درنة.. مدينة هادئة دمرها تسونامي "دانيال"

مدينة درنة بعد تضررها
مدينة درنة بعد تضررها من إعصار دانيال

"العدد الكبير والهائل من القتلى وجثثهم مشهد مروع في كل مكان وأنا لست مبالغًا عندما أقول إن 25% من المدينة قد اختفى.. والعديد من المباني قد انهارت"، هكذا وصف وزير الطيران المدني في الحكومة الليبية المعينة من قبل البرلمان وعضو لجنة الطوارئ، هشام شكيوات، الوضع الكارثي حينما خطت قدماه مدينة درنة بعدما تعرضت لإعصار دانيال، الذي تسبب في خسائر كارثية.

الإعصار دانيال الذي اجتاح البحر المتوسط الأحد الماضي، ضرب اليونان وتركيا وليبيا، لكن الأخيرة كانت ذات الحظ السيء، إذ دمر الإعصار مدنًا عدة، ومنهم درنة ووصف شكيوات حجم الدمار الذي حل بالمدينة بأنه يشبه تسونامي.

استيقظ سكان درنة الاثنين على أمطار وعواصف، وغمرت الطرق بالمياه ودمرت المبان، وانهارت تجمعات سكنية أخرى على طول الساحل، ووصل الضرر إلى مدينة بنغازي، والتي تعد ثاني أكبر المدن الليبية.

درنة.. مدينة لم تعد هادئة

تقع مدينة درنة على ساحل البحر المتوسط في شمال شرق ليبيا، وتحدها من الشمال البحر الأبيض المتوسط، ومن الجنوب سلسلة من تلال الجبل الأخضر. ويمتد مجرى الوادي في المدينة إلى شطرين، ويُعرف هذا الوادي باسم وادي درنة، وهو أحد الأودية الكبيرة المعروفة في ليبيا.

مع بداية الإعصار، ارتفع منسوب مياه البحر إلى مستويات لم تشهدها ليبيا من قبل، وتسبب ذلك في تدمير الفيضانات السدود وأدى ذلك إلى جرف أحياء بأكملها في المدينة.

يشير شخص إلى الوادي وموقع السد الذي تهدم بسبب الإعصار قائلاً: "كان هناك سد يرتفع 40 مترًا، ولكنه أصبح الآن كتلة من الأتربة كما ترون".

أحد سكان مدينة درنة الساحلية التي ضربها إعصار دانيال قال إنه لم يكن يتخيل أن الأمطار التي نام وتركها أن تظل تهطل حتى تخفي ملامح مدينته تمامًا".

في الوقت الحاضر، الوصول إلى درنة عصيب وشاق، الأمر الذي يحول بين قوات الحماية المدنية والصليب الأحمر والهلال الأحمر في الوصول لإنقاذ الضحايا، فضلًا عن قطع الكهرباء والاتصالات.

عدد ضحايا درنة

أعلن رئيس حكومة الشرق الموازية في ليبيا، أسامة حماد، أن أكثر من ألفي شخص لقوا حتفهم في مدينة درنة الساحلية، وأن هناك آلافًا آخرين في عداد المفقودين.

الأرقام حتى هذه اللحظة متضاربة، لكنها تعبر عن حجم الكارثة، إذ أعلنت جهات حكومية وصول عدد الضحايا لـ ٢٥٠٠ في حين قال متحدث وزارة الداخلية بالحكومة المكلفة من البرلمان الليبي طارق الخراز وصول العدد إلى ٥٢٠٠ قتيل وأن هناك آلاف الجرحى.

وعلى أرض الواقع فإن المدينة المنكوبة تعاني من تضرر البنية التحتية التي يصعب فيها إنقاذ الضحايا، إذ وصف تامر رمضان، رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في ليبيا، الوضع بأنه كارثي، وقال إن عدد القتلى من المرجح أن يكون "هائلا"، وأضاف في تصريحات صحفية: "فرقنا لا تزال تقيم الوضع على الأرض... ليس لدينا حصيلة نهائية حتى الآن، وقد بلغ عدد المفقودين حتى الآن 10 آلاف شخص".

تضامن عربي وعالمي

جاء التضامن من مصر، بعدما أعلنت الرئاسة المصرية حالة الحداد لمدة ثلاثة أيام في مصر تضامنًا مع ضحايا الزلزال في المغرب وإعصار دانيال الذي ضرب ليبيا، وصرح المتحدث باسم الرئاسة أحمد فهمي، بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي أعرب عن تعازيه الخالصة باسمه وباسم الشعب المصري في ضحايا الكارثة الإنسانية في المغرب وليبيا. 

وأمر السيسي القوات المسلحة بتقديم كل أشكال الدعم الإنساني، بما في ذلك فرق الإغاثة والمعدات ومخيمات الإيواء، بالتنسيق مع الجهات الليبية والمغربية.

ووفقًا لبيان المتحدث العسكري، أفإن مصر طلقت جسراً جوياً يبدأ بإرسال 3 طائرات عسكرية تحمل مواد طبية وغذائية عاجلة إلى ليبيا، بالإضافة إلى "25 فريق إنقاذ مجهز بجميع الأدوات لمواجهة التداعيات الناجمة عن العاصفة دانيال، بالإضافة إلى طائرة أخرى لتنفيذ عمليات الإخلاء الطبي للقتلى والمصابين".

وفي السياق ذاته، أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، آن-كلير لوجندر، أمس، أن فرنسا مستعدة لتقديم "مساعدات طارئة" إلى السكان المتضررين في ليبيا.

كما أعلن وزير الخارجية الإيطالي، أنتونيو تاياني، يوم الثلاثاء عبر منصة "إكس" أن إيطاليا ستقدم مساعدات إلى ليبيا، وأشار إلى أنه تم توجيه فريق تقييم بالتنسيق مع الحماية المدنية الإيطالية إلى البلاد.

درنة.. مدينة حاصرها الإرهاب وحطها الإعصار 

تشهد ليبيا حاليًا حالة من الفوضى السياسية منذ الإطاحة بنظام القذافي، الذي حكم البلاد لفترة طويلة وقتل عام 2011.

كانت مدينة درنة في الماضي مسرحًا لنشاط مسلح لتنظيم "داعش" الإرهابي في ليبيا بعد سقوط نظام القذافي، لكنهم طرد بواسطة الجيش الوطني الليبي بقيادة الجنرال خليفة حفتر، المتحالف مع إدارة شرق البلاد.

وفي الوقت الحالي تنتظر درنة ومدن أخرى في ليبيا الدعم العالمي حتى تنجو من الكارثة التي خلفت آلاف الضحايا والمفقودين.