كل يوم ضحية ومصيبة.. كيف أصبحت «الكلاب» كابوساً في شوارع مصر؟

ذات مصر

«كلب المذيعة»، هكذا ضجت وسائل التواصل الاجتماعي، خلال الساعات الماضية، بهذه العبارة، بعد مشاهد الرعب والفزع التي نشرها حادث اعتداء كلب المذيعة، أميرة شنب، المشهورة بتقديم برامج الطبخ، على جارها، ودخوله في غيبوبة لم يفق منها حتى الآن.

ما بين مؤيد ومعارض، انقسم رواد التواصل الاجتماعي حول الحادث، وأبدى أحدهم تعاطفه مع المجني عليه، في حين أن آخرين رفضوا الحجر على المذيعة فيما يخص حقها في اقتناء حيوانات أليفة. وما بين هذا وذاك، أعاد الحادث قضية اقتناء الكلاب للصدارة من جديد.

كلب المذيعة يحدث ضجة

ليلة حزينة عاشتها أسرة مدير أحد البنوك، أول من أمس، بعد تعرضه لهجوم شرس من كلب مملوك للمذيعة أميرة شنب. الضحية -ويدعى محمد محب الماوي- أُصيب بإصابات خطيرة نتيجة الحادث، ودخل في غيبوبة لم يفق حتى الآن.

الجار المجني عليه قرر معاتبة المذيعة لعدم سيطرتها على كلبها، وبمجرد أن وصل إلى منزلها بدأت المأساة، وخرج الكلب مسرعاً وهاجم الضحية بضراوة. وتعرض المجني عليه لإصابات خطرة في أنحاء متفرقة من الجسد، وأصيب بقطع نافذ في الأوتار والأعصاب، وخلال إجراء جراحة نقل أعصاب له من القدم إلى الذراع، توقف قلبه لمدة 30 دقيقة كاملة، قبل أن يعود إليه بعد الصدمات الكهربائية، ثم دخل في غيبوبة، ولم يستعد وعيه حتى الآن، وجرى تأجيل الجراحة لأجل غير مسمى.

وتبين من خلال التحقيقات الأولية أن كلب المذيعة الذي تسبب في الحادث، من نوعية «بيتبول» المحظور استيراده.

قرار قضائي في واقعة كلب المذيعة 

وقرر النائب العامّ، مساء اليوم الأحد، حبس المتهم المسؤول عن كلبٍ المذيعة أميرة شنب، احتياطياً على ذمة التحقيقِ معه، لاتهامِهِ بالتسببِ خطأً في إصابةِ جارِهِ المجنيِّ عليه، بإهمالِهِ وعدمِ احترازِه بتركِ الكلبِ دونَ قيدٍ أو تكميمٍ، ما أسفر عن عقْر الكلب للمجنيِّ عليه، وإصابتِه إصاباتٍ بالغةٍ، ودخولِهِ في غيبوبةٍ تامةٍ.

وفجَّرت التحقيقات مفاجأة؛ حيث تبين أن هذا الكلب نفسه سبق أن عقر المجنيِّ عليه نفسه في الواقعة الأخيرة وإحدَى الجارات، دونَ تحريرِهِما محضراً، وأنه دائمُ التعدِّي على الجيرانِ بالشارع لاستطاعتِه القفز من أعلى سور حديقَةِ مسكنِ المتهم.

طبيبة أكتوبر تلفظ أنفاسها الأخيرة بعد هجوم الكلاب الضالة 

ولم تكن واقعة كلب المذيعة الأولى التي تسقط ضحايا، فقد أعادت إلى الأذهان حادث الطبيبة نورا الذي وقع في أواخر ديسمبر الماضي، حينما شهدت منطقة حدائق الأهرام حادثاً مأسوياً، كانت الضحية فيه طبيبة، لفظت أنفاسها الأخيرة إثر إصابتها بسكتة قلبية، عن عمر يناهز 32 عاماً، بعد مطاردة كلاب ضالة لها بالشارع أثناء سيرها بمفردها.

الطبيبة نورا أُصيبت بسكتة قلبية جراء تعرضها لهجوم من الكلاب الضالة، وأثناء محاولتها الهرب سقطت مغشياً عليها، ثم فارقت الحياة على الفور.

وتعالت الأصوات بعدها من السكان بمطالبات تخليصهم من تلك الكلاب التي أصبحت مصدراً للرعب والفزع.

نقص الأطباء البيطريين وراء تفاقم أزمة الكلاب الضالة 

مطلع يناير الماضي، جاء أول تحرك برلماني، كرد فعل لحادث الطبيبة نورا، وتقدم أشرف أمين، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة، وجهه إلى وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، حول الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لعلاج الأزمة، بعد تكرار حالات وفاة المواطنين نتيجة الكلاب المسعورة.

وأثار طلب الإحاطة الحديث وقتها عن التكلفة الضخمة التي تحتاجها عملية تعقيم الكلاب الضالة، والحاجة إلى طاقم طبي لا يقل عدد أفراده عن 300 ألف طبيب بيطري متخصص، ما يعني استحالة تنفيذ ذلك على أرض الواقع، نتيجة وقف التعيين في الجهات الحكومية المختصة منذ منتصف التسعينات.

أكثر من 20 مليون كلب ضال في مصر 

تقول آخر إحصائية للكلاب الضالة في مصر، إن عددهم وصل إلى 20 مليوناً، وهناك إحصائيات قدرت عددها بنحو 30 مليون كلب ضال، ما ينذر بكارثة تتطلب تدخلاً عاجلاً من الحكومة لمواجهة هذه الظاهرة.

وتشهد معدلات إنتاج العقاقير المضادة للسعار في مصر تراجعاً، وبلغ عدد الوفيات نتيجة العقر نحو 100 حالة في غضون عام 2019، فيما وصل عدد بلاغات عقر الكلاب الضالة إلى ما بين 400 و450 ألف بلاغ سنوياً.

وكشفت دراسة بيطرية أعدها الدكتور شمس سعيد، أن انتشار الكلاب الضالة ظهر بشكل فج خلال السنوات الماضية، عقب أحداث ثورة 25 يناير، بالتزامن مع محاولات المواطنين اقتناء الكلاب للحراسة، بينما تركت الأجهزة التنفيذية بقية الكلاب الضالة في الشوارع دون مكافحة.

عقوبة اقتناء كلب بدون ترخيص

وأعادت حوادث الكلاب المتكررة مشروع قانون سبق أن قدمه النائب أحمد السجيني مع 60 نائباً آخرين، بشأن تنظيم حيازة الحيوانات الخطرة واقتناء الكلاب، للنقاش من جديد، والذي كان قد حصل على الموافقة المبدئية من مجلس النواب.

وينص مشروع القانون الجديد على حظر تداول أو حيازة الحيوانات الخطرة دون ترخيص، ومواجهتها بعقوبات مغلظة، ومنع تربية الكلاب دون ترخيص، كما حدد سن المربي عند 16 عاماً.

وألزم مشروع القانون من يحوز الكلاب بتكميمها وتقييدها بقلادة مناسبة عند اصطحابها خارج حدود أماكن إيوائها، وحظرها بالأماكن العامة.

وحدد القانون عقوبة تبدأ من الحبس 6 أشهر وتصل إلى 3 سنوات، وغرامة لا تجاوز 200 ألف جنيه لحائز الكلب الخطر دون ترخيص. كما يعاقب بالسجن 5 سنوات كل من استخدم حيواناً خطراً أو كلباً للاعتداء على إنسان، وبالسجن المؤبد إذا أفضى الاعتداء إلى الموت.

تكلفة المصل المستخدم في علاج عقر الكلب

في تصريحات سابقة، قال وزير الصحة، خالد عبد الغفار، إن حالات العقر المسجلة خلال السنوات الماضية ازدادت بنسبة 20% سنوياً، موضحاً أن تكلفة توفير الأمصال وصلت إلى 146 مليون جنيه عام 2019، ومرشحة للزيادة إلى 500 مليون جنيه.