علاء فاروق يكتب: دور مصري قوي في ليبيا بعد زيارة أردوغان

ذات مصر

تُعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مصر في هذا التوقيت، وبعد مقاطعة طويلة إثر قراءات خاطئة، بمثابة خطوة تاريخية على المستوى السياسي، وكان لا بد أن تتم منذ فترة، ولكن جاءت متأخرة، لكن كما يقال أن تأتي متأخرا أفضل من ألا تأتي.

وستمثل هذه الزيارة قفزة في حل كثير من الملفات في المنطقة، وعلى رأس هذه الملفات الأزمة الليبية ذات التشابك والتعقد.

وهذه الخطوة من قبل أردوغان وحسن استقباله من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، ستكون بمثابة قوة دفع في حلحلة الملفات الموجودة في المنطقة والعالقة بين البلدين، وعلى رأسها الملف الليبي الذي أخذ الجزء الأكبر من المشاورات التي تمت.

ومن المعروف أن الملف الليبي ملف مشترك منذ فترة بين مصر وتركيا وفي الفترة الأخيرة ترددت أنباء عن مبادرة مصرية بتوافق ودعم ترمي بخصوص حل أزمة السلطة التنفيذية في ليبيا تتلخص في دمج حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة والمتواجدة في العاصمة طرابلس مع الحكومة المكلفة من البرلمان المسيطرة شرقا وجنوبا وإقناع كل دولة حلفاءها في الداخل الليبي في حل أزمة السلطة التنفيذية التي يرى الجميع أنها أكبر العراقيل في إجراء العملية الانتخابية.

وكانت الكلمات واضحة خلال مؤتمر السيسي وأردوغان؛ حيث أكد الرئيس المصري موقف القاهرة الذي تتوافق أيضا معه تركيا  بضرورة الدفع نحو الانتخابات في أقرب وقت ممكن بحل كل الأزمات الموجودة في القوانين الانتخابية أو مشكلة السلطة التنفيذية أو مشكلة المؤسسة العسكرية أو موضوع الأزمة بين الحكومتين الموجودة في ليبيا.

وللعلم تم طرح المبادرة المصرية بتوافق تركي على رئيس المجلس الرئاسي الليبي، "محمد المنفي" خلال زيارته للقاهرة، واطلع عليها أردوغان خلال هذه الزيارة في موضوع ضرورة حل أزمة السلطة التنفيذية على أن تضمن مصر وتركيا بقاء حلفائها في المشهد. بمعنى أنه لا يتم التضحية بطرف على حساب الآخر، فلا يقبل أردوغان أن يتم الإطاحة بحكومة الوحدة، ولا تقبل مصر أن يتم الإطاحة بحكومة البرلمان وحفتر.

لذا أرى أن المبادرة المصرية مجرد مقترح ومحاولة لحل موضوع أزمة الانسداد السياسي التي تمر بها الدولة الليبية، وكان هناك وفد من الدولة المصرية زار طرابلس والتقى مسؤولين في حكومة الوحدة وطرح عليهم هذا الأمر على أن يتم ضمان أن يبقى على رأس الحكومة القادمة "عبد الحميد الدبيبة" ويكون هو رئيسا للحكومة وأن يبقى "أسامة حماد" نائبا للرئيس وأن يتم فقط المفاوضات والمشاورات حول الوزارات السيادية على رأسها وزارة الدفاع ووزارتي الخارجية والمالية وكان هناك موافقة ضمنية من الدولة التركية.

والحقيقة وبصفتي مراقبا جيدا لتطورات الأزمة الليبية، أراها أزمة تدار من الخارج وليست أزمة تديرها الأطراف المحلية، وكل طرف محلي في الداخل الليبي له حلفاء في الخارج هم الذين يشكلون المشهد، ومصر وتركيا صاحبتا النفوذ الأكبر في الملف الليبي وستقنع مصر معسكر الشرق أن يقبل بالحلول الفترة القادمة وستقنع تركيا معسكر الغرب الليبي أن يقبل بهذه الحلول.

وإن لم يتم هذا الأمر بالتفاوض ربما يكون هناك بالطبع سياسة العصا والجزرة وسياسة الضغط على هذه الأطراف؛ لأن الأمور زادت عن حدها في الإطالة في عدم إجراء الانتخابات. 

لكن المؤكد لدينا أن تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا سيكون له الأثر الأكبر على الدفع نحو حل مستدام في ليبيا، وأنه سيمنع عودة الصراع والاقتتال بين الأطراف المحلية، وستجبر القاهرة وأنقرة المجتمع الدولي والأمم المتحدة على تبني خطواتهما في حل أزمات ليبيا، كونهما دولتي النفوذ الأكبر هناك، وسنرى دورا مصريا كبيرا بعد التوافق والتقارب مع دولة مهمة في المنطقة مثل تركيا.