البحث عن سرير.. نقص عدد الأسرة في المستشفيات الحكومية تهديد مباشر للفقراء

نقص أسرة الرعاية
نقص أسرة الرعاية المركزة

وضعت الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر على مدار العامين الماضيين، منظومة الصحة التابعة للدولة في ورطة كبيرة، مع عدم قدرة الكثيرين على تحمل تكاليف العلاج في المستشفيات الخاصة، والتي ارتفعت أسعارها بنسب تتجاوز الـ 15 - 30 ألف جنيه في الليلة الواحدة بالرعاية المركزة ويمكن أن يفوق الأمر ذلك وفقا للحالة الصحية والعلاج والإشراف الطبي ويختلف من مستشفى لأخرى.

المستشفيات الحكومية والجامعية باتت ترفع شعار «كامل العدد»، في ظل معاناتها حاليًا من نقص كبير في أعداد الأسرة، وأصبح الحصول على سرير عادي أمل صعب المنال، وعليه يضطر المرضى إلى افتراش الأرض للحصول على الرعاية الطبية المطلوبة.
 

أرقام صادمة

تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة لا تقل عن 3 % من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجيًا حتي تتفق مع المعدلات العالمية، وتلتزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحي شامل لجميع المصريين يغطي كل الأمراض.

في عام 2018، حسب الإحصائيات الواردة في النشرة الصحية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بلغ إجمالي عدد المستشفيات بقطاعي الحكومي والخاص بالمحافظات نحو 1848 مستشفى موزعة على محافظات الجمهورية، كما سجل إجمالي عدد الأسرة بقطاعي الحكومي والخاص نحو 131 ألف سرير، حيث أن حصة القطاع الحكومي من المستشفيات بلغت 691 مستشفى، مقابل 1157 مستشفى تتبع القطاع الخاص، كما  كانت حصة القطاع الحكومي من الأسرة نحو 95 ألف و683 سريرا، مقابل 35 ألف و320 سريرا.

وفي عام 2019، بلغ إجمالي عدد المستشفيات 652 مستشفى مقابل 691 مستشفى عام 2018 بإنخفاض بلغت نسبتها 5.6 ٪ وبلغ إجمالي عدد مستشفيات الجامعات 89 مستشفى عام 2019 وهو نفس العدد في العام السابق كما بلغ إجمالي عدد الأسرة في المستشفيات 92599 سريراً عام 2019 مقابل 95683 سريراً عام 2018 بإنخفاض بلغت نسبته 3.2٪.

 

زيادة عدد أسرة المستشفيات الخاصة في 2019 عن العام السابق له

وفي القطاع الخاص، بلغ إجمالي عدد المستشفيات 1130 مستشفى عام 2019 مقابل 1157 مستشفى عام 2018 بانخفاض بلغت نسبتها 2.3 ٪ وبلغ إجمالي عدد الأسرة في المستشفيات 35745 سريراً عام 2019 مقابل 35320 سريراً عام 2018 بزيادة بلغت نسبته 1.2٪.

وأصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في أبريل الماضي 2023 بيانًا صحفيًا بمناسبة اليوم العالمي للصحة به أهم المؤشرات الإحصائية ومنها:
 

القطاع الحكومي: بلغ إجمالى عدد المستشفيات بالقطاع الحكومى 664 مستشفى عام 2021 مقابل 662 مستشفى عام 2020 بزيادة بلغت نسبتها 0.3 ٪ فيما بلغ اجمالى عدد الاسرة بمستشفيات القطاع الحكومي 83034 سريراً عام 2021 مقابل 88597 سريراً عام 2020 بانخفاض بلغت نسبته  6.3 ٪ فضلا أن اجمالى عدد مراكز الأسعاف 