تفاصيل صفقة بيع «الشرقية للدخان».. «خطة الحكومة» تهدد سوق السجائر

ذات مصر

قررت الحكومة المصرية التخلي عن الشركة الشرقية للدخان «إيسترن كومباني» بعد نحو 100 عام من سيطرة الشركة على سوق السجائر في مصر بأنواعها المختلفة «كليوباترا وبوكس وسوبر» والتي أصبحت تاريخيًا وجزء لا يتجزأ من حياة أغلب المدخنين في مصر.

بيع الشركة الرابحة.. ونموذج الجزائر

منتجات الشرقية للدخان رغم عدم جودتها مقارنة بالأنواع الأخرى الأغلى سعرًا، تبقى الأقرب لرئة المصريين والمسيطرة على مزاجهم لعقود، فليس غريبًا أن تجد رجلًا في الـ50 أو 60 أو حتى الـ70 من عمره يتمسك بسيجارته القديمة التي نشأ عليها ويرفض حتى «عزومة» من أنواع فاخرة.

صفقة البيع التي كشف عنها، أمس الاثنين، أحدثت جدلًا كبيرًا في سوق السجائر داخل مصر، وأصابته بالقلق أكثر رغم الأزمات والعقبات التي يعاني منها بسبب شح السجائر في المحال والأكشاك، وارتفاعها أسعار بنسبة تتجاوز 80%، فمثلًا «كليوباترا العادية» المسعرة بـ24 جنيهًا تباع حاليًا بـ40 و50 جنيهًا في بعض المناطق.

مخاوف عديدة أطلقها تجار ومنتجو السجائر من احتكار سوق السجائر الشعبية في مصر كما حدث لدولة الجزائر، فشركة «فيليب موريس» العالمية، المتقدمة للاستحواذ على «الشرقية للدخان»، استحوذت على شركة الجزائر للسجائر ورفعت الأسعار فوق طاقة الشعب الجزائري.

أزمة نقص السجائر والصفقة الجديدة

شركة "فليب موريس" تعتزم شراء حصة أقلية من الحكومة في الشركة الشرقية للدخان "إيسترن كومباني" والتي تملك حصة سوقية بنسبة 75% من سوق السجائر، وهو ما قوبل بالرفض، وأثار حفيظة رئيس شعبة الدخان باتحاد الصناعات المصرية، إبراهيم امبابي، واعتبر أن هذا الأمر يمكن الشركة من احتكار سوق السجائر في مصر.

وأشار إمبابي لـ«ذات مصر»، إلى أن الصفقة تفتقد إلى الشفافية والوضوح، متابعًا: «لا استبعد شروع الدولة في افتعال أزمة نقص السجائر لإفساح المزيد من المجال  للشركة للحصول على السيولة المناسبة لسداد مديويناتها بعد فشلها في تحقيق حصيلة مناسبة من الدولار ات من بيع الأصول، والتي لم تتجاوز الـ1.9 مليار دولار، خاصة وأن أصولها تزيد عن 50 مليار دولار.

خطة الحكومة بدأت قبل عامين

وتستحوذ الشركة الشرقية على حصة سوقية قدرها 72%، تليها شركة فيليب موريس بنسبة 22%، والحصة الباقية والتي تبلغ 6% موزعة على كل من بريتش توباكو وجي تي أي اليابانية وهى نسبتها بسيطة، وتمتلك الحكومة نحو 51% من الشركة الشرقية للدخان.

وأوضح "امبابي" أن استحواذ شركة فيليب موريس على الأقلية، يأتى في غيبة من قانون المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، مردفًا: "البيع هو منجم ذهب لشركة فيليب موريس وخراب بيوت للدولة، وبداية استحواذ أكبر شركة للتبغ  فى العالم، هيأت له الدولة منذ عامين عندما حصلت (فيليب موريس) على الرخصة لإنتاج السجائر الشعبية والإلكترونية  مقابل نحو 450 مليون دولار.

وتنتج  الشركة الشرقية للدخان نحو 83 مليار سيجارة سنويًّا، و17 ألف طن من المعسلات، وتساهم في حصيلة الدولة، فالضريبة على كل علبة سجائر تتراوح مابين 75 إلى 78% والباقية من نصيب الشركة.

