ماليزيا: الغرب يتحامل على الصين ويعاني خوفاً مرضياً منها

ذات مصر

عبّر رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم عن رفضه لما وصفه بـ"فوبيا الصين" المتصاعدة في الغرب، رافضاً الانتقادات الأمريكية لعلاقات بلاده التجارية مع بكين.

وتساءل إبراهيم في مقابلة مع صحيفة "فاينانشيال تايمز" عن الأسباب التي يمكن أن تدفع بماليزيا إلى "إثارة المشكلات" مع الصين، شريكها التجاري الأكبر، رداً على الانتقادات الأمريكية لعلاقات بلاده مع بكين، قائلاً: "لماذا يجب أن أرتبط باهتمام واحد؟"، أنا لا أقتنع بهذا التحامل الشديد ضد الصين.. هذا الخوف المرضي من الصين".

وتعكس تصريحات الزعيم الماليزي كيف تسبب التنافس بين القوى العظمى في مأزق للحكومات في منطقة جنوب شرق آسيا التي يقطنها 700 مليون نسمة، وتقع على أعتاب الصين، وتشكل أيضاً أهمية استراتيجية لاستراتيجية الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

ولكن هذا التوتر خلق أيضاً فرصاً لدول مثل ماليزيا وإندونيسيا وفيتنام والفلبين للاستفادة من علاقاتها الاقتصادية والأمنية والسياسية مع الولايات المتحدة والصين.

وشدد أنور على أن ماليزيا، المحايدة رسمياً، تسعى إلى الحفاظ على "علاقاتها الجيدة والمستقرة مع الولايات المتحدة، بينما تنظر إلى الصين كحليف مهم".

وأضاف أن أيّ ادعاء بأنه يميل إلى الصين وفقاً لما أشارت إليه نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في قمة آسيان التي عُقدت في جاكارتا في سبتمبر الماضي، على حد قوله، "غير صحيح و غير عادل بشكل صارخ".

وتولى أنور، رئيس وزراء ماليزيا السادس في 5 سنوات، منصبه في نوفمبر 2022، بعد رحلة طويلة إلى القيادة السياسية. وساعد في توجيه دفة البلاد في خضم الأزمة المالية التي اجتاحت آسيا كنائب لرئيس الوزراء، ولكنه سُجن مرتين على يد معلمه الذي تحول إلى منافس، مهاتير محمد، على خلفية اتهامات ذات دوافع سياسية بالفساد. وعاد إبراهيم إلى الحياة العامة في عام 2018 بمقتضى عفو ملكي.

وكرئيس للوزراء، صرف أنور إبراهيم جل اهتمامه إلى إنعاش الاقتصاد الماليزي بعد أعوام من سوء الإدارة وعدم الاستقرار.  

ونما الناتج المحلي الإجمالي الماليزي بنسبة 3.7% في عام 2023، مقارنة بطفرة ما بعد الوباء التي بلغت 8.7% في عام 2022، فيما عانت الصادرات على خلفية تباطؤ الاقتصاد الصيني، إذ تراجع الرينجت الماليزي إلى أدنى مستوياته خلال 20 عاماً.  

وفي إطار هذه الجهود، منح أنور الأولوية لتعزيز قطاعات التصنيع والطاقة والصناعة، بمساعدة تعهدات قياسية بالاستثمار الأجنبي في أغلب الأحوال.  

وتعهد الرئيس الصيني شي جين بينج بمنح ماليزيا ما يقدر بنحو 170.1 مليار رينجيت ماليزي (ما يعادل 35.6 مليار دولار) بعد زيارة أنور لبكين وحضوره منتدى بوآو في هاينان، العام الماضي.

وبعد أسابيع، قام أنور بتغيير كبير في خطة شبكة الجيل الخامس "5G" في ماليزيا، ما مهّد الطريق أمام مشاركة أكبر من قبل شركة "هواوي"، عملاق الاتصالات الصيني.  

واستفادت صناعة أشباه الموصلات الماليزية بدرجة كبيرة من قيام الشركات بتغيير سلاسل التوريد كوسيلة للحماية من المخاطر الجيوسياسية، وهي الاستراتيجية التي تُعرف باسم "الصين زائد واحد".

وشكلت ماليزيا، فريق عمل ركز على الارتقاء بسلسلة قيمة أشباه الموصلات، وقال أنور إبراهيم، إن حكومته "ركزت بقوة" على تعزيز قدرتها على تصنيع الرقائق الدقيقة.

وركز جزء كبير من هذا النشاط على ولاية بينانج، وهي مستعمرة بريطانية سابقة والتي تمثل مركزاً مهما للعمليات الخاصة بالرقائق، مثل التعبئة والتجميع والاختبار.