تعليق تمويل «أونروا» يصل بقضية اللاجئين إلى «النزع الأخير»

ذات مصر

بلغت أزمة "قضية اللاجئين" أشدها بعد تداعيات تعليق كثير من الدول تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وباتت القضية في النزع الأخير بعد إدخالها غرفة "العناية المركزة"، ما لم تتراجع تلك الدول عن قرار التعليق.

وقال رئيس اللجنة العليا للدفاع عن حق العودة، محمد عليان، إن تعليق تمويل "أونروا"، ضرب لقضية اللاجئين ومحاولة لشطب حق العودة، وعقاب جماعي لـ7 ملايين لاجئ.

جاء ذلك في تصريحات لوكالة الأناضول، حول تداعيات تعليق 18 دولة تمويلها للأونروا، على واقع المخيمات الفلسطينية التي تستفيد من خدماتها.

ومنذ 26 يناير الماضي، قررت 18 دولة والاتحاد الأوروبي تعليق تمويلها لـ"أونروا"، بناء على مزاعم إسرائيل بمشاركة 12 من موظفي الوكالة بهجوم "حماس" في 7 أكتوبر 2023 على مستوطنات إسرائيلية محاذية لغزة.

وهذه الدول هي: الولايات المتحدة وكندا وأستراليا واليابان وإيطاليا وبريطانيا وفنلندا وألمانيا وهولندا وفرنسا وسويسرا والنمسا والسويد ونيوزيلاندا وأيسلندا ورومانيا وإستونيا والسويد بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، وفقا للأمم المتحدة حتى مساء الثلاثاء.

"أونروا" شاهد على النكبة

وأضاف عليان الذي يشغل أيضا منصب مدير عام الإدارة العامة لشؤون المخيمات الفلسطينية، أن "اللاجئين الفلسطينيين في كافة أماكن وجودهم يدافعون عن وجود "أونروا"، كونها الشاهد الحي الدولي على النكبة الفلسطينية".

وأوضح أنه "لم تصدر بعد، أي نتائج تحقيق حول المزاعم الإسرائيلية بحق موظفي الوكالة، إلا أن تلك الدول تلقفتها، وبشكل سريع علقت تمويلها".

وأشار إلى أن "هذه الخطوة نعتبرها عقابية لمجتمع اللاجئين الذي يضم أكثر من 7 ملايين لاجئ في الوطن والشتات، في ظل حالة عصيبة يمر بها الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة".

وتابع عليان: "نحن بأمس الحاجة اليوم لزيادة خدمات الوكالة، لا تقليصها".

وأكد أن "نفس الدول التي أعطت الغطاء للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، هي التي سارعت وعلقت التمويل بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية".

نحارب لتبقى "أونروا"

واعتبر القرار "مسألة سياسية تهدف لضرب قضية اللاجئين وشطب حق العودة، وإنهاء عمل الوكالة بقيادة الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي"

وأردف قائلا: "بدلا من لجم الاحتلال على عدوانه وإدانة ممارساته والإجرامية، إلا أنهم يسارعون أيضا للتغطية عليها ووقف المساعدات عن شعبنا".

وأشار إلى أن "مجتمع اللاجئين اليوم بحاجة لمد يد المساعدات في كل أماكن وجوده، ووكالة الغوث اليوم تقوم بدور كبير".

وعن تداعيات تلك الخطوة، قال عليان إن "هناك استراتيجية إسرائيلية لتهجير شعبنا الفلسطيني، وتجاوز قضية اللاجئين وشطب حق العودة، وإنهاء عمل الوكالة التي أنشئت من أجل تقديم الخدمات، وبقرار الأمم المتحدة".

وتابع: "نحارب من أجل أن لا يكون هناك تقليص لبرامج الأونروا، ومن أجل بقاء الوكالة التي تعد الشاهد الحي على الجريمة الأولى والنكبة الأولى عام 1948".

واتهم عليان "دولة الاحتلال بالعمل على تصفية إلغاء الوكالة منذ تأسييها"، مضيفا أن "محاربة أونروا مسلسل قديم جديد، والمستفيد الوحيد من إنهاء عملها ووجودها هي دولة الاحتلال".

وحول المخاطر المستقبلية، اعتبر عليان أن "القضية الفلسطينية وقضية اللاجئين اليوم على المحك، ونريد للعالم أن ينتصر من أجل العدالة والمبادئ الدولية".

وأوضح أن "المفارقات تكمن في أن تلك الدول التي تنادي بالقانون والمبادئ وحرية الإنسان والعدالة، تعمل على خرقها ويضربون بها عرض الحائط من خلال التساوق مع مزاعم إسرائيل".

وأشار عليان إلى أن "مجتمع اللاجئين وكل القوى يعمل لمواجهة تلك المحاولات التي تستهدف القضية، عبر وضع برنامج تصدي لتلك القرارات".

وقال: "يجب أن يعلم الجميع أننا نعتبر الأونروا أداة استقرار ومساعدة اللاجئين".

وختم حديثه بالقول: "بعد حرب الإبادة في قطاع غزة التي ما تزال تنفذ، يأتي هذا القرار لعقاب الشعب الفلسطيني، بدلا من عقاب إسرائيل ولجمها".

وأمس الخميس، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر في موجز صحفي، قال فيه: "للأونروا دور هام لا يمكن الاستعاضة عنها، ولا توجد حاليا أي منظمة إنسانية أخرى في غزة يمكنها أن تلعب دور الأونروا".

وأشار إلى أنهم علقوا مساعداتهم للأونروا لأن التحقيق مستمر، وأنهم ينتظرون انتهاءه.

وجاءت الإعلانات الغربية عقب ساعات من إعلان محكمة العدل الدولية في لاهاي رفضها مطالب إسرائيل بإسقاط دعوى "الإبادة الجماعية" في غزة التي رفعتها ضدها جنوب إفريقيا، وحكمت مؤقتا بإلزام تل أبيب "بتدابير لوقف الإبادة وإدخال المساعدات الإنسانية".

وفي 26 يناير الماضي، قالت "أونروا" إنها فتحت تحقيقا في مزاعم ضلوع عدد (دون تحديد) من موظفيها في هجمات 7 أكتوبر.

ويعتبر اللاجئون الفلسطينيون "أونروا" جزءا من ذاكرة المخيمات، ورمزا لحق العودة، باعتبارها شاهدا على معاناتهم في مخيمات الشتات، حيث قدمت لهم على مدار عقود من اللجوء مساعدات طبية وغذائية وتعليمية ونقدية.

وتعاني غالبية المخيمات الفلسطينية في البلدان المجاورة، لاسيما لبنان، من أوضاع معيشية صعبة، بسبب الفقر المدقع وقلة فرص العمل، ما جعل اعتمادهم على خدمات "أونروا" يتزايد لمواجهة ظروفهم الصعبة.

وتأسست "أونروا" بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين في مناطق عملياتها الخمس، الأردن، وسوريا، ولبنان، والضفة الغربية، وقطاع غزة، حتى التوصل إلى حل عادل لمشكلتهم.