بين الصين والولايات المتحدة.. هل تخلت السعودية عن الحليف التاريخي؟

ذات مصر

اتخذت المملكة العربية السعودية، خلال الفترة الأخيرة، خطوات جادة باتجاه تنويع علاقاتها الخارجية وفتح مسار تعاون موازي سواء مع روسيا والصين وإيران، بعيدًا عن معسكر الولايات المتحدة الأمريكية الذي استمرت معه لعقود.

وتمثلت أبرز الخطوات السعودية في قبولها تدخل بكين لإنهاء الأزمة التاريخية بين الرياض وطهران، فضلًا عن تخفيض إنتاجها من النفط دون تنسيق مع واشنطن، وفك الارتباط جزئيًا بين بيع النفط السعودي وبين الدولار الأمريكي.

تعزيز الحضور السياسي الصيني في المنطقة بقبول وساطة بكين

مثلت التوترات بين السعودية وإيران دوما حجر الزاوية في جوهر علاقات الرياض وواشنطن المتعهدة بحماية حليفتها العربية في الخليج.

وهو الأمر الذي تخلصت منه الرياض مؤخراً بقبول الوساطة الصينية للمصالحة، بعد المصافحة التاريخية بين وزيري خارجية البلدين في بكين، وإعلان البدء في إجراءات فتح السفارات بين الجارتين، وهو ما عده كثيرون فتح باباً لمزاحمة النفوذ الصيني للنفوذ الأمريكي في الخليج عن طريق الرياض.

وردت واشنطن إعلامياً بالمسارعة في التأكيد أن البيت الأبيض كان على اطّلاع على المباحثات بين الأطراف، وقال المتحدث باسم الأمن القومي جون كيربي، إن الولايات المتحدة تتابع «بكثب» سلوك الصين في الشرق الاوسط وأماكن أخرى.

زيارة سرية لمدير المخابرات الأمريكية للرياض

وكشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن زيارة قام بها مدير المخابرات الأمريكية وليام بيرنز للرياض بعد الإتفاق علي عودة العلاقات مع طهران، معربًا عن إحباطه لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ونقل إليه أن الولايات المتحدة «شعرت بالصدمة من تقارب الرياض الأخير مع إيران وسوريا».

وحسب «مصادر الصحيفة»، فقد أبدت واشنطن استيائها من تقارب الرياض الأخير مع «الدول التي لا تزال تخضع لعقوبات شديدة من قِبل الغرب، وتحت رعاية المنافس العالمي الرئيسي لواشنطن».

تصريحات مدير المخابرات السعودية عن العلاقة مع واشنطن

وكان الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، صرح في نهاية العام الماضي بأن «الولايات لا يمكنها تحمل ترك الشرق الأوسط، خاصة وأن هناك العديد من المصالح ليست فقط اقتصادية ومصالح أعمال بل أيضا مصالح سياسية.

وأشار الفيصل إلى التقدم الروسي في الشرق الأوسط في سوريا ومناطق أخرى في المنطقة وكذا ملف إيران التي تتجاوز حدودها لتمتد إلى العراق وإلى اليمن في الوقت الحالي»،وهو ما يمكن أن يفسر تراجع النفوذ الأمريكي في الخليج بعد المصالحة بين الرياض وطهران.

تعزيز واشنطن لحضورها العسكري في ظل التراجع السياسي

في المقابل سعت واشنطن لتعزيز حضورها العسكري بإعلانها إرسال غواصة تعمل بالطاقة النووية ومزودة بصواريخ موجهة تعمل في الشرق الأوسط دعمًا للأسطول الخامس الأميركي الذي يتخذ من البحرين مقرا له، وهو الأمر الذي أعتبره الكثير من المحللين رسالة تبعث بها واشنطن إلى السعودية بأنها مازالت حاضرة في المشهد عسكريًا.

وزير الرياضة السعودي يتحدث عن مقتل خاشقجي

وزير الرياضة السعودي، الأميرعبدالعزيز بن تركي الفيصل،  رد على سؤال حول تقرير الاستخبارات الأمريكية بخصوص تورط ولي العهد السعودي،  في إصدار أمر باعتقال أو قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، بالإضافة إلى إعدام 81 شخصا في يوم واحد بقوله:«حدث إطلاق نار جماعي في أمريكا منذ مدة، هل هذا يعني أننا يجب أن نسحب حق استضافة كأس العالم من أمريكا؟ أو لا يجب أن نذهب إلى أمريكا ونقرب الشعوب من بعضها»؟

ورد مقدم برنامج 90 Minutes، على الوزير، قائلًا: «لنكن واضحين، إطلاق النار الجماعي ليس أمرا من الحكومة»، ليجيب الوزير: «أيا كان الأمر فهناك أناس قُتلوا».

خفض الإنتاج السعودي من النفط 

وأعلنت الرياض مؤخراً عن تخفيض في إنتاجها من البترول الخام، مقداره 500 ألف برميل يوميًا، ابتداء من شهر مايو وحتى نهاية عام 2023، بالتنسيق مع عدد من الدول المشاركة في إعلان التعاون من أعضاء منظمة أوبك ومن خارجها بحسب وكالة الأنباء السعودية «واس».

وانتقدت الولايات المتحدة القرار، فقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي: «لا نعتقد أن التخفيضات مرغوب فيها في هذه اللحظة نظرا لعدم اليقين في السوق».

وقالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية  أن الرياض ترسل رسالة إلى الولايات المتحدة الأمريكية مع خفض إنتاج النفط، مفادها أن «واشنطن لم تعد تتخذ قرارات في الخليج أو سوق النفط».

كما نقلت الصحيفة الأمريكية عن مصادر مقربة من ولي العهد محمد بن سلمان الأميركية، قوله للمقربين منه «أن الولايات المتحدة الأميركية لا تزال شريك السعودية، ولكن ليس شريكها الوحيد».

التعاون الاقصادي بين الرياض وبكين

تخلت الرياض مؤخرًا عن مبدأ ربط بيع النفط السعودي بالعملة الخضرا، وبدأت عقد اتفاقيات تجارية للبيع باليوان الصيني مع حليفتها الجديدة الصين، فضلًا عن عقد اتفاقات تجارية جديدة مع البرازيل وكينيا تقضي بالبيع بالعملات المحلية لهذه الدول، ما يهدد هيمنة الدولار أمام العملات الأخرى.