«الدحدوح البطل يعود للشاشة مجددًا برغم الفقد والألم».. ما قصته؟

ذات مصر

عزاؤنا الوحيد أن التغطية وهذه الرسالة الإنسانية وهذا الواجب سيستمر بكل شفافية وحيادية رغم ألم الفقد والفراق، ورغم استهداف الاحتلال لكافة الزملاء الصحفيين وأسرهم ومكاتبهم وسيارتهم، سائلين الله سبحانه وتعالي أن يكون هذا آخر الاستهدافات وآخر الجرائم من الاحتلال.

بتلك الكلمات البسيطة نعي، اليوم السبت الصحفي «وائل الدحدوح» زميله مصور قناة الجزيرة « سامر أبو دقة» الذين استهدفهما الاحتلال أثناء تأديتهما لمهمتهما الصحفية في تغطية ونقل جرائم الاحتلال في ظل عدوانه المستمر على قطاع غزة لأكثر من 70 يومًا بغير هوادة.

«بنتقموا منا في الأولاد... معلش»، تلك الكلمات انتشرت كالنار في الهشيم بعد أن نطق بها وائل عقب استشهاد 2 من أبنائه وزوجته وحفيده الرضيع، وبقيت التغطية مستمرة، فما قصة هذا البطل الصحفي «وائل الدحدوح»؟

من هو وائل الدحدوح؟ وكيف نشأ؟

وائل حمدان إبراهيم الدحدوح أو «أبو حمزة»، صاحب الـ53 عامًا، المولود في حي الزيتون بمدينة غزة شمال القطاع، هو أبرز الأسماء المعروفة حاليًا خارج غزة، ويعد أحد رموز القطاع مع متحدث كتائب القسام، أبوعبيدة.

نشأ الدحدوح في مدينة غزة في حياة شبه مستقرة وهادئة، قبل أن يعتقله الاحتلال الإسرائيلي في ريعان شبابه، مثلما يفعل مع غالبية الشعب الفلسطيني، ليقضي الشاب 7 أعوام في الأسر بعد حصوله على شهادة الثانوية العامة عام 1988.

لكن هذه القيود لم تمنع الدحدوح من إكمال حياته وتعليمه، فحصل على شهادة الثانوية العامة مجددًا في السجن، وبعد خروجه من المعتقل، حصل على بكالوريوس في الصحافة والإعلام من الجامعة الإسلامية في غزة عام 1998، ودرجة الماجستير في الدراسات الإقليمية من جامعة القدس أبو ديس عام 2007، بعد أن منعته سلطات الاحتلال من السفر للدراسة في الخارج.

بداية حياة الدحدوح المهنية

بدأ الدحدوح حياته المهنية في مجال الصحافة كمراسل لصحيفة القدس الفلسطينية، بعدها بدأ في التنقل من وسائل إعلامية إلى أخرى قبل أن يصل به الأمر في النهاية إلى العمل لصالح قناة الجزيرة في عام 2004 كصحفي ومراسل في البداية حتى أصبح مؤخرًا مديرًا لمكتب القناة في قطاع غزة.

ومنذ اندلاع انتفاضة الأقصى في عام 2000 بدأت الحياة المهنية لوائل تتغير، تزامنًا مع التغير الإعلامي بشكل عام في القطاع فالتحق بقنوات العربية وسحر الفضائية وصوت فلسطين من العاصمة طهران.

قناة الجزيرة.. مرحلة تطور في حياة الدحدوح المهنية

انتقل وائل إلى قناة الجزيرة في العام 2004 وبزغ اسمه مع استمرار جرائم الاحتلال باغتيال شخصيات فلسطينية بارزة، فضلًا عن انسحابه من القطاع عام 2005، وفرض حصار كامل على القطاع عام 2006.

وقاد الدحدوح فريق الجزيرة خلال تغطية حرب الاحتلال الأولى على قطاع غزة في عام 2008-2009 وما بعدها، وكذلك خلال الحرب الثانية عام 2012، ثم الحرب الثالثة عام 2014، والتي استمرَّت 51 يومًا، وحرب عام 2021 على القطاع والتي قصف فيها مكتب قناة الجزيرة آنذاك.

وأنتج الدحدوح حلقات لبرامج عدة في قناة الجزيرة وفيلمًا عن أنفاق المقاومة في غزة، وآخر عن عمليات المقاومة خلف خطوط جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب عام 2014، وهو «المجموعة رقم 9»، وكان صاحب أول تقرير على الهواء مباشرة في أولى حلقات البرنامج الجديد آنذاك «الجزيرة هذا المساء» من بلدة بيت حانون خلال تعرضها لاجتياح من قوات الاحتلال.

استهداف الاحتلال لعائلته واستكماله للتغطية

الاحتلال الإسرائيلي لم يترك في غزة مكانًا أمنًا بلا دمار، ليطول القصف أسرة  الدحدوح في 25 أكتوبر الماضي التي نزحت إلى مخيم النصيرات جنوبي القطاع بناءً على تعليمات الاحتلال، لتفقد الأسرة المكونة من الزوجة و8 أولاد بالإضافة إلى الأحفاد، 4 منهم.

فقتلت قنابل الاحتلال اثنين من أبناء الدحدوح وحفيده الرضيع وزوجته، فضلًا عن عدد آخر من أفراد عائلته وأقاربه، لكن «مقاتل الجزيرة» أبى إلا أن يكمل مسيرته في تعرية جرائم الاحتلال ونقل معاناة الشعب الفلسطيني، قبل أن يتوجه بعد ساعات قليلة لإتمام مراسم دفن عائلته.

الاحتلال يستهدف الدحدوح 

ويوم أمس أيضًا، استهدف الاحتلال الدحدوح وزميله المصور بقناة الجزيرة «سامر أبو دقة» بشكل مباشر، وتركه ينزف لأكثر من 5 ساعات، وعدم قدرة أي سيارة إسعاف الوصول إلى مكانه، ما أدى لاستشهاد أبودقة، بالإضافة إلى استشهاد 3 من قوات الدفاع المدني والعديد من المدنيين الآمنين في تلك الغارة.

وائل أصيب أيضًا في ذراعه وخاصرته، في جريمة جديدة للاحتلال الذي خالف كل الاتفاقيات والدساتير العالمية، ليصر المراسل البطل على استكمال تغطية الحرب رغم إصابته، وآلام فراق زميلة، فظهر اليوم عبر فضائية الجزيرة رافعًا شعار «التغطية لاتزال مستمرة».

استهداف الاحتلال للصحفيين مستمر

جرائم الاحتلال لم تستهدف الدحدوح وحده من وسط الصحفيين والإعلاميين، بل امتدت إلى العشرات منهم بين شهيد ومصاب، فحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة استشهد91 صحفيًا وعاملًا بالصحافة نتيجة لقصف قوات الاحتلال المستمر على القطاع.