رسالة مؤثرة لطبيب قبل لحظات من الهجرة: خارت قوانا في مقاومة اللا نظام واللا أمل

الأطباء
الأطباء

يستمر نزيف شباب الأطباء يومًا بعد الآخر، فهناك من يهاجر بلده ويتركها للأبد تاركًا خلفه أحلام كان من الممكن أن تتحقق وسط العائلة والأصدقاء ليفيد بعلمه وخبرته المكتسبة بلاده ولكنهم أصبحوا يعانوا من مشكلات عديدة ومعقدة مؤمنين أنه لا حلول بعد الآن، وهناك شباب آخرين يتم فقدانهم خلال رحلتهم في ترس الحياة سواء بتوقف مفاجئ في القلب  بسبب ساعات العمل الطويلة أو ترك المهنة والعمل بأخرى كي يتأقلموا مع واقع الحياة والمعيشة، في حين أن البعض يستمر في عمله ولكن بالإتجاه إلى القطاع الخاص وكلها حلول مناسبة لظروفهم ولكنها تأتى على حساب المريض الذي يدفع الثمن غاليا.

 

رسالة طبيب شاب يهاجر إلى لندن 

لعل هذه الضغوط شعر بها الطبيب الشاب الدكتور مينا عبد الملاك والذي جاء في رسالته وهو يهاجر إلى لندن: "رحلنا ونرحل وسوف يستمر رحيلنا أنا ومئات من زملائي خارت قوانا في مقاومة اللانظام واللاأمل.. لم يكن قرار الرحيل سهلاً.. لا أحسب نفسي طبيباً فذاً ولكني أعلم أني طبيب جيد .. أقرأ كثيراً وأجتهد كثيراً ولا أدخر جهداً في التعلم.. أذكر عاماً واحداً قد عملت فيه في أكبر مستشفيات المدينة في ذات الوقت بجانب دراسات الماجستير والزمالة البريطانية وكنت استريح لبضع ساعات بالكاد؛ كثيراً ما شعرت بتلك الخفقات الإضافية بالقلب بعد مناوبات العمل الطويلة التي كانت تصل أحياناً لـ 48 ساعة متصلة".

 

وراح يشتكي الطبيب الشاب خلال أسطر قليلة في اللحظات الأخيرة على أرض بلاده ما شعر به في عدة سنوات قليلة عمل بها في مصر في ظل واقع يرفضه هو وكثير مثله من الشباب: "لن أسرد ما وصل إليه حال الأطباء الشباب فجميع المشكلات معروفة وقتلت بحثاً ، ولعلي أخبرك أننا قد وجدنا لها حلولاً وحلولاً ولنا منها ألف مخرج- ولكن ثمة شيئاً واحداً لم نستطع أن نهزمه وهو الطموح. كان هذا هو الدافع الأساسي للسفر، لم أتقبل أبداً فكرة أن أكون طبيباً تقليدياً أو ما يسمي اصطلاحاً -شغل السوق- مجتنباً الحالات المعقدة ذات معدلات المضاعفات العالية، بالرغم من يقيني أني كنت سأنجح في الوصول لذلك وبسهولة، لكن لم يكن هذا ما أصبو إليه إطلاقاً".

"فيما يتعلق بالتدريب الطبي فالحال مذرِ حقاً.. لا يوجد أدني ترتيب أو نظام لبرنامج تدريبي واضح، يدار الحال بلا رقيب.. لا قاعدة ولا نظام.. يخضع الأمر للاشيء.. عليك أن تترك كل حياتك، تترهب لصالح العلم ، وتبذل مجهوداً خيالياً لعدة سنواتِ متواصلة لتصنع لنفسك تدريباً خاصاً بين استشاري هنا وآخر هناك، مستشفي هنا وأخري هناك بينما يقدم هذا التدريب لزميلك بالخارج مضموناً مرتباً منمقاً دون عناء - يخضع الأمر كله للهوا .. إذا أعطاك هذا من علمه فقد أعطي وإن بخل عليك ذاك فقد بخل".

واستكمل حديثه: " تخور قوي أغلبنا في إستكمال هذا المسار وينتهي الأمر غالباً: بأن تفقد طموحك تدريجياً وتكتفي بما تمكنت أن تصل إليه.أما عن سفري فأعتقد أني لم أخسر شيئاً علي الإطلاق -بعيداً عن الأهل والأصدقاء ؛كنت أحظي بمكانه متميزه، أكسب دخلاً جيداً، أعيش حياة هادئة مع أسرتى وسوف أنتقل من تلك الحال إلي حال أفضل و مكانةُ أفضل ودخلُ أفضل وحياة أفضل إن شاءالله وكذلك الدولة لم تخسر شيئاً أيضاً فهي لا تكترث لرحيلنا بل ستوفر بضع جنيهات تنفقها".

 

وفي نهاية حديثه أكد الطبيب الشاب أن الخاسر الحقيقي هو المريض سواء كان من البسطاء أوالقادرين .

 

منى مينا: الأطباء يشعرون بعدم الاهتمام وبقصد الإهانة 

“بنفقد أحسن عناصرنا” بهذه العبارة بدأت الدكتورة منى مينا، وكيلة النقابة العامة لأطباء مصر سابقًا، حديثها مع موقع “ذات مصر”، حيث قالت أن مشكلات الأطباء لا تخفى على أحد فالشباب يهاجرون أو يتركون العمل إلى مهنة أخرى لكسب المال والعيش بشكل أفضل “لو طبيب شاب والده يمتلك بيزنس معين يترك الطب لأنه مهنة شاقة ويتعرض للعدوى والاعتداءات ويشعر بالضغط والتوتر بسبب الدراسة والعمل ومقابل هذا لا يوجد تقدير أو احترام”.

 

ونوهت الدكتورة منى مينا، أن بعض الأطباء يذهبون إلى القطاع الخاص أو السفر للخارج وهناك أطباء يهاجرون فور اكتساب الخبرات والمهارات معلقة “ كأننا بنقصد نطفشهم وكل العالم بيحاول يشدهم بتيسيرات ومميزات مختلفة فالأطباء لا يعانون من مشكلات مادية فقط ولكن يشعرون بعدم الاهتمام وقصد الإهانة بالاعتداءات اللفظية والجسدية في المنشآت الطبية وشفت دة بعيني ".

 

وقالت“مينا” أن المشكلات قديمة ومعروفة للجميع والحل أيضا معروفة وبعد كل ذلك يتم تشكيل لجنة لدراسة أحول وأوضاع الأطباء وهي خطوة لا معنى لها ويدخل في تشكيل اللجنة رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب وهو المسئول عن قانون المسئولية الطبية الدكتور أشرف حاتم الذي في يده حل قاطع لمشكلة إقرار قانون المسئولية الطبية من خلال الضغط بمشروع القانون الذي تمت عليه جولات كثيرة بمجلس النواب، وأهمية سن قانون يمنع الاعتداءات ومنع عمل محضر مضاد من أسرة المرضى للطبيب الذي يتقدم ببلاغ لإجباره على التنازل.

 

أمين صندوق الأطباء: شباب الأطباء يسافرون للوضع الأفضل

وفي السياق ذاته، أكد الدكتور أبو بكر القاضي، أمين صندوق نقابة الأطباء، وأمين مساعد صندوق اتحاد نقابات المهن الطبية،  أن الأطباء يهاجرون بسبب الوضع الأفضل بالخارج فعلى سبيل المثال الطبيب في الكويت راتبه يكون 1500 دينار كويتي أي 150 ألف جنيه مصري،مقابل أن الاستشاري في وزارة الصحة يحصل على 5000 جنيه أي الشهر لديه يساوي 30 شهر عمل في مصر، والطبيب هناك يعمل  ساعات فقط ولكن هنا يعمل بالحكومة وفي مستوصف وعيادة وأكثر من مكان حتى يوفر حياة كريمة.

 

وتابع أمين الصندوق أن كل الأطباء يريديون ويتمنون أن يعيشوا في مصر ولكن في حالة أن يكون لديهم رواتب توفر لهم حياة ومعيشة كريمة خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي نعيشها، مؤكدا أن الحلول ممكنة كما أنها تتوقف على قيادات الدولة لتحسين الصحة وأحوالها من خلال لجنة وزارية يمكنها الجلوس معنا ووضع مقترح لتنفيذه وحلول ممكنة وواقعية .