تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية.. شعارات القضية الفلسطينية تسقط أمام مكاسب بن سلمان

ذات مصر

عاد الحديث من جديد عن تطبيع دول عربية علاقاتها مع الكيان الصهيوني، لكن الدولة الجديدة التي قد تدخل القائمة قريبًا كانت تنادي مرارًا وتكرارًا برفض تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، وتوجه انتقادات حادة إلى كل الدول التي اتخذت الخطوة المفروضة شعبيًا.

المملكة العربية السعودية، هي الدولة التي بدأت في اتخاذ خطوة جديدة نحو إسرائيل في ظل السياسة الجديدة والنهج المتبع من ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، والذي كشف تقارير إسرائيلية عن إجرائه مفاوضات ومحادثات هاتفية، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، في البحرين بضغط من الولايات المتحدة الأمريكية.

مفاوضات التطبيع تبدأ 

حسب قناة «القناة 12» الإسرائيلية، أنه بعد ضغوط مارستها الولايات المتحدة الأمريكية على الرياض للدخول في المباحثات والنقاش، لتشترط الأخيرة أن تجرى المكالمة عن طريق البحرين، لتكون وسيط بين الطرفين، لإجراء مباحثات لتطبيع العلاقات خلال المرحلة المقبلة.

واشترطت المملكة وضع بعض البنود والتنازلات حتى يتم التطبيع بصورة كاملة، تضمنت منح امتيازات أكبر للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، بما في ذلك تنازلات أمنية من جيش الاحتلال لمصلحة السلطة الفلسطينية بما في ذلك تنازل الجيش الإسرائيلي عن صلاحياته بإدارة شؤون الضفة الغربية، لصالح تعزيز العمل الأمني للسلطة الفلسطينية.

وطالبت المملكة بمنح صلاحيات أمنية للرئيس الفلسطيني محمود عباس أبومازن، وأعضاء السلطة الفلسطينية في كنيسة القيامة والمسجد الأقصى، باستثناء "حائط البراق" الذي سيبقى تحت سلطة إسرائيل.

ضغط أمريكي على المملكة

وقال مصدر سعودي مشارك في المحادثات للقناة، إن "المفاوضات معقدة للغاية" وتجري بضغط من إدارة بايدن، والجانب السعودي من جهته يضع شروطا واضحة للاتفاق مع إسرائيل، (بينها تقديم إسرائيل) تنازلات بشأن القضية الفلسطينية. 

ووفق التقرير، لم ينف مسؤول إسرائيلي أن المحادثات جرت مؤخرا، قائلا: "سنعرف في الأسابيع المقبلة إلى أين ستسير الأمور، لسنا بحاجة إلى البحرين كوسيط كما يطالب السعوديون.. لدينا واشنطن".

وكانت وزارة الخارجية البحرينية أعلنت، أمس الاثنين، أن وزير الخارجية الزياني تحدث هاتفيا مع كوهين، وأنه "جرى خلال المحادثة استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين من أجل تحقيق المصالح المشتركة"، مضيفةً أن الجانبين بحثا الأوضاع السياسية في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدين أهمية إحلال الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة.

محاولات التطبيع مستمرة

محاولات تطبيع العلاقات بين المملكة وتل أبيب جرى تداولها مرارًا وتكرارًا، في كل مرة كانت السعودية تسارع بالنفي، والتشديد على رفضها الدخول في علاقات مع إسرائيل، لكن لم تعلق الرياض هذه المرة على تلك الأخبار التي تأتي بعد أيام من انتهاء أعمال القمة العربية الـ32 في جدة بالسعودية.

وكشف مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، أن الولايات المتحدة لا تزال تعمل على تحقيق هدف "إبرام اتفاق لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل"، موضحًا أنه سيزور السعودية لإجراء محادثات مع قادتها، إذ تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز العلاقات المتوترة غالبا مع الرياض.

وقال في تصريحات لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، مطلع الشهر الجاري، إن ممثلين عن الهند والإمارات سيزورون السعودية أيضا لمناقشة "مجالات جديدة للتعاون بين نيودلهي والخليج وكذلك الولايات المتحدة وبقية المنطقة".

السعودية تبحث عن مصلحتها

وبين موقع «واللا» الأمريكي، نقلًا عن مسؤولين مطلعين، أن واشنطن تدفع إلى تطبيع العلاقات بين البلدين قبيل نهاية العام الجاري، وإجراء الانتخابات الأمريكية، مشيرين إلى أن للسعودية مصلحة في اتفاق تطبيع العلاقات مع إسرائيل طالما أن بايدن موجود في البيت الأبيض.

وتابع المسؤولان: "بهذه الطريقة ستحظى الرياض الخطوة بدعم من الحزبين في واشنطن وشرعية أوسع في الولايات المتحدة الأمريكية، خصوصًا في ضوء حقيقة أن مثل هذا الاتفاق سيشمل أيضا إجراءات أمريكية تجاه السعودية قد لا تحظى بشعبية. 

ويرى مسؤولون أمريكيون رفيعو المستوى أن إحدى أهم العقبات التي تعترض طريق التوصل إلى اتفاقية شاملة بين واشنطن والسعودية وإسرائيل تتعلق بطلب السعودية تعزيز التعاون العسكري مع أمريكا والوصول إلى أنظمة أسلحة أميركية متطورة محظورة حاليا تجاهها. 

ووفقا لمسؤولين إسرائيليين وأمريكيين، فإن هناك عقبة كبيرة أخرى تتمثل في مطالبة بن سلمان بتلقي الدعم الأمريكي للبرنامج النووي السعودي، والذي سيشمل تخصيب اليورانيوم في الأراضي السعودية.

اتفاقات التطبيع العربية

هذه ليست المرة الأولى التي تدور فيها أحاديث عن إمكانية انضمام السعودية إلى اتفاقات «أبراهام»، التي انضمت لها الإمارات والبحرين والمغرب، ورغم تصريح ولي العهد السعودي قبل أيام، في القمة العربية قبل أيام، بأن “قضية فلسطين كانت وما زالت قضية العرب المحورية، وتأتي على رأس أولويات المملكة”.

واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في تصريحات تلفزيونية أن القادة السعوديين يعرفون أن إسرائيل شريك لا غنى عنه للعالم العربي، قائلا “الرياض تعرف تمامًا فوائد الشراكة معنا”.

وتزامنت تصريحات نتنياهو حينها مع تصريحات لوزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، أشار خلالها إلى عمل جارٍ لزيارة يقوم بها إلى السعودية، لكنه لم يحدد موعدها.

وزير الخارجية السعودي: التطبيع سيحدث 

شهد عام 2020 توقيع أربع دول عربية ما عُرف باتفاقيات «أبراهام» لتطبيع العلاقات بينها وبين إسرائيل، هي الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، وقال وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، حينها إن التطبيع مع إسرائيل “سيحدث في نهاية المطاف”، مضيفًا أن «السلام ضرورة استراتيجية للمنطقة» والتطبيع مع إسرائيل في نهاية المطاف جزء من ذلك”.

ومنذ ذلك الحين، تزايد الحديث عن احتمالية انضمام السعودية إلى الاتفاقيات، وفي 2021، قال مندوب الرياض الدائم في الأمم المتحدة حينها، عبد الله المعلمي، إن السعودية على استعداد لتطبيع العلاقات مع إسرائيل بمجرد أن تنفذ الأخيرة عناصر «مبادرة السلام العربي».

وتدعو المبادرة إلى إنهاء احتلال جميع الأراضي العربية المحتلة عام 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، ومنح الشعب الفلسطيني حق تقرير المصير.

وأشارت تقارير أمريكية، أن اتفاقية كهذه يمكن أن تمثل اختراقا تاريخيا في عملية السلام في الشرق الأوسط، من شأنه دفع مزيد من الدول العربية والأغلبية المسلمة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل وإعادة العلاقات الأميركية السعودية إلى مسارها الصحيح.