رغم إشعال الغرب والجنوب.. تنمية سيناء لا تزال حاضرة في العقل المصرى

ذات مصر

بدت ذكرى تحرير سيناء هذا العام، مختلفة عن ذي قبل، فبعد عقود من الإهمال والنسيان مرت على أرض الفيروز بعد الحروب المتتالية التي عاشتها، وجهت الدولة المصرية في السنوات الأخيرة بوصلتها نحو الجزء الشمال الشرقي من أراضيها رغم ما تعنيه شمالًا وجنوبًا من حروب في دول الجوار، وهجمات إرهابية انتشرت تقريبًا في كل مكان.

سنوات الحرب في سيناء

شبه جزيرة سيناء كلها تقريبًا -عدا بقعة صغيرة في محافظة جنوب سيناء- عاشت في عهد الرئيس الراحل، محمد حسني مبارك، رحلة إهمال متواصلة وتدمير لا يعرف سببه، حتى تحولت تقريبًا إلى وكر للجماعات الإرهابية، ومسرح مفتوح للمتطرفين يتنقلون بين شرقه وغربه كيفما شاءوا.

وبالفعل بعد رحيل مبارك عقب أحداث ثورة 25 يناير 2011، ثم سقوط حكم جماعة الإخوان الإرهابية في عام 2013، تحولت سيناء إلى «بقعة إرهاب» استوطنتها الجماعات المتطرفة سواء من الداخل أو الخارج ووصل الأمر إلى إعلان تنظيم داعش الإرهابي، ولاية له بداخلها.

مع سوء الأحوال في مصر حينها وخروج الأوضاع عن السيطرة، أدركت القيادة السياسية في مصر الخطأ الذي وقعت فيه لعقود لتقرر بدء رحلة «شبه مستحيلة» في دروب الصحراء، وبين ثنايا الجبال للبحث عن الفئران المختبئة في الأركان وتحت الرمال الصفراء لتطهير الأرض.

رحلة التخلص من الجماعات الإرهابية في شبه جزيرة سيناء استمرت لنحو عقد من الزمان أرتوت خلالها سيناء مجددًا بدماء المئات من شهداء القوات المسلحة والشرطة والمدنيين، بالإضافة إلى تحمل الأهالي في العديد من المناطق معاناة التهجير، وإنفاق مليارات الجنيهات.

تكلفة الحرب على الإرهاب

«العملية الشاملة سيناء» كانت الأبرز في رحلة التحرير، وجاءت عقب العملية الإرهابية التي استهدفت المصلين في مسجد الروضة في العريش بمركز بئر العبد، وأسفرت عن مقتل 305 أشخاص كانوا يؤدون شعائر صلاة الجمعة في المسجد في 24 نوفمبر 2017.

رغم عدم وجود رقم دقيق حول تكلفة تطهير شبه جزيرة سيناء من الإرهاب، إلا أنها تبدو ضخمة في ظل تصريح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بأن تكلفة الحرب على الإرهاب في سيناء، منذ عام 2011، تبلغ نحو مليار جنيه شهريًا.

وأضاف الرئيس المصري في الندوة التثقيفية الـ37 للقوات المسلحة، الشهر الماضي: «كان كل شهر على الأقل مليار جنيه لمدة 90 شهرًا من 2011 حتى اليوم»، متابعًا: «خلال 7 سنين قبل الثورة وتحديدًا في عام 2009، تشكلت بنية أساسية ضخمة في شمال سيناء عبارة عن مخازن الأسلحة والذخيرة والمفرقعات وأيضا بنية بشرية كبيرة للسيطرة».

استكمال خطوات التخلص من الإرهاب

المشاهد السابقة، لم تكن نهاية القصة برمتها لكنها كانت جزءًا ضئيلًا منها، وكان هناك تخوفات عديدة من عدم فهم الدولة للخطوات التالية، لكنها نجحت هذه المرة في الاختبار فبدأت بالتزامن مع جهود الحرب على الإرهاب وبعدها خطوات تكميلية لاستعادة شبه الجزيرة كاملة.

تحت أصوات المدافع والصواريخ ووسط انفجارات القنابل عمدت مصر إلى إعادة إعمار سيناء لتكون «جنة الله» في أرضه، من خلال تنفيذ المئات أو الآلاف من مشروعات التنمية هناك دون توقف أو التفات عنها رغم الانفجارات المتوالية في شتى الاتجاهات سواء داخليًا أو خارجيًا.

تكلفة تعمير سيناء من جديد

وفقًا لتصريحات رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، أنفقت الحكومة ومؤسسات الدولة المختلفة 610 مليارات جنيه على التنمية المتكاملة والتنمية العمرانية في سيناء، بالإضافة إلى إحداث ربط كامل ما بين غرب قناة السويس وسيناء، من خلال مجموعة من الأنفاق والكباري لخدمة التنمية. 

وأوضح رئيس الوزراء، في كلمته بمدينة الإسماعيلية، على هامش تفقد الرئيس المصري المعدات المشاركة في تنفيذ خطة الدولة لتنمية وإعمار سيناء، أن الدولة المصرية اختارت التركيز على حرب الإرهاب، بالتوازي مع البدء في عملية التنمية الحقيقية التي لم تشهدها سيناء في تاريخها. 

بشائر التنمية تهل لأول مرة

بشائر التنمية في سيناء اتضحت تمامًا بزيارة الرئيس المصري، مطلع الشهر الجاري، شرق قناة السويس على أرض سيناء بمناسبة ذكرى انتصال العاشر من رمضان للمرة الأولى منذ نحو 8 سنوات، ليبعث رسالة طمأنينة إلى الجميع عن التطور الذي تشهده «أرض الفيروز».

وكتب الرئيس السيسي عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: "في ذكرى نصر العاشر من رمضان، تلك الذكرى التي تحقق فيها النصر لمصرنا الغالية، بعد أن تلاحم جيشها وشعبها في مشهد عبقري.. سعيد بوجودي وسط أبنائي من مقاتلي القوات المسلحة المصرية شرق قناة السويس على أرض سيناء الغالية، وفخور بكفاءتهم واستعدادهم القتالي العالي.

وفي مشهد نساه الجميع ظهر أهالي سيناء مجتمعين في حفل إفطار جماعي على شاطئ البحر في العريش بمشاركة القيادات التنفيذية والشعبية والسياسية ومشايخ القبائل وعواقل العائلات، وقال عماد البلك أحد المنظمين، إن إفطار 27 رمضان على بحر العريش هو رسالة حب وسلام من أرض الفيروز لكل العالم بعدم وجود إرهاب.

الضغوط الاقتصادية في مصر، والتطورات السياسية داخليًا، بالإضافة إلى اندلاع حروب على الحدود شرقًا وغربًا خلال الأشهر الأخيرة ألمحت إلى احتمالية تغيير خطط الدولة بالنسبة لسيناء، لكن حرص الوزارات المختلفة على نشر بيانات بشأن المشروعات المنفذة والجاري تنفيذها هناك أظهرت عكس ذلك.

وزارات الري والموارد المالية والكهرباء والإسكان والتعليم، حرصت في ذكرى تحرير سيناء على نشر بيانات توضح الجهود المبذولة حاليًا لتنمية سيناء، وتشدد على حرص الدولة على استكمال خطواتها لإعادة أرض الفيروز إلى سابق عهدها.