«الحركة المدنية» و«الحوار الوطني».. المعارضة تبحث عن منفذ رغم تعنت النظام المستمر

ذات مصر

حسمت الحركة المدنية، أمس الثلاثاء، موقفها بالمشاركة في الجلسة الافتتاحية لـ الحوار الوطني بإعلانها موافقة 13 عضوًا بها «حزب وشخصية عامة»، ومعارضة 9 أعضاء بعد اجتماع استمر نحو 4 ساعات داخل حزب المحافظين برئاسة رجل الأعمال، أكمل قرطام.

تفاصيل اجتماع الـ4 ساعات

مساء أمس الإثنين، توافدت «الأمانة العامة» للحركة على مقر الحزب كل محمل بأجندة الهيئة العليا لحزبه وآخرون بناء على رؤيتهم، ورغم الاعتراض على بعض مواقف الأحزاب الموجودة لكن الطاولة اتسعت هذه المرة للجميع.

الاجتماع الذي حضره رمز المعارضة البارز، حمدين صباحي، سبقه تحضيرات وإعلان مواقف من بعض الشخصيات والأحزاب عن نيتها بالمشاركة رغم تأكيد التزامها بقرار الحركة النهائي في ظل المستجدات التي طرأت على أجندتها.

مصادر كشفت لـ«ذات مصر»، أن الأمور لم تكن محسومة بشأن القرار النهائي، وأن بعض الشخصيات حسمت موقفها بل وعدلته قبيل التصويت مباشرة، منوهًا بأنه خلال المناقشات كانت تميل الكفة باتجاه الموافقة بإجمالي 9 أحزاب و5 شخصيات لكن أحدهم غير موقفه فجاءة، رغم تعجب بعض الحاضرين من موافقة حزبي الدستور والمصري الديمقراطي على أعضائهما.

وأوضحت المصادر، أنه دارت خلال الأيام السابقة للاجتماع اتصالات عديدة بين العديد من الرموز في الحركة وأجهزة وشخصيات محسوبة على النظام الحالي لإقناعهم بالاستمرار في المشاركة رغم عدم الاستجابة لبعض مطالبهم «السابقة الحالية» على مدار عام.

وذكرت المصادر أنه جرى مناقشة التطورات الأخيرة بشأن ضوابط الحوار وأبرزها علنية الجلسات، وتأكيد جهات أمنية على استمرار سياسة الإفراج عن المعتقلين وفتح المناخ العام أمام كافة الأحزاب والآراء المعارضة.

وأشارت الحركة، إلى أن حالة التردد كانت بسبب تعنت السلطة رغم كل ما أبدته من مواقف متزنة ومسئولة، وإخلاصها في تبني خيار الحوار السياسي، إلا أن الأمور صارت في الاتجاه المعاكس، فتراجعت وتيرة الإفراج عن مساجين الرأي بل عادت حملات ملاحقة أصحاب الرأي، وضاقت مساحات الظهور الإعلامي لرموز الحركة.

ونوهت إلى استمرار حصار العمل الحزبي برفض عقد مؤتمرات للحركة وأحزابها في المحافظات حتى تحت عنوان عرض وجهة نظر الحركة بخصوص أهمية الحوار، بل فوجئت بعض الأحزاب بتعنت شديد في حجز أماكن لدعوات إفطار رمضانية، الأمر الذي زاد من شكوك الحركة والمتابعين في فرص نجاح العملية السياسية التي قد يطلقها الحوار.

أسباب مشاركة المعارضة في الحوار 

رئيس قطاع التخطيط والتطوير بحزب المحافظين، وأحد القيادات المشاركة في الاجتماع، مجدي حمدان، بين أن الموافقين على المشاركة استندوا في أسبابهم على أن الحوار سبيل للتعامل مع الوضع الراهن، في ظل وجود آلاف المعتقلين، وحجب مئات المواقع، بالإضافة إلى التضييق على أحزاب المعارضة في أداء دورها.

وتحدث حمدان عن أسباب أخرى أيدت المشاركة، تمثلت في تغيير طريقة إدارة الحوار الوطني، بإعلان المنسق العام للحوار الوطني، الدكتور ضياء رشوان، عقد الجلسات علنية، وتكوين لجان الحوار المختلفة من 50% معارضة و50% من المؤيدين، فضلًا عن وجود مقرر من الجانبين في اللجان، ورفع الحجب عن موقع حزب التحالف الشعبي «درب».

وذكر المتحدث باسم الحركة المدنية، خالد داوود، أن الحركة ستستمر في مساعيها ومحاولاتها الجادة في كسب أرض إضافية تمكنها من الوصول إلى ضمان إجراء والمشاركة في انتخابات نزيهة سواء برلمانية أو رئاسية بما يحسن بيئة العمل السياسي في مصر، ويضمن أداء الأحزاب دورها دون تضييق.

شروط المعارضة للمشاركة في الحوار

نفت قيادات المعارضة أن تكون فرضت شروطًا للمشاركة من عدمها، لكنها أعلنت تمسكها ببعض المحددات التي اعتبرتها جوهرية لإعطاء هذا الخيار فرصة للنجاح، أهمها أن هذا حوار  «سياسي» بين معارضة وموالاة وليس نقاشًا مفتوحًا بلا بوصلة أو إطار متفق عليه.

وأشارت في بيانها، إلى أن الحوار هو جزء من عملية سياسية لا يمكن أن تتحول إلى مسار جاد أو إلى رهان سياسي حقيقي إلا بقدر ما تنتجه من انفتاح سياسي يتم من خلاله الإفراج عن السجناء السياسيين، وتتوقف فيه حملات القبض على المعارضين السلميين، وتتسع مساحات التعبير عن الرأي، ويفتح المجال للنشاط الحزبي والأهلي الدستوري.

مكاسب الاجتماعات التحضيرية

وشدد حمدان على أن المشاركة في الجلسات التحضيرية للحوار خلال العام الماضي ساهمت في تحقيق العديد من النقاط الإيجابية أبرزها الإفراج عن نحو 1100 معتقل، ورفع الحجب ولو جزئيًا عن بعض المواقع، وتقليل الملاحقات الأمنية للمعارضين نسبيًا خلال الفترة الماضية.

في الوقت نفسه، أوضحت مصادر أن المعارضة رأت أنها حققت مكاسب عديدة خلال الفترة الماضية، وأنه ينبغي البناء عليها بدل من الخروج وترك الساحة لأحزاب الموالاة، منوهةً بأن الحركة تعلم تفاصيل «السيناريو البديل» لتعامل السلطة حال انسحابها.

وقالت المصادر إن قيادات الحركة تحدثت عن ضرورة تفهم أنها تتعامل مع طرف لا يدرك حيثيات الإجراءات التي يتخذها كونها لم يمارس سياسة مطلقًا، ولا يعلم خطورة وخطأ القرارات التي يتخذها طوال الفترة الماضية من سجن وملاحقات أمنية وتضييق.

وأكدت المصادر أن الحركة لا تبحث عن إحراج السلطة بمشاركتها، ولكنها تقطع الباب أمام الإعلان عن عدم امتلاكها أفكار ومشاريع، مشيرةً إلى أنه جرى تقديم أوراقها كاملة فيما يتعلق بدراستها ومشاريع القوانين لكافة محاور الحوار إلى المستشار محمود فوزي وضياء رشوان قبل حسم موقفها بفترة حتى لا يقال إنها «ليس لديها ما تقدمه». 

ماذا تنتظر المعارضة من المشاركة؟

اتفق داوود وحمدان على أن المعارضة تنتظر تحقيق العديد من المكاسب الخاصة والعامة من الحوار، بداية من استمرار الإفراج عن المعتقلين، ووقف الملاحقات الأمنية و«زوار الفجر»، ورفع الحجب عن نحو 400 موقع.

وتتضمن أجندة المكاسب إجراء الاستحقاقات الانتخابية القادمة بآليات وضوابط تضمن نزاهتها لتتمكن المعارضة من المشاركة فيها بدءًا من الانتخابات الرئاسية في عام 2024، فضلًا عن الوصول إلى حلول وتفهمات بشأن القضايا الخلافية الموجودة الآن على كافة الأصعدة «سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا».

وأشار المتحدث باسم الحركة المدنية، إلى أن الحركة رأت أن مشاركتها تعد فرصة للإفراج عن المزيد من المعتقلين، وأن الأجهزة الأمنية وعدت باستمرار الإفراج عن سجناء الرأي الموجودين في السجون سواء المنتمين إليها أو غيرهم.

وبين لـ«ذات مصر»، أن الحركة حصلت على وعد بالإفراج عن عدد من الأسماء البارزة المنتمية إليها وغير المنتمية، وفي مقدمتهم «أحمد دومة، وعلاء عبدالفتاح، ومحمد عادل»، منوهًا بأن المبررات الأمنية في عدم الإفراج عنهم طوال الفترة الماضية بأن الأمر يتطلب بعض الإجراءات خصوصًا بالنسبة للمحكومة عليهم بأحكام نهائية.

الانسحاب من الحوار

قيادات الحركة المدنية تمنت عدم تحول الحوار إلى «مكلمة سياسية» غير مجدية، أو عدم وضع التوصيات الذي ستخرج عنه موضع التنفيذ الحقيقي، وعدم تنفيذها كما جرى مع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، حتى لا تضطر لاتخاذ قرار العودة إلى الخلف.

واختلفت الآراء حول احتمالية الانسحاب من الحوار إذا لم تتوفر الدلائل اللازمة على جديته، فالبعض رأى أن الانسحاب سيكون الحل المثالي، وآخرين أكدوا أن المشاركة في حد ذاتها ستمكنها من إيصال رسالتها للرأي العام، في حين رأى البعض أنه من السابق لأوانه مناقشة الفكرة أو الحديث عنها حاليًا لعدم زيادة الإحباط لدى المتخوفين من جدوى الحوار.