناجحة لا تهدف لإشباع حاجات أو متطلبات معينة فقط، وإنما عيش تجربة، وهنا يتضح أن جميع الشركات الكبرى وأصحاب العلامات التجارية العالمية تدرس جيدًا سلوك المستهلكين بكافة شرائحهم ونقاط ضعفهم لتعبر إليهم من خلالها و تحقق اقصي أرباح ممكنة.

كيف تسيطر الشركات على المستهلكين؟

ليس هذا فقط بل إنها أصبحت توجه سلوك المستهلك إلى ما تريد تحديدا بما يعظم أرباحها وهو بالطبع نجاح لها وفشل لدى المستهلكين بفهم نمط جذبهم وجعلهم يدفعون كل ما لديهم.

ومن العوامل الهامة التي تمكن الشركات الكبرى من ذلك هو عدوى الشراء التى يصاب بها الناس خاصة في المولات عند مشاهدة تجمع من الناس علي احد العلامات او المنتجات يحفز رغبة الشراء وعدم فقدان الفرصة.

يساعدنا استخدام الاختصارات الذهنيّة علي سرعة اتخاذ قرار عملية الشراء حتي إن كان منتج لا نحتاجه، يمكِن أن تؤدِّي هذه الاختصارات إلى افتراضات غير صحيحة وأخطاء مُكلِّفة. في واقع الأمر، بعض هذه الافتراضات أساسيّة بالنسبة للتسويق؛ ومنها -على سبيل المثال- استراتيجية العلامة التجاريّة (brand)، لأنّنا في هذه الحالة نفترض أنّ المنتجات ذات العلامة التجارية الواحدة يحتوي  على مستوى مماثل من الجودة.

لكن الافتراضات الأخرى أقل موثوقية عندما نضع افتراضات غير صحيحة، تقودنا إلى التفكير بشكل إيجابي حول شيء ما. ومن هنا، فإن العروض المثيرة في واجهات المحلات التجارية التي تخطف أنظارنا غالبا ما تجعلنا نفترض أن المقتنيات الأخرى الموجودة داخل المتجر هي بالقدر من الإثارة والسخاء نفسه. 

استراتيجية التسويق مقابل خطة التسويق

لا يوجد فكرة تسويق واحدة ستدفع كل العملاء لعتبة باب محلك او صفحة متجرك الالكتروني يجب أن تستخدم مزيج من الاستراتيجيات والخطط  التسويقية المناسبة لجذب العملاء والاحتفاظ بهم، سواء كنت تبيع منتجات أو خدمات

غالبا ما يستخدم الناس مصطلحي  استراتيجية التسويق وخطة التسويق  بالتبادل  لكن في الواقع  هما عمليتان مختلفتان، بحسب خبراء التسويق.

تصف خطة التسويق الإجراءات الملموسة وأساليب التسويق المتخذة لاستكمال حملة تسويقية  بينما تحدد استراتيجية التسويق الصورة الكبيرة لجهود التسويق  مثل الجمهور المستهدف للأعمال التجارية وطرق عرض قيمة منتجاتهم للعملاء.

ذكاء استراتيجيات الشركات الرائدة

هناك عدة استراتيجيات يتبعها أصحاب الشركات الرائدة في السوق والذين حققوا نجاحات ضخمة. سنذكر منها  أمثلة شركات في السطور القادمة فهناك العديد من الأساليب المختلفة للتسويق مثل التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو تسويق المحتوى  ولكن الاستراتيجيات الأساسية لنمو السوق هي هذه الاستراتيجيات الأربع:

1.     اختراق السوق

2.     تطوير المنتج

3.     تطوير السوق

4.     تنويع

استراتيجية اختراق السوق هي استراتيجية نمو تتضمن بيع المنتجات الحالية إلى الأسواق الحالية و تعتبر الأقل خطورة من بين جميع الاستراتيجيات حيث تعتبر الاستراتيجية عادة أكثر فائدة إذا كان السوق ينمو أو يغير المسوق جهوده الترويجية من خلال قنوات التسويق الحالية

وكمثال على هذا كنت قد اطلعت على  استراتيجية اختراق السوق في حملة ماكدونالدز (أنا أحبه I’m Lovin It)  2003.)

ففي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين واجهت ماكدونالدز هبوطا حادا في أسعار الأسهم  فبدلا من ان يتم انشاء منتج جديد (استراتيجية تطوير المنتج) ركزت ماكدونالدز بدلا من ذلك على جذب العملاء الحاليين في السوق الحالية بحملة إعلانية جذابة وكانت النتيجة حملتهم الناجحة ( أنا أحبها I’m Lovin It) والتي تضمنت أغنية جديدة جذابة غناها جاستن تيمبرليك .

استراتيجية تطوير المنتج

تتضمن استراتيجية تطوير المنتج تطوير منتج جديد لسوق موجود بالفعل عادة  تعتبر أكثر خطورة من استراتيجية اختراق السوق لأنها تتطلب إنشاء منتج جديد تماما.

 من أجل تحقيق النجاح و تتطلب هذه الاستراتيجية  عادة الابتكار ومزيدا من البحث في السوق الحالية بما في ذلك ملامح واحتياجات الجمهور المستهدف.

آبل والسيطرة على السوق

مثال على استراتيجية التنويع هو عندما قدمت شركة Apple أول هاتف iPhone  في 9 يونيو 2007، في ذلك الوقت  كانت شركة آبل جديدة في سوق الهواتف المحمولة  لكنها ابتكرت إضافة مشغل موسيقى ومتصفح ويب إلى هاتفها الجديد المزود بشاشة تعمل باللمس.

وأعلن الرئيس التنفيذي ستيف جوبز أمام جمهور من المراسلين: اليوم ستعمل Apple على إعادة اختراع الهاتف ومن خلال العرض التقديمي حدد جوبز عرض القيمة الفريدة للهاتف للعملاء.

كانت تطمح شركة أبل من خلال منتجها الجديد إلى أن تستحوذ على حصة تصل إلى 1% من سوق الاتصالات العالمية في صراع مع شركات كبرى في هذا المجال وخصوصاً شركات نوكيا وسامسونج، وكانت نتيجة هذه الاستراتيجية في عام 2017 أعلنت شركة آبل أنها باعت مليار جهاز من الهاتف منذ عام 2007 و خلال 2016 فقط باعت 200 مليون هاتف آيفون.

إيكيا وأسرار التعلق بها

منذ نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين أصبحت شركة إيكيا علامة تجارية عالمية مفضلة للأثاث المنزلي والمكاتب بالنسبة لعدد كبير جدًا من العملاء في أغلب بُلدان العالم

وهي معروفة بأسعارها المنخفضة وتصميماتها العملية والأنيقة والتجربة الفريدة داخل متاجرها، وتقدم ايكيا مجموعة واسعة من الأثاث، والأكسسوارات المنزلية، والمنسوجات المنزلية .

في بادئ الأمر كان النمو بطيئًا للغاية، ولكنه ثابت يناسب استراتيجية  كامبراد، والذي أسس دروس تسويقية للشركة، ونُقل عن المؤسس الذي توفي في عام 2018 قوله إنه يريد نموًا طويل الأجل لشركته، ولا تزال الشركة تتبع استراتيجياته حتى اليوم، تحت إشراف ابنيه، وبالتالي تمكنت إيكيا من النمو ماليًا في عام 2019؛ حيث ارتفعت المبيعات بنسبة 5% على أساس سنوي لتصل إلى أكثر من 42 مليار دولار.

وتعتمد إيكيا على إنشاء منزل بسيط؛ ويشجعك الشعور العائلي المنبعث من غرف المعرض على بناء منزل بنفسك تمامًا، ورغم أن تجميع أثاث إيكيا غالبًا ما يمثل تحديًا ويستغرق وقت طويل فإن الشعور بالنجاح عند الانتهاء يجعل الجهد جديرًا بالاهتمام، مع بناء اتصال عاطفي مع القطع التي اختارها تستخدم أثاث ايكيا مواد منخفضة التكلفة مع جودة عالية وتصميمات مريحة للعين.

تركز إيكيا جيدًا على خدمة العملاء عبر الهاتف والإنترنت سواء قبل أو بعد البيع، عبر تقديم خدمة استشارات التصميم، والتسليم والتجميع في منزل العميل، فضلًا عن برنامجها لتأجير الأثاث، وسياسة الاسترجاع والاستبدال «المتحررة»، علاوة على سعيها الدائم للابتكار لجذب نظر العملاء.