عودة المصريين من ليبيا سيرًا على الأقدام.. ما حدث بعيدًا عن الكاميرات أسوأ

ذات مصر

مشاهد صادمة تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات القليلة الماضية تظهر آلاف المصريين خلال عودتهم من ليبيا سيرًا على الأقدام، مع عناوين مختلفة وكلمات صادمة عن الإهانة التي تعرضوا ولا يزالون يتعرضون لها تحت حراسة مشددة من قبل السلطات الليبية، فماذا يحدث؟

وحسب مصادر أمنية لمواقع ليبية محلية، بدأت قوات الأمن في منطقة أمساعد، الخميس الماضي، بترحيل المئات من المهاجرين غير النظاميين إلى بلادهم، وأنه يجرى ترحيل المزيد من المهاجرين المحررين من قبضة مهربي البشر.

والثلاثاء، كانت الحكومة الليبية الموجودة في طرابلس والمعترف بها من الأمم المتحدة، أعلنت استمرار العملية ضد شبكات المهرّبين في غرب البلاد، رغم الانتقادات. وقالت وزارة الدفاع التابعة لها، إن "العملية الأمنية مستمرة حتى تحقيق أهدافها".

القبض على المصريين

السلطات الأمنية في شرق ليبيا، والتي تتبع حليف مصر في ليبيا اللواء خليفة حفتر، قالت إنها ألقت القبض على آلاف الأشخاص خلال اليومين الماضيين، معظمهم من المهاجرين المصريين بعد تحريرهم من مخابئ لمهربين في بلدة إمساعد الحدودية ومناطق أخرى شرقي ليبيا، ضمن حملة تشنها ليبيا على الهجرة غير الشرعية.

الناشط في منظمة «بلادي» لحقوق الإنسان، طارق لملوم، بين أنه جرى ضبط 6 آلاف مهاجر محتجزين على الحدود معظمهم من المصريين، وأنه جرى نقلهم إلى مستودع جمارك عند معبر إمساعد الحدودي مع مصر بانتظار ترحيلهم إلى أوطانهم.

4 آلاف مصري في حوذة قوات حفتر

وأعلنت مديرية أمن بنغازي عن المداهمات في إمساعد، مشيرةً إلى ضبط 5 مهربين مشتبهين، بينهم أربعة ليبيين وبنغالي، على متن زورق كان متجها إلى أوروبا ويحمل 8 من بنغلاديش، لكنها لم تذكر مزيدا من التفاصيل عن الأزمة.

ونشرت مؤسسة "العابرين" مقطعًا مصورًا يظهر أعداد كبيرة من المهاجرين يسيرون على الأقدام نحو معبر إمساعد الحدودي مع مصر في حراسة قوات الأمن، وقيل في مقاطع أخرى أنهم حرروا من مخزن المهاجرين.

وقدرت وكالة "أسوشيتد برس"، في مقطع فيديو نقلًا عن نشطاء ليبيا أعداد المصريين بأكثر من 4 آلاف، مشيرةً إلى أنهم كانوا محتجزين لدى جماعة الاتجار بالبشر والهجرة السرية لأوروبا، إذ تعتبر ليبيا نقطة عبور مهمة للمهاجرين من إفريقيا والشرق الأوسط إلى أوروبا.

ماذا حدث للمصريين في ليبيا؟

ويمضي العديد من المهاجرين المصريين وغيرهم، أشهرًا في ظروف غير إنسانية في معسكرات الاعتقال الليبية ويتعرضون لاعتداءات جسدية ونفسية إلى حين تمكنهم أو عائلاتهم من دفع أموال للمهربين أو ترحيلهم من طرف السلطات الليبية وفقًا لتقارير منظمات دولية.

وأشار تقرير لمفوضية الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان بعنوان «لا مفر من العودة» إلى معاناة المهاجرين من ظروف احتجاز تعسفية، بالإضافة إلى التهديد بالتعذيب وسوء المعاملة والعنف الجنسي والاختفاء القسري والابتزاز وغيرها.

ووجدت البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا أن المهاجرين في ليبيا يواجهون «جرائم ضد الإنسانية»، منوهًا بأنه بمجرد وصول المهاجر يواجه خطر التعرض للتجريم والتهميش والعنصرية، بالإضافة إلى تجاوزات حقوق الإنسان ترتكبها كل من الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية على حدّ سواء».

سر نشاط حفتر

ومع تداول مقاطع فيديو يظهر آلاف المهاجرين يعودن إلى مصر سيرًا، انفجرت حالة من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، والانتقادات لتعامل السلطات الليبية معهم، ووصف الكثيرين طريقة ترحيلهم بـ«المهينة».

وبحسب مصادر أمنية، فإن الحملات الجاري تنفيذها تأتي بأوامر مباشرة من قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، في ظل الاتفاقات التي عقدت مؤخرًا مع الغرب بشأن وقف عمليات الهجرة غيرة الشرعية.

وقال نشطاء حقوقيون في ليبيا، إن حفتر وقواته يتلقون مئات الملايين من الدولارات من الغرب لوقف تدفق المهاجرين، وأن النشاط الملحوظ لهم مؤخرًا جاء بعد الحديث عن عدم بذلهم جهودًا كافية للتعامل مع الأزمة.

وانتقد النشطاء طريقة تعامل قوات حفتر مع المهاجرين وترحيلهم سيرًا على الأقدام دون مراعاة لحقوقهم الإنسانية التي يتلقون ملايين المساعدات من أجلها أيضًا، مشيرين إلى أنه جرى معاملة المهاجرين بطريقة مهينة.

الهروب من مصر

على مدار الـ8 سنوات الماضية، أعلنت ليبيا إعادة أكثر من 60 ألف مهاجر لى بلدانهم الأصلية عبر أفريقيا وآسيا من خلال برامج «المساعدة على العودة»، التي أطلقت بشراكة مع الأوروبيين، اللافت هنا أن أعداد المهاجرين المصريين الذين يحاولون عبور البحر المتوسط نحو أوروبا تزايد بشدة.

مصر أصبحت تحتل ثاني أكبر نسبة للمهاجرين بليبيا بعد مهاجر النيجر، وأعلنت بيانات وزارة الداخلية الإيطالية، عن توقيق 16 ألف مهاجر مصري وصلوا بالقوارب إلى هناك العام، فضلًا عن ضبط أكثر من 26 ألف مصري على الحدود الليبية، وفق وثيقة لمفوضية الاتحاد الأوروبي، نشرتها رويترز.

زيادة معدلات هروب المصريين من بلادهم يتزامن مع الأزمة الاقتصادية العنيفة التي تتعرض لها القاهرة خلال السنوات الأخيرة والتي ساهمت في خفض الجنيه بأكثر من 150%، فضلًا عن ارتفاع التضخم لمعدلات قياسية، وتوقف آلاف المشاريع والمصانع عن الإنتاج في ظل تعثر الحصول على مستلزمات الإنتاج بسبب شح وجود العملات الأجنبية.