بداية الغيث.. لماذا انخفض الدولار أمام الجنيه بعد القفزة القياسية؟

ذات مصر

شهد سعر الدولار انخفاضًا حادًا في السوق السوداء، في اليومين الماضيين، حيث فقد أكثر من 20 جنيهًا من قيمته في فترة قصيرة بعد ارتفاع سريع، وانخفض “الأخضر” من مستويات فوق 72 جنيهًا للدولار الواحد إلى نحو 56 جنيهًا في الوقت الحالي، بالتزامن مع حالة اضطراب في أسعار السلع المحلية.

الانخفاض والارتفاع السريع دفع البعض يتساءل عن أسباب اضطراب سعر الدولار، بالرغم من عدم حصول مصر على قرض جديد من صندوق النقد الدولي وفي وقت تعلن فيه بعض الشركات الأجنبية خروج استثماراتها من مصر، إذا لماذا انخفض الدولار؟ 

مشروع رأس الحكمة

تقارير عدة، أشارت إلى دخول شركات إماراتية وسعودية في مشروع استثماري ضخم في منطقة رأس الحكمة بالساحل الشمالي، واعتزام الشركات ضخ نحو 22 مليار دولار، جزء كبير من المبلغ سوف يدخل إلى خزانة الدولة، وكانت أخبار هذا المشروع أساس اضطراب السوق الموازية.

تناولت تلك الأخبار مشروع رأس الحكمة انتشرت كالنار في الهشيم، وكانت من مصادر رسمية وغير رسمية لكنها مجهلة، ركزت على السيولة الدولارية التي ستنعش خزينة الدولة، وزيادة الحصيلة من العملات الصعبة، لكن الخبر ظل أيام مشكوك في حقيقته.

ولعلّ وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، طارق شكري، أول المصادر الرسمية التي تحدثت عن صفقة مشروع رأس الحكمة وأكد إعلان التفاصيل والتوقيع خلال الأيام المقبلة.

وقال شكري، في مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب في برنامج "الحكاية" على فضائية "mbc مصر"، أن التسريبات التي تم تداولها حول المشروع وقيمته الدولارية ساهمت في انخفاض سعر الدولار في السوق الموازية من 7 إلى 8 جنيهات.

وأكد وكيل لجنة الإسكان أن الحديث عن قيمة الصفقة التي تبلغ 22 مليار دولار ليس مبالغًا فيه إذا ما قورنت تلك القيمة بحجم وموقع المدينة.

وبخصوص توقعاته لسعر الدولار في السوق الموازية بعد الإعلان عن صفقة مشروع رأس الحكمة، أكد شكري أن سعر الدولار في السوق الموازية يتأثر بالمضاربات والشائعات، وأن قيمته الحقيقية تكون أققل بعشرات الجنيهات.

صفقة رأس الحكمة الضخمة أحدثت ربكة في السوق غير الرسمية للعملات الأجنبية، ما دفع البعض للعودة للبيع بعدما كان يضارب في “الأخضر”، وهذا ما توقعه مصرفيون في الأيام الماضية.

حرب على مافيا الدولار


اعتمدت الدولة في حربها على المضاربين في الدولار وأباطرة سوق الذهب والذين كانوا يتلاعبون بأسعار المعدن الأصفر والدولار، والذي أدى إلى ارتفاع سعر الجرام منه إلى مستويات قياسية، إذ شنت ضربات قوية للمتورطين في السوق السوداء.

قامت قوات الأمن بتنفيذ حملات مداهمة وملاحقة لتجار العملات الأجنبية في السوق السوداء الذين ساهموا في رفع سعر الدولار إلى مستويات غير مسبوقة، حيث كانوا يقومون بإخفاء العملات والتداول بها خارج نطاق القطاع المصرفي. وألقت القبض على 38 مشتبهًا يعملون لصالح جماعات كبيرة في السوق، وضبطت بحوزتهم مئات الآلاف من العملات الأجنبية المختلفة تمهيدًا لبيعها بأسعار مرتفعة.

وفي وقت سابق، ألقت قوات الأمن القبض على تاجرين في القاهرة بتهمة غسل الأموال، حيث كانوا يقومان بتحويل أموال بقيمة ملايين الجنيهات والتي تم الحصول عليها من التداول بالعملات الأجنبية خارج القطاع المصرفي، وقاموا بمحاولة إخفاء مصدر تلك الأموال وتمويهها بأنها ناتجة عن أنشطة مشروعة مثل شراء العقارات والسيارات وتأسيس الشركات.

قرض صندوق النقد لمصر

انتظر قطاع كبير من المصريين إعلان البنك المركزي تحرير سعر الصرف الخميس الماضي، في الاجتماع الأول في عام 2024، وسط توقعات سلبية باستمرار قيمة الجنيه، إلا أن "المركزي" خالف كل تلك التوقعات ولم يخفض قيمة الجنيه.

وبهدف دعم المدخرين في مصر وتشجيعهم على الاحتفاظ بودائعهم بالجنيه المصري، قرر البنك المركزي زيادة معدل الفائدة بنسبة 2٪ خلال اجتماعه الأخير، بهدف الحد من التضخم المتوقع في الفترة المقبلة.

وتتوقع المؤسسات المالية العالمية أن تتمكن مصر من تأمين تمويل قوي من صندوق النقد الدولي، حيث تتراوح التوقعات بين 6 و 7 مليارات دولار إضافية إلى التمويل الحالي البالغ قيمته 3 مليارات دولار.

في الوقت ذاته، ذكرت تقارير أن سبب انخفاض سعر الدولار في السوق السوداء، هو تزايد توقعات وصول تدفقات الدولار إلى مصر من صندوق النقد الدولي بعد اجتماعات استمرت لأيام الأسبوع الماضي.

ومن المتوقع أن يتم تعديل سعر الصرف في الأيام المقبلة، وفقًا لتصريحات مديرة صندوق النقد، كريستالينا غورغيفا، وقد يتم ذلك في الأسابيع القادمة.