وصية محمد الفايد المثيرة للجدل.. هل يدفن كما أرد أم يخالف الإسلام؟

ذات مصر

أثارت وصية رجل الأعمال المصري الراحل محمد الفايد يوم الجمعة الماضي جدلاً واسعاً حول حرية الإنسان في جسده وما يمكن للشخص أن يطالب به الورثة بعد وفاته، وموقف الشرع من الوصايا المثيرة للجدل.

وصية الفايد المثيرة للجدل 

ورحل الفايد عن عالمنا بعد صراع طويل مع المرض عن عمر يناهز 94 عاماً، ودفن إلى جوار ابنه دودي الفايد -بعد 26 عاما من وفاة نجله في حادث مع الأميرة ديانا- في بارو جرين كورت بمقاطعة سري -وهي عزبة ريفية من القرن السابع عشر تقاسمها مع زوجته هيني واتين.

 

وقد أوصي الفايد في مارس عام 2006  حسب مخرجه الفني بيل ميتشل، بتحنيط جثمانه بعد وفاته كالمصريين القدماء، واستخدام موميائه عقربا في الساعة العملاقة في قمة متجر الفايد الرئيسي "هارودز" في منطقة نايتسبرج اللندنية الراقية.

وأضاف بيل ميتشل: أعتقد أن هذا المشروع سيكون ممتعا للغاية بالنسبة لي شخصيا، لقد اختار الفايد أن يتم استخدام جثمانه المحنط كعقرب للساعة، لكي يبقى في حركة دائمة مع الزمن لسنوات طويلة بعد وفاته.

 وسبق أن قال محمد الفايد إنه لن يعود لمصر إلا بعد وفاته ما يعنى أنه عدل عن وصيته الأولى.

ولد الملياردير المصري محمد الفايد في 27 يناير 1929 بمدينة الإسكندرية، بمنطقة رأس التين من أب  يعمل مدرسًا للغة العربية، والتحق في صغره بأعمال كثيرة، كما عمل عتّالا بميناء الإسكندرية.

تزوج رجل الأعمال المصري من الكاتبة سميرة خاشقجي، وانتقل إلى دبي عام 1960، و عمل في مجال العقارات والتنمية، وفي عام 1975 انتقل الفايد إلى المملكة المتحدة، واشترى فندق ريتز في باريس، ثم سلسلة محلات "هارودز" في لندن عام 1985.

 

 

موقف الإسلام من الوصية

 

وتعد الوصية الحلقة الأخيرة في حياة الإنسان، فبها يمنح أو يهب أجزاء من جسده لآخرين في نطاق التبرع بالأعضاء،  وهذا الأمر مشروع بالكتاب والسنة وإجماع الأمة.

وجاء في القرآن الكريم نص وأضح  بالوصية، فقوله تعالى: ﴿ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ﴾ [النساء: 11]، وقوله سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ ﴾ [المائدة: 106].

 

أما في السنة والتي تعد المرجع الثاني في التشريع الإسلامي بعد القرآن، يؤكد حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده))؛ [البخاري حديث (2738)، مسلم حديث (1627)].

 

وتكون الوصية شروطها أن يوصي الموصي فيما يرضي الله تعالي ولا طاعة له أن يوصي فيما يغضب الله، وهنا تظهر الإشكالية، هل وصية محمد الفايد متسقة مع الإسلام؟

 

حرية الجسد والميراث 

عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، الدكتور فتحي الفقي، أشار إلى أن وصية الميت جائزة ويجب على الورثة تنفيذها ما لم يخالف الميت تعاليم الدين الإسلامي، ويوصي بأمر من الأمور المحرمة شرعًا، والمخالفة للقيم الدينية المعروفة. 

وعن وصية رجل الأعمال الراحل، محمد الفايد، بتحنيط جثمانه بعد موته، قال الفقي في تصريحات لـ«ذات مصر»، إن ما أوصى به الفايد غير جائز شرعًا، وأنه عادة قديمة كان ينفذها المصريون القدماء، ولا يجب الاقتداء بها.

وأضاف عضو هيئة كبار العلماء، إن الإسلام كرم الإنسان حيًا وميتًا، وفرض دفن الإنسان على هيئته وعدم العبث بها، مشددًا على أنه لا يجوز تحنيط جثمان المتوفي بنزع أعضائه كما فعل قدماء المصريين، وحتى لا يحدث فتنة لضعفاء الإيمان بعبادة المومياء أو تعظيمها.

 

وعن تبرع الإنسان بأعضائه بعد موته، بين الفقي أن التبرع بالأعضاء «حلال» بشروط محددة، منوهًا بأنه لا يجوز للمسلم أن يوصي بالتبرع بأعضائه بعد موته سوى بالكلى فقط بشرط موافقة الورثة، وحتى لا يمثل بالجثة كما يحدث في التحنيط.

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء، أنه يجب على الإنسان قبل كتابة وصيته أن يراعي الشروط الدينية الواجب توافرها في الوصية، فلا ينبغي عليه مثلًا أن يوصى ببناء مساجد ليكون صدقة جارية له، ويكون البناء مخالف لقانون الدولة، أو في مكان مهجور، بما يعني ألا تضر الوصية أي إنسان آخر.

وشدد الفقي على أن الشائع لدى الناس أن يوصي بمنح ميراثه من أموال وأطيان بحسب رغبته هو الشخصية ودون الالتزام بالضوابط الشرعية المحددة لذلك، مؤكدًا أنه يجب الالتزام في الوصية بشروط الميراث المنصوص عليها في القرآن الكريم، وعدم تجاوزها حتى لو برغبة منه.