«أبوغريب الإسرائيلي».. الاحتلال ينتقم من الأسرى والأسيرات نفسيًا وجسديًا وجنسيًا

ذات مصر

قبل نحو 20 عامًا من الآن، فُجرت فضيحة كبرى هزت عرش الولايات المتحدة الأمريكية، والتي عرفت حينها باسم «فضيحة التعذيب في سجن أبوغريب»، ودفعت الرئيس الأمريكي آنذاك، جورج بوش الابن، للاعتذار، والإعلان عن فتح تحقيق في الكارثة وتقديم تعويض للضحايا العراقيين عن معاناتهم المريرة.

فضيحة أبوغريب تتكرر

سجن أبوغريب شهد اعتداءات نفسية وجسدية وجنسية، لم يعلم عنها شيء سوى بعد انتشار الصور المشينة أخلاقيًا، وما تعرض له السجناء العراقيين في تلك الفترة على يد القوات الأمريكية التي نجحت في احتلال العراق وإسقاط نظام الرئيس الراحل صدم حسين.

مأساة أبوغريب، عادت لتكرر في عام 2023، بعد عملية «طوفان الأقصى» الذي تمكنت فيه المقاومة من كسر الحصار المفروض عليها منذ عقدين من الزمان، وإلحاق هزيمة كبرى بجيش الاحتلال الإسرائيلي.

قوات الاحتلال لم يكفها القصف المستمر على قطاع غزة، والمجازر التي خلفت نحو 10 آلاف شهيد حتى الآن، ومحاولات الاقتحام البري التي تتصدى لها المقاومة، لتلجأ إلى الانتقام من الأسرى والمعتقلين في سجونها.

الانتقام بعد «طوفان الأقصى»

قوات الاحتلال عمدت إلى تكثيف عمليات الاعتقال بحق الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر الماضي، فوثقت جميعة نادي الأسير الفلسطيني2070 حالة اعتقال في الضّفة بما فيها القدس خلال شهر أكتوبر الماضي، من بينها (145) طفلًا، وأكثر من 55 سيدة.

ووفقًا للأرقام فإن عدد الأسرى في سجون الاحتلال بلغ حتى نهاية شهر أكتوبر الماضي نحو (7000) أسير، من بينهم (62) أسيرة، وبلغ عدد المعتقلين الإداريين (المعتقلون دون تهمة) 207، وبلغ عدد المعتقلين من غزة الذين صنفهم الاحتلال (بمقاتلين غير شرعيين) 105 .

ورغم الأعداد الكبيرة، إلا أنه لم تتوفر معلومات عن المعتقلين من عمال غزة سواء من اُعتقلوا في الأراضي المحتلة عام 1948، أو من جرى اعتقالهم في الضّفة لاحقًا، وتفاصيل احتجازهم، بسبب رفض الاحتلال تزويد المؤسسات الحقوقية بما فيها اللجنة الدولية للصليب الأحمر أي معطيات عنهم حتّى اليوم.

تعذيب حتى الموت

قوات الاحتلال شرعت للانتقام من الفلسطينيين بالاعتداء عليهم وعلى ذويهم ومرافقيهم خلال اعتقالهم سواء من الشوارع أو منازلهم، كما حدث ما المعتقل الشهيد، عرفات حمدان، والذي تعرض للضرب المبرح هو ووالده خلال اعتقاله، وجرى تقييده وتغطية رأسه بكيس.

عرفات كان مصابًا بداء السكري، ويعرف ذلك جنود الاحتلال ولكنهم استمروا في تعذيبه حتى توفي بعد يومين فقط من اعتقاله، واتهم ذويه جيش الاحتلال بقتله عمدًا، مشيرين إلى عدم استبعادهم أن يكون تعرض من خنق بفعل الضغط والحشر داخل السجون والزنازين.

عرفات ليس الوحيد، لكن الأسير عمر دراغمة هو الآخر تعرض للقتل على يد جنود الاحتلال، فبعد اعتقاله من أمام منزله في الضفة في 7 أكتوبر ظهر قبل 3 ساعات فقط في هيئة المحكمة الإسرائيلية بصحة جيدة.

دراغمة صاحب الـ58 عامًا عاد إلى السجن ليستشهد بعد 3 ساعات فقط، فأعلنت سلطان الاحتلال تدهور حالته الصحية واستشهاده رغم عدم معاناته من أي أمراض، لتؤكد الجمعيات الحقوقية في فلسطين أن الاحتلال يرتكب "جرائم قتل" ضد الأسرى.

ماذا يدور داخل السجون؟

وفقًا لتقارير إعلامية وحقوقية، فإن المعتقلين في سجون الاحتلال يواجهون يوميًا اعتداءات نفسية وجسدية وغيرها، من قبل جنود الاحتلال، عبر قطع الماء والكهرباء ومصادرة أدواتهم الكهربائية، ومنعهم من الخروج إلى ساحة السجن.

وبين أسرى مفرج عنهم أن قوات الاحتلال أغلقت المطبخ ودكان السجن، وحددت كميات الطعام بوجبتين فقط يوميًا، بالإضافة إلى منع العلاج وقطع الاتصالات وتكديس الأسرى في السجون، فالغرفة التي تكفي لـ5 أشخاص فقط أصبحت الآن تضم 10 أشخاص.

وكشفت تقارير حقوقية، صادرة مؤخرًا، أن التنكيل بالأسرى لم يقف هنا، بل كثف الاعتداءات عليهم بالضرب ما أدى إلى إصابة المئات منهم بكسور ورضوض، وجروح سطحية وتحطم أسنانهم، والإصابة بنزيف خارجي وداخلي.

قوات الاحتلال أجبرت الأسرى على الخضوع لجلسات لرسم وشوم «يهودية وإسرائيلية» على أجسادهم، وترديد الأناشيد والأغاني الإسرائيلية، ومع وصول تلك المعلومات إلى الجانب الفلسطيني ازدادت حالة الغضب في غزة والضفة تجاه قوات الاحتلال، لتشتعل الاشتباكات أكثر بينهم.

إذلال الأسرى.. وتعرية الأسيرات

وفقًا لمصادر فلسطينية أجبر جنود الاحتلال، الأسرى على خلع ملابسهم والتصوير بالعلم الإسرائيلي، بالإضافة إلى إجبار الأسيرات على ارتداء ملابس فتيات الدعارة بأوروبا، ومن يرفض يتعرض لجرعات تعذيب إضافية.

منظمات حقوقية محلية ودولية تلقت معلومات وصور ومقاطع فيديو تثبت الاعتداءات ضد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وبدأت في التحرك لإظهارها للرأي العام العالمي، بالإضافة إلى تقديم شكاوى للمؤسسات الحقوقية في العالم.

وأشارت تقارير إلى أن إسرائيل بدأت التحرك من خلال اللوبي الصهيوني التابع لها لمنع نشر الصور والتقارير التي تدينها والتهديد باتخاذ إجراءات عقابية ضد أي منظمة قد تقدم على نشر المعلومات التي وصلتها.

وبدأت قوات الاحتلال في إعداد تصور كامل حول الفضائح التي تلاحقها في ملف الأسرى، وتجهيز رواية مخالفة لمنع زيادة الغضب العالمي ضدها خصوصًا مع المجازر المستمرة التي ارتكبتها في قطاع غزة على مدار الشهر الماضي.