حرب بالوكالة بين الأكراد والعرب بدير الزور السورية.. ما دور روسيا وأمريكا وإيران وتركيا؟

ذات مصر

منذ نحو أسبوع تشتعل نيران صراع شمال شرق سوريا، وتحديدًا في دير الزور، حيث يتقاتل حلفاء الأمس؛ العشائر والقبائل العربية السورية، مقابل قوات سوريا الديمقراطية "قسد" ذات الأغلبية الكردية.

ككرة الجليد، تكبر رقعة الاشتباكات شمال شرق سوريا، لتحرق مناطق في "ريف الرقة، والحَسَكَة، وحَلَب"، مع انضمام عشرات المقاتلين من العشائر العربية في إدلب وحلب، إلى المواجهة فيما يشبه استنفارًا عشائريًا في المنطقة.

في مقابل إعلان العشائر سيطرتها على بعض المناطق في الحَسَكَة، وتل تمر، وريف مَنبِج شرق حلب، تحشد ما تعرف بقوات سوريا الديموقراطية المدعومة أمريكيا مقاتليها، وتدفع بتعزيزات كبيرة إلى ريف دير الزور.

وتُحكم قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، ذات الغالبية الكردية، السيطرة على مدينتي البصيرة، والشحيل، على أطراف دير الزور، بعد انسحاب مقاتلي العشائر العربية منهما.

خلافات على النفوذ

يعزو مقاتلو العشائر العربية السورية، أسباب القتال إلى خلافات متوارية على النفوذ، وامتعاض العشائر العربية من قبضة "قوات سوريا الديمقراطية"، التي تهمين على دير الزور.

وتعود الخلافات بين "قوات سوريا الديمقراطية" و "مجلس دير الزور العسكري"، الذي يعد جزءا من ائتلاف ما تعرف بـ"قوات سوريا الديمقراطية" إلى عام 2017، أي بعد سيطرة الأخيرة على دير الزور.

نفط دير الزور

وسعى "مجلس دير الزور العسكري" لإدارة المنطقة التي ينحدر منها مقاتلوه، بعد إخراج تنظيم الدولة منها، لكن "وحدات حماية الشعب" الكردية التي تقود تحالف قوات سوريا الديموقراطية، لم تقبل، بسبب مساعيها إلى إقامة إدارة ذاتية في مناطق الشرق السوري.

ولم يتوقف أهالي دير الزور عن التظاهر، خلال السنوات الماضية، ضد هيمنة "وحدات حماية الشعب" الكردية على المنطقة التي يشكل المكون العربي فيها الأغلبية العظمى.

ووصلت الخلافات ذروتها يوم الأحد الماضي، إذ اندلعت الاشتباكات بعد أن اعتقلت قوات سوريا الديمقراطية أحمد الخبيل المعروف بـ"أبو خولة"، وهو رئيس مجلس دير الزور العسكري التابع لها، وكان من القادة العرب الذين برزوا في هذه القوات.

ووفق محللين، فإن الصراع في الشرق السوري جزء مهم من الواقع السياسي والاقتصادي في المنطقة، فمعظم موارد سوريا النفطية متواجدة فيها، فضلًا عن أنها تعتبر سلة الغذاء السورية.

موقف أمريكا وتركيا وروسيا وإيران

لأمريكا حضور قوي في الساحة السورية خاصة في المناطق التي يتواجد بها البترول وبصفتها قائدة التحالف الدولي، وتتواجد في مناطق سيطرة الأكراد تراقب واشنطن القتال في شمال شرق سوريا، ودعت المتحاربين إلى وضع حد فوري للقتال، والعودة إلى مربع الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".

تُذكر دعوة واشنطن لوقف القتال بأن المتقاتلين كانوا قبل بضعة سنوات، رأس حربة في القضاء على نفوذ تنظيم الدولة وانتزاع آخر معاقله أقصى دير الزور.

أما تركيا، فتعتبر نفسها معنية بأي حرب تكون الوحدات الكردية طرفا فيها؛ فقوات "قسد" تتشكل غالبيتها من "وحدات حماية الشعب" الكردية، وهي الجناح العسكري لحزب الاتحاد الوطني المناهض لتركيا.

ووفق أنقرة، فإن حزب الاتحاد الوطني، هو امتداد سوري لحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه تركيا ودول أخرى في المنطقة، تنظيمًا إرهابيًا.

كما لا يخفى الحضور الإيراني في الساحة السورية والذي قاومته إسرائيل مرارا بقصف أي تمركز إيراني خوفا من الاقتراب الايراني لحدود الأراضي المحتلة ودعت واشنطن مرارا لتقليم الأظافر الإيرانية 

أما الدور الروسي والذي انتشل السلطة السورية من السقوط أمام زحف المعارضة خلال ما سمي بالثورة السورية فلا يخفى على أحد، وتأمل روسيا أن تتسع ساحة المواجهات في تلك البقعة من الأراضي السورية البعيدة عن سلطة نظام الرئيس بشار الأسد حتى تصل لأماكن تمركز القوات الأمريكية 

حرب بالوكالة

اتهمت قوات "قسد" في بيان لها، ما سمّتها بـ"قوى خارجية"، باستغلال القتال الدائر في دير الزور بينها وبين العشائر العربية، قائلةً إن محاولات إظهار الحرب على أنها بين العرب والأكراد "لا تهدف إلا لخلق الفتنة".

وأضافت أن "هناك بعض الأطراف المعادية تحاول عرض هذا الأمر وكأنه خلاف بين الكرد والعرب".

ويرى محللون أن النظام السوري وحلفاؤه (روسيا وإيران) يعملون على تحريض القبائل العربية شرقي سوريا للتحالف معهم من خلال استغلال الصراع القائم، وهو بدوره ما سيلحق ضررًا بالقوات الأمريكية بالمنطقة، والتي لا تريد الرحيل.

ويرى بعضهم أن أميركا منحازة إلى "قوات سوريا الديمقراطية" وتجاريها في بياناتها، مؤكدين أن "قسد" ترفض أن تعمل واشنطن باستقلالية مع العشائر العربية وأن تبقى في صفها.

وفيما تبدو أميركا غير منحازة للعرب، الذين لا يفضلون التعاون إلا معها، هل تستجيب العشائر العربية لضغوط نظام الأسد للتحالف معه؟ وهل تتدخل روسيا وتقاتل الأمريكيين؟