أردوغان رئيسا.. وأنصار كليجدار أوغلو يبحثون عنه في صناديق الاقتراع

ذات مصر

انتهت جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية التركية بنجاح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مرشح تحالف الجمهور بنسبة  52.9 %على منافسه كليجدار أوغلو مرشح تحالف الأمة بنسبة 47.91 %، _ غير الرسمية_ لتنتهي بذلك الجولة الثانية لأهم انتخابات رئاسية في الجمهورية التركية الحديثة، ليتوج أردوغان بعد هذا النصر السياسي الثمين بلقب أطول زعيم سياسي تركي بقى في سدة الحكم مدة 25 عاما بلا هزائم.

فعلى مدار الأسبوعين الماضيين وعقب انتهاء انتخابات الجولة الأولى عاشت تركيا حالة استقطاب سياسي حاد وتنابذ بالألقاب بين مؤيد ومعارض، وتصعيد في النبرة العنصرية من قبل حزب الشعب الجمهوري وأنصاره وبعض القوميين الداعمين له، تجاه المهاجرين واللاجئين ومن صوتوا من الأتراك للرئيس التركي رجب طيب أدوغان في الجولة الأولى بمناطق الزلزال، في صورة مضطربة ومتطرفة فسّرها بعض المراقبين أنها من أثر تشنجات الهزيمة في الجولة الأولى التى خرجوا منها بخفيّ حنين، وإشارة أيضا إلى ما ستكون عليه جولة الإعادة من فوز أردوغان بأريحية وهو ما حدث اليوم، فكل ممارسات المعارضة التركية قبل جولة الإعادة كانت ممارسة الغريق الذي لم يعد يملك ما يبكي على خسارته.
ورقة انتخابية خاسرة

فشل تحالف الأمة بقيادة حزب الشعب الجمهوري في تجديد لهجة خطابه السياسي قبل انطلاق الجولة الثانية التى ازدادت تطرفا وعنصرية، وبدلا من التفتيش عن حلول لمعالجة نقاط الضعف، لجأ إلى ورقة سهلة ومستهلكة وهى ورقة اللاجئين والمهاجرين لدغدغة مشاعر الجماهير واستمالتهم، فضخّموا من أعدادهم وقالوا إنهم 10 ملايين لاجئ يشكلون خطرا على الأمن القومي التركي، وسوف نرحلهم فور نجاحنا في الانتخابات، ودعموا هذه الأرقام غير الصحيحة بحملة إعلامية شعواء شملت لقاءات تليفزيونية يومية وحملات إلكترونية وسرديات موحدة ولافتات على الجدران في الشوارع تحت عنوان "سيرحل السوريون" وسوف نسترد منهم وطننا، لكنها حملات باءت بالفشل لأنها لم تقم على أساس موضوعي وتنافسي حقيقي بل على أساس استهلاكي عدائي، يعكس عجز وقلة حيلة المعارضة التركية في أن تقدم برنامج انتخابي حقيقي يقنع الناخب التركي، إضافة إلى المعادلات السياسية المعقدة التى لجأ إليها حزب الشعب الجمهوري بالتحالف مع أوميت أوزداغ رئيس حزب النصر المتطرف الذي فشل في الحصول على مقعد في البرلمان، وفي نفس الوقت تحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي المصنف إرهابيا، وهى معادلة صعبة حاولت المعارضة من خلالها أن تجمع بين الشتاء والصيف في موسم واحد، فلم تكن معادلة مُجدية سياسيا ولا مقنعة انتخابيا، ولم يجن منها كليجدار أوغلو إلا الدعاية السلبية له ولتحالفه والاتهام بالتطرف والعنصرية.

ثبات أردوغان وتحالفه

في المقابل حافظ تحالف الجمهور بقيادة أردوغان على ثبات تحالفه السياسي واستخدم لغة خطاب تقريبية واستيعابية وجماهيرية مع تفنيد ادعاءات المعارضة في الإعلام واللعب على وتر السخط الشعبي الذي جلبه على نفسه حزب الشعب الجمهوري جراء ما فعله بالأهالي في مناطق الزلزال المتضررة، فقد سلبت البلديات التابعة لحزب الشعب الجمهوري الامتيازات والخدمات التى وفّرتها للأهالي عقب حدوث الزلزال عقابا لهم بسبب التصويت لأردوغان في الجولة الأولى، في أداء سياسي سئ وصفه البعض بأنه سلوك طفولي لا يليق بنخبة سياسية تسعى لحكم تركيا، وقد دفع كليجدار أوغلو ثمنه غاليا في الإعادة.

على إثر تلك الهجمات المتوالية على الأهالي في مناطق الزلزال قام أردوغان بجولة في تلك المناطق وفتح بها مشفى حكومي بُنى في أقل من شهرين وخطب خطابا جماهيريا استمال به كثير من أهالي تلك المناطق، فأحرز أردوغان هدفا انتخابيا جديدا على حساب المعارضة بسبب أخطاءها التي استثمرها جيدا ووظفها لصالحه.

استطاع أردوغان استمالة سنان أوغان المرشح القومي في الجولة الأولى بلا أى شروط أو تنازلات وهذا بالطبع تسبب في تصديع جدار المعارضة التى كانت تأمل بانضمامه إليهم حتى خرج كليجدار أوغلو واتهمه بالخيانة، وكان لذلك التأييد أثر كبير في الجولة الثانية في ضمان تصويت نسبة ولو بسيطة من كتلة سنان للرئيس أردوغان لتقليص الفارق أكثر، فالفارق بين كليجدار أوغلو وأردوغان تقلص عن الجولة الأولى فاقترب من الثلاثة ملايين صوت، والجولة الأولى كان الفارق بينهما أكثر من مليوني صوت، فكان لدعم سنان أوغان لأردوغان مردود إيجابي ومعنوى كبير في الجولة الثانية وإن لم يؤثر كثيرا في فرضية حسم أردوغان النتيجة منذ البداية.

ليلة كليجدار الأخيرة

على الضفة الأخرى وداخل أروقة المعارضة التركية يعيش المرشح الرئاسي الخاسر كليجدار أوغلو أيامه الأخيرة سياسيا بحسب البعض، وقد تُحمّله المعارضة نتيجة هذا الفشل الذريع أمام أردوغان، وقد بدت تحركات قبل إجراء الجولة الثانية من الانتخابات لترتيب الأوضاع بعد كليجدار أوغلو من قبل أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول الحالي، فبحسب تسريبات صحفية فإن إمام أوغلو يسعى بدعم من ميرال أكشنار رئيسة حزب الجيد لإزاحة كليجدار أوغلو من رئاسة حزب الشعب الجمهوري.

وقد تجلى ذلك المسعى في تصرفات إمام أوغلو في الجولات الانتخابية الرئاسية فلم يكن يُقدم نفسه على أنه داعما لرئيس حزب الشعب الجمهوري المرشح للرئاسة بل قدم نفسه وكأنه الرئيس القادم للحزب لا سيما بعد انشقاق محرم انجه من الحزب الذي كان يُعد من أقوى المنافسين على رئاسة حزب الشعب الجمهوري لذلك أزاحه كليجدار أوغلو من طريقه.

فهل تكون تلك الليلة هى الأخيرة في حياة كليجدار أوغلو السياسية؟ فبحسب وسائل إعلام تركية قالت بعد انتهاء الفرز: إن كليجدار أوغلو أقر بالهزيمة ولن يستقيل من منصبه رغم خسارته.