استحواذ دون مزايدة

وأسست الشركة المتحدة للتبغ موريس والتى امتلكت فيها شركة الشرقية للدخان حصة 24% من أسهمها وفقا لشروط الترخيص، وكانت شركة بريتش امريكان توباكو وأدخنة النخلة والمنصور الدولية للتوزيع انسحبت من المزايدة التى أجرتها مصر بشأن الحصة.

ينص اتفاق الشرقية للدخان مع فيليب موريس بشأن الشركة الجديدة، أنه فى حال تملك أي من شركات التبغ العاملة فى مصر أو خارجها 10% من أسهم الشرقية للدخان يحق لفليب موريس شراء حصة الشرقية للدخان فى المتحدة للتبغ بالقيمة الإسمية بالإضافة إلى 108 ملايين دولار، وهو ما يساوى 24% من قيمة الرخصة.

وتسعى "فيليب موريس" الآن للاستحواذ على حصة الشرقية للدخان بدون مزايدة أو إعلان صريح من جانب الشركة أو الدولة.

يذكر أن الشركة الشرقية للدخان يصل عمرها إلى 98 سنة وتضم 14 ألف عامل وتعمل في صناعة 5 منتجات رئيسية، وهي السجائر، والمعسلات، وسيجار مصنوع يدويا، ودخان غليون ودخان شعر" لف".

كما تمتلك الشركة أصول مبنى إداري في محافظة الجيزة ومصنع بمدينة أكتوبر على مساحة 365 فدانًا، ويوجد مصنع بالإسكندرية في الرصافة للسيجار، ويعمل بمعدل 20 مليون سيجارة يوميًا بجانب المعسلات، بالإضافة إلى مصنعين أحدهما في أبو تيج لمحافظة المنوفية تنتج المعسلات، و350 مركز توزيع للشركة في أنحاء الجمهورية لتكون ثاني مورد رئيسي للدولة بعد قناة السويس.

تفاصيل عملية البيع

أرسلت الشركة الشرقية للدخان إيسترن كومباني إلى قطاع الإفصاح في البورصة المصرية مذكرة تفصيلية بشأن تداول أخبار عن بيع جزء من الشركة لشركة فيليب موريس.

وأكد محمد عبد الرحمن مدير علاقات المستثمرين بالشركة الشرقية للدخان، أن الشركة  تواصلت مع المساهم الرئيسي للشرطة القابضة للصناعات الكيماوية بخصوص الأخبار المتداولة ببيع جزء من أسهمها إلى مستثمر أجنبي.

وأفادت الشركة القابضة للصناعات الكيماوية بأنه تنفيذاً لتوجيهات الدولة بشأن برنامج طرح الشركات المملوكة للدولة بالبورصة المصرية بهدف توسيع قاعدة الملكية وتنشيط التداول والاستفادة من عوائد طرح الأسهم فى عمليات التطوير والتحديث وإعادة الهيكلة.

وأشارت إلى تلقي الشركة القابضة للصناعات الكيماوية عدة عروض من مستثمرين أجانب لشراء حصة لا تتجاوز 30% من إجمالي حصتها والبالغة 50.95%من اسهم الشركة الشرقية للدخان، مبينة أنه جاري حاليا دراسة هذه العروض والتفاوض مع مقدميها لاختيار افضلها، مع العلم ان تنفيذ  الصفقة مرتبط بإجراء الفحص النافي للجهالة وسيتم الإفصاح بمجرد الاستقرار على العرض المناسب.

محاباة الحكومة

يذكر أن الشركة اليابانية وفيليب موريس، تقدما بعروض لشراء 30% من أسهم الشركة الشرقية للدخان والعرضين مازالوا في إطار الفحص من الجهات المختصة، وفقًا لرئيس شعبة السجائر والدخان باتحاد الصناعات، إبراهيم إمبابي

وشدد رئيس شعبة السجائر، إبراهيم امبابي، لـ"ذات مصر"، على أن لن يتهاون أو يصمت إذا أيقن أن الحكومة تحابي شركة على مصلحة شركه أخرى، مردفًا: "لن أسكت وساعتها سأظهر  كل ما لدي بشأن مفاوضات".