سياسات الحكومة تقود مصر إلى الانهيار.. وخبير: دوامة القروض لن تنتهي

أزمات الاقتصاد المصري
أزمات الاقتصاد المصري

ضمت مصر، اليوم الأربعاء، قرضًا جديدًا بقيمة 7 مليارات دولار إلى قائمتها الطويلة من القروض في السنوات الأخيرة، لتضيف أعباء جديدة على موازنتها العامة المثقلة بمليارات الدولارات من فوائد ومستحقات الديون.

7 مليارات دولار من البنك الدولي

البنك الدولي، أعلن اليوم الأربعاء، موافقته على إطار شراكة «قُطرية» جديدة مع مصر للسنوات المالية 2023-2027 تحصل القاهرة من خلاله على تمويل بقيمة 7 مليارات دولار.

وذكر البيان أن الإطار يتضمن تقديم مليار دولار سنويا من البنك الدولي للإنشاء والتعمير وحوالي ملياري دولار خلال فترة الشراكة بأكملها من مؤسسة التمويل الدولية، مضيفًا أن البرنامج يهدف لدعم جهود مصر تهيئة الظروف الملائمة لتحقيق تنمية خضراء قادرة على الصمود وشاملة للجميع.

قرض البنك الدولي الأخير، سبقه الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، في ديسمبر الماضي، إذ وافق المجلس التنفيذي للصندوق على عقد اتفاق مدته 46 شهرًا مع مصر في إطار «تسهيل الصندوق الممدد» بقيمة 3 مليارات دولار أمريكي تقريبا.

ويمكن الاتفاق مع الصندوق مصر من جذب تمويلات بقيمة 14 مليار دولار من شركاء دوليين واتفاقيات لبيع أصول مع دول خليجية، بالإضافة لمليار دولار من صندوق الاستدامة التابع لصندوق النقد الدولي.

فاتورة ضخمة من أجل سداد القروض والفوائد

الأرقام السابقة تمثل جزءًا يسيرًا من الفاتورة الإجمالية لديون مصر الخارجية، والتي احتفلت البنك المركزي قبل أيام بانخفاضها بقيمة 700 مليون دولار لتسجل 155 مليار دولار بنهاية شهر سبتمبر الماضي، غير مضاف إليها القروض اللاحقة.

وذكر البنك أن الانخفاض بسبب تراجع سعر صرف معظم العملات المقترض بها أمام الدولار الأمريكي بنحو 2.7 مليار دولار، فضلًا عن ارتفاع صافي المستخدم من القروض والتسهيلات بنحو ملياري دولار.

وأشار التقرير إلى أن أعباء خدمة الدين الخارجي بلغت 4.8 مليار دولار خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر الماضي من العام المالي 2022-2023 وبلغت الأقساط المسددة نحو 3.2 مليار دولار والفوائد المدفوعة نحو 1.6 مليار دولار، منوهًا بأن نسبة رصيد الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي بلغت 32.4% نهاية سبتمبر 2022، وهي لا تزال في الحدود الآمن وفقًا للمعايير الدولية.

ووفقًا للأرقام المعلنة من البنك المركزي يبلغ إجمالي الالتزامات على مصر خلال العام المالي الجاري، 20.2 مليار دولار سُدد منها خلال النصف الأول الذي انتهى في ديسمبر 8.7 مليار دولار، ويتعين على الحكومة سداد ديون خارجية بنحو 9 مليارات دولار تستحق السداد في عام 2023.

وتملك مصر احتياطي من النقد الأجنبي، يقدر بـ34.3 مليار دولار في حين تحتاج في الوقت الحالي إلى نحو 41 مليار دولار لتغطية مدفوعات الديون وعجز الحساب الجاري حتى نهاية العام الجاري 2023.

القائمة الطويلة من القروض جعلت مصر تنضم إلى القائمة القصيرة لأكثر الدول «مديونة» في العالم لصندوق النقد، والتي تتصدرها الأرجنتين بـ150 مليار دولار، وتأتي خلفها الإكوادور ومصر بديون تتراوح بين 40 و45 مليار دولار، بحسب «رويترز».

بيع الشركات من أجل السداد

الخطوات المصرية مؤخرًا تجاوزت الاقتراض لتصل إلى بيع الشركات والمؤسسات المصرية الكبرى من أجل الحصول على النقد الأجنبي للوفاء بالالتزامات وسداد مستحقات الدين وفوائده، فأعلنت الحكومة مؤخرًا قائمة تضم 32 شركة تنوي طرحها في البورصة، بالإضافة إلى مؤسسات أخرى لم تعلن في القائمة من الأساس.

التجربة المصرية تتشابه كثيرًا مع الوضع في الأرجنتين، فالوضع في بوينس آيرس يتطابق بدرجة أسوء من القاهرة، فالبلدين لجأ إلى صندوق النقد للاقتراض وانهارت عملتهما فبعد أن كان البيزو الأرجنتيني يعادل 3.8 مقابل الدولار في عام 2010، تجاوز الآن الـ205، في أكبر انهيار في البلاد.

وتراجع الجنيه المصري إلى نحو 32 جنيهًا مقابل الدولار الأمريكي، بعد أن كان بسعر 15.6 في مارس 2022، ما يزيد معاناة البلاد ويرفع معدلات التضخم إلى مستويات غير مسبوقة، بالإضافة إلى شح العملات الأجنبية في البلاد.

دوامة القروض لن تنتهي

ويرى الخبير الاقتصادي، الدكتور إلهامي الميرغني، أن الحكومة تورطت في ديون منفلتة بلا رقابة، ودخلت في مشروعات غير ضرورية وغير مدرة للدخل وعندما حل أجل السداد وبدأ المانحين يسألون عن أموالهم، عادت لصندوق النقد وشروطه المجحفة مرة أخرى وخفضت قيمة الجنيه، بالإضافة إلى منح القطاع الخاص المزيد من المميزات، بالإضافة إلى الانسحاب من عدة مجالات وفق وثيقة ملكية الدولة.

وأضاف الميرغني لـ«ذات مصر»: «مصر دخلت في دوامة قروض لن تنتهي، والوضع مأساوي الآن، الموازنة الحالية تكشف أننا ندفع الآن 1600 مليار جنيه لسداد قيمة القروض وفوائدها، وأننا سنقترض 1500 مليار لتغطية العجز في الموازنة، ما يعني أننا لا ندفع سوى 100 مليار فقط من الموازنة».

وتابع: «مصر عليها استحقاقات ضخمة جدًا خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، وعمدت إلى بيع الأصول لتغطية العجز، ولم يقتصر البيع على الشركات بل امتد لكل أصول الدولة التي يمكن أن تباع رغم الأهمية الاستراتيجية لبعض المشروعات مثل الموانئ وشركات الأسمدة والبنوك وشركات التأمين والفنادق الكبري وغيرها».

وأردف: «الحلقة المفرغة لن تحل سوى بإجراءات إصلاح عاجلة للقطاع الزراعي والصناعي ومنظومة الضرائب، ووقف سيل القروض المستمر، وإلا ستصبح مصر في السنوات القادمة أثيرة للجان الرقابة الثنائية من صندوق النقد والبنك الدولي كما كان الأمر في عهد الخديوي إسماعيل قبل نحو 100 عام».