روشتة علاج الاقتصاد المصري.. «القطاع الخاص» وحلول أزمة سيطرة الدولة

ذات مصر

تعاني مصر من أزمة اقتصادية كبرى، أربكت الجميع داخل المحروسة «حكومة ومواطنين»، وطرحت العديد من التساؤلات حول مستقبل البلاد القريب والبعيد، والحلول الممكنة لتجاوز الأزمة الراهنة والابتعاد عن السيناريوهات السيئة لعديد الدول النامية.

الأزمات الاقتصادية في القاهرة، متعددة رغم وضوح الأسباب والتي بدأت بوجود نقص حاد في النقد الأجنبي خصوصًا الدولار، بعد توقف الاستثمارات الخارجية تقريبًا، وانسحاب الأموال الساخنة، ما دفع الدولة إلى تعويم الجنيه أكثر من مرة على مدار العام الماضي، والحديث عن اقتر اب تنفيذ تعويم جديد.

انخفاض قيمة الجنيه مقابل العملات الأخرى، أدى إلى إصدار قرارات لـ«تحجيم الاستيراد» بما فيه مدخلات الإنتاج، ما أدى إلى تكدس البضائع في الموانئ وارتفاع أسعار المنتجات بنسب تجاوزت الـ100%، فضلًا عن انخفاض المعروض من السلع والخدمات.

وقبيل أن يصل الأمر إلى الذروة ولتقليل تبعات أشد وطأة خصوصًا على الطبقات الفقيرة والمتوسطة، «ذات مصر» قررت لقاء مجموعة من رجال المال والأعمال والاقتصاد في شتى المجالات لوضع روشتة علاج للخروج من الأزمة الحالية، والوصول إلى بر الأمان، بعيدًا عن القرارات الحكومية «غير الرشيدة» في كثير الأحيان.

القطاع الخاص وسيطرة الدولة

الحلقة الخامسة من مبادرة «ذات مصر» تتناول ملف مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري، والخطوات الواجب على الحكومة والبنك المركزي اتباعها لتقليل حدة الأزمة، والخروج من المأزق الحالي، خصوصًا مع نقص العملة الأجنبية لدى البنك المركزي والبنوك العاملة في السوق، وصعوبة حصول المصنعين على الدولار.

النائب البرلماني، ورئيس غرفة تجارة القليوبية، محمد الفيومي، اختصر أزمة الاقتصاد المصري في عدم إفساح المجال كما يجب أن يكون لمشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، خصوصًا في ظل منافسة «ظالمة» مع الشركات المملوكة للدولة.

الفيومي، بين في تصريحات لـ«ذات مصر»، أن الدولة حاليًا تهيمن تمامًا على شتى مجالات الاقتصاد، ولا تفسح مجالًا للقطاع الخاص، مشددًا على أن الخطوة الأولى تتمثل في تمكين القطاع الخاص من المشاركة في المشروعات الاستثمارية جنبًا إلى جنب مع الدولة.

تنافسية السوق المصري

يوضح النائب البرلماني، أن منظمات الأعمال في شتى دول العالم عمومًا ومصر خصوصًا تطالب بتمكين القطاع الخاص من المشاركة في كافة القطاعات الاقتصادية، وفي مقدمتها القطاع الإنتاجي نظرًا لأهميته في دعم وتحديث طرق الصناعة في البلاد.

وأشار إلى أن القطاع العام لا يزال حتى الآن متقدمًا على القطاع الخاص بنحو 35% من حيث القدرة التنافسية، بدعم من الحوافز الضريبية التي يتمتع بها، ما يصعب مهمة القطاع الخاص في المنافسة سواء في السوق المحلية أو الأسواق الخارجية في ظل ارتفاع تكلفة الإنتاج.

وشدد رئيس غرفة تجارة القليوبية، على أن التنازل للقطاع الخاص عن بعض القطاعات الاقتصادية سيعجل بتدفق الاستثمارات الأجنبية في مصر، مع منح المستثمرين حوافز اقتصادية تسهل من مهمتهم في الإنتاج والتصدير ما يدر على الدولة عملات أجنبية.

يذكر أن الحكومة المصرية، أعلنت قبل أشهر خطة للتخارج الكامل من بعض القطاعات الاقتصادية وإفساح المجال للقطاع تنفيذًا لاتفاقها الأخير مع صندوق النقد الدولي، لكن الخطة متعثرة حاليًا ولم تتمكن الدولة من تنفيذها.

وكان مجلس الوزراء المصري أعلن في فبراير الماضي، السير في إجراءات طرح 32 شركة مملوكة للدولة على مدار عام كامل، لمستثمرين استراتيجيين، أو لاكتتاب العام في البورصة المصرية، أو كليهما، لتوفير النقد الأجنبي، في إطار وثيقة سياسة ملكية الدولة، التي تبحث عن فتح آفاق للاستثمارات الأجنبية.

رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، قال في مؤتمر صحفي، خلال شهر يوليو الماضي، إن الحكومة وقعت عقودًا مع القطاع الخاص بإجمالي 1.9 مليار دولار... وأن الحكومة تتخارج من عدد من الشركات بإجمالي 1.9 مليار دولار، ومبينًا أن صافي ما سيؤول للحكومة المصرية من هذه العقود بالدولار هو 1.65 مليار دولار والمتبقي بالجنيه، رغم أن وزير المالية، محمد معيط، قال إن الدولة تستهدف جني 2.5 مليار دولار.

واختتم عضو مجلس النواب، حديثه، بالتشديد على ضرورة الجدية والوضوح التام في برنامج الطروحات، لإن المستثمرين يراقبون الوضع جيدًا قبل الدخول في أي استثمارات جديدة، ويحتاجون إلى توفير المناخ المناسب لهم.

وأشار إلى أن المنافع التي ستعود على الدولة من مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد بصورة أكبر، تتجاوز مكاسبها من السيطرة على شتى القطاعات، خصوصًا مع تشغيله لـ76% من العمالة في البلاد، ما سيوفر تطويرًا مستمرًا للصناعات في مصر ويقودها إلى التقدم في سوق التصدير وحجز مكان أساسي لها دوليًا، فضلًا عن زيادة حركة الاقتصاد محليًا.