«فايننشال تايمز»: صناديق الاستثمار الخليجية أوقفت مشاريعها في مصر «لعدم وجود إصلاحات»

قادة السعودية وقطر
قادة السعودية وقطر والإمارات

كشف تقرير حديث لصحيفة «فايننشال تايمز»، عن وقف صناديق الثروة الخليجية «مؤقتًا» لاستثماراتها في مصر، نتيجة عدم استقرار أسعار صرف العملة المصرية مقابل الدولار، وعدم وجود إصلاحات ذات مغزى وخطة إصلاح هيكلية قائمة.

لا مبيعات كبيرة منذ الاتفاق مع صندوق النقد

الصحيفة بينت، أمس السبت، أن مصر تكافح لبيع أصولها في إطار جهودها لتخفيف أزمة نقص العملة الأجنبية والتمويل، وسط تشديد دول الخليج إجراءات دعمها للبلاد، منذ توقيع قرض صندوق النقد الدولي الجديد في نهاية العام الماضي.

كانت مصر وافقت في اتفاقها مع الصندوق على تقليص تأثير الدولة بما في ذلك الجيش في الاقتصاد، كجزء من حزمة قروض بقيمة 3 مليارات دولار تمّ الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي في أكتوبر الماضي، وهي الرابعة منذ عام 2016، حسب التقرير.

وتسعى مصر لبيع العديد من أصولها لتخفيف النقص الحاد في العملات الأجنبية، وسد فجوة التمويل المقدرة بـ17 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة، وكان متوقع أن تكون دول الخليج من المشترين للأصول المصرية بعد الاتفاق مع صندوق النقد لكن لم تعلن عن أي مبيعات كبيرة منذ ديسمبر الماضي.

وأعلنت الحكومة المصرية طرح 32 شركة للبيع والشراكة لكن لم تتم أي صفقة، ويؤكد ذلك عدم إحراز تقدّم على الموقف الأكثر صرامةً الذي يتخذه المانحون الإقليميون، بما في ذلك السعودية والإمارات وقطر، وفق التقرير.

دول الخليج لا ترغب في تقديم الدعم المالي التقليدي

وذكرت الصحيفة أن الدول الخليجية أصبحت أقل رغبة في تقديم الدعم المالي التقليدي، وبدلاً من ذلك تسعى إلى الاستثمار التجاري وتتوقع من الحكومات تنفيذ الإصلاحات، مشيرةً إلى تحذير مراقبون من عدم التوافق بين توقعات القاهرة وتوقعات صناديق الثروة السيادية الخليجية.

وقال مصرفي دولي مطلع على المناقشات، إن موقف مصر يتمثل في «بيع الأشياء بعلاوة هائلة على أسعار السوق لأن المصريين يجادلون بأن الأسواق الحالية متدنية ولا تمثل القيمة طويلة الأجل”، مشيرًا إلى وجود "قدر هائل من الخلافات بين الجانبين".

نظام السيسي غير مستعد لبدء الإصلاحات

وشكّك المراقبون أيضًا في استعداد نظام السيسي الذي يقوده الجيش لبدء الإصلاحات، بما في ذلك كبح المصالح التجارية للجيش، والتي توسّعت بشكل ملحوظ في عهد السيسي وتمتدّ من الزراعة ومزارع الأسماك إلى البناء ومصانع الأغذية.

صندوق أبوظبي يوقف استثماراته «مؤقتًا»

قال مصرفيٌّ مقيم في دبي مطّلع على المناقشات، إن صندوق أبوظبي السيادي ADQ، الأداة الإماراتية الرئيسية التي تستثمر في مصر، أوقف مشاريعه مؤقتًا في البلاد، منوهًا بأنه لا شهية لأي شيء جوهري في الوقت الحالي، وأن الوضع قد يتغير بعد زيارة الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد للقاهرة منتصف الشهر الجاري.

وأوضح التقرير أن صندوق أبوظبي السيادي رفض التعليق على تلك الأنباء، مبينًا أن الإمارات لا تزال ملتزمة بمساعدة القاهرة، وأنه من المرجّح أن تقدّم أبو ظبي الدعم عبر برنامج صندوق النقد الدولي، حسبما قال أشخاص على دراية بالأمر.

السعودية منزعجة ومحبطة

وقال مصرفيٌّ ثانٍ: “في السعودية، هناك انزعاج وإحباط تامان، ويقول السعوديون هل يعتقد [المصريون] أنه من السهل جدًا خداعنا؟!”، مضيفًا: “نحن بحاجة إلى رؤية إصلاحات ذات مغزى وخطة إصلاح هيكلية قائمة”.

وانسحب صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي تعهّد باستثمار 10 مليارات دولار في مصر، مؤخرًا من محادثات لشراء البنك المتحد المملوك للدولة بعد أن أدى انخفاض الجنيه المصري إلى محو مئات الملايين من قيمة البنك الدولارية، وفقًا لمصرفي دولي وشخص آخر مطّلع على المناقشات.

قطر لن ترمي المال

في غضون ذلك، رفض جهاز قطر للاستثمار عرض حصة في شركة لتصنيع البسكويت مملوكة للجيش، وقال أحد الأشخاص المطلعين على المناقشات: “القطريون مستعدون لوضع المال، لكن يجب أن يكون استثمارًا ذكيًا، يحتاج إلى جني الأموال، أو في حالات نادرة على الأقل تحقيق التعادل”، مضيفًا: “لن يقوموا برمي المال فقط، إنهم يحاولون إيجاد الفرصة المناسبة”.

الجيش سيقاوم بيع الأصول التي تٌدر أرباحًا

يقول يزيد صايغ، الزميل البارز في مركز مالكولم إتش كير كارنيجي للشرق الأوسط، إن الجيش سيقاوم بيع الأصول التي تٌدر أرباحًا، وأن المشكلة الحقيقية للمشترين هي أنّ الشركات العسكرية تعتمد كليًا على تمويل الدولة في شكل تدفق مضمون لعقود المشتريات الحكومية وكذلك الدعم والقدرة على تحويل الخسائر لتتحملها خزينة الدولة”،.

وأضاف: “هناك القليل من عوامل الجذب للمستثمرين الخارجيين ما لم يتمّ التأكد من استمرار هذه الامتيازات”.

الاستثمار الأجنبي المباشر هو الحل

وقال محللون، إنه مع قلق المستثمرين الأجانب وإعاقة القطاع الخاص بسبب الضائقة الاقتصادية وهيمنة الجيش، فإنّ القاهرة لديها طرق أخرى قليلة لزيادة السيولة بخلاف مبيعات الأصول لحلفاء الخليج.

وبين فاروق سوسة، الاقتصادي المتخصص في الشرق الأوسط في بنك جولدمان ساكس، أنه إذا كانت مصر لا ترغب في الاستمرار في خفض قيمة الجنيه وإبطاء النمو لتقليل الطلب على الدولار، فإن الخيار الوحيد هو زيادة العرض.

وشدد  الاقتصادي المتخصص في الشرق الأوسط في بنك جولدمان ساكس، على أن الطريق الوحيد المتاح لمصر على المدى القريب يتمثل في جلب الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال مبيعات الأصول.