أحمد عطا يكتب: فوضى الحدود وصناعة الثروات

ذات مصر

قبل عدة أيام أعلن اللواء 444 قتال التابع للحكومة الوطنية المؤقتة الليبية مقتل ثلاثة من جنوده أثناء الاشتباك مع مهربي المخدرات في وسط الصحراء الليبية بعد أن استمر تبادل إطلاق النار قرابة ثلاث ساعات متواصلة مع المهربين، وهنا لا بد من أن نتوقف أمام التوليفة المتنوعة من الجريمة العابرة للحدود والتي تشكل خطرا على دول شمال أفريقيا.

ووفقاً لآخر تقرير صادر عن الأمم المتحدة حول الجريمة العابرة للحدود في ٢٠٢٣ جاء فيه أن ٢٠٪؜ من المخدرات المصنعة في المكسيك تنتقل إلى دول الساحل في أفريقيا ومنها إلى الشريط الشمالي للقارة الأفريقية الذي يضم (المغرب – تونس – الجزائر – مصر – ليبيا) وتكون نقطة الانطلاقة من ليبيا التي تمتلك أكبر شريط حدودي ساحلي داخل القارة الأفريقية بطول 1770 كيلومترا، مما سهل للجريمة العابرة للحدود ان تنفذ إلى الدول المجاورة لليبيا حيث تعد تونس أقرب دول شمال أفريقيا لليبيا حيث تبلغ  المسافة بين آخر مدينة ليبية والحدود التونسية ٢٠ كيلومترا.

وبلغ حجم تهريب المخدرات المصنعة لدول شمال أفريقيا ٢.٣ مليار دولار سنويا، تأتي ليبيا والسودان على قمة الدول التي تمر من خلالها شحنات المخدرات المصنعة وذلك اعتمادا على حالة السيولة الحدودية التي عليها الدولتان (السودان وليبيا).

في نفس السياق تأخذ الجريمة العابرة للحدود أشكالا مختلفة ومتعددة أبرزها (الاتجار في البشر) وأتذكر أن إيطاليا كانت على رأس الدول الأوروبية التي كانت مستهدفة بالهجرة غير الشرعية والتي تشرف عليها عصابات متعددة الجنسيات نظراً للعوائد الدولارية الضخمة التي تتدفق لصالح شركات دولية وكيانات وأسماء كبيرة في دول مختلفة، ولكن السلطات الإيطالية قامت بتأمين حدودها البحرية المقابلة مع ليبيا، ولكن تبقى السودان التي استغلت العصابات الدولية والشركات الأفريقية في تهريب أعداد ضخمة من السودانيين للدول الأفريقية التي لها حدود مع السودان وتأتي في مقدمتها مصر.

ونظرا لاتساع نطاق الحرب بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني – اضطرّت أعداد كبيرة من الشعب السوداني إلى الهرب عبر مدقات إلى الدول المجاورة في مقابل مبالغ مالية تتراوح ما بين ألف وثلاثة آلاف من الدولارات أما أثرياء السودان فقرروا أن يستقر بهم الحال داخل دول الخليج حيث لهم استثمارات وتعاملات تمتد لسنوات مضت، ولكن هذه النوعية من التجارة في البشر ربما تفوق الدول ذات الاقتصاديات الهشة بملايين من البشر ليكونوا عبئا إضافيا على الدولة وبالتالي ارتفاع الأسعار للسلع والمساكن ، لهذا تمثل فوضى الحدود مكونا أساسيا للتربح وصناعة الثروات لأشخاص مجهولين يتحكمون في المسارات الحدودية لتمرير اللاجئين وجمع ملايين الدولارات.

هذا بجانب استمرار ضعف وتآكل اقتصاد الدولة التي تم تمرير اللاجئين إليها، بجانب تهريب الذهب بكميات كبيرة وهو الذهب الذي تحصل عليه العصابات كنصيب لها في مقابل حماية مناجم الذهب وتأتي السودان على رأس الدول الأفريقية التي تهرب منها كميات كبيرة من الذهب مستغلين النزاعات المسلحة بين قوات الدعم السريع وجيش السودان.

وهنا لابد من إعادة النظر في تأمين الحدود الجنوبية والغربية والشرقية لمصر بشكل يغلق منافذ التهريب بكافة أنواعها في ظل التحديدات الحدودية المختلفة وغلق الطريق علي الأثرياء الجدد الذين يتربحون من حالة الفوضى الحدودية التي عليها دول كثيرة ربما تشكل خطرا على الدول المجاورة لها في ظل حالة الفقر وغياب الأمن داخل القارة الأفريقية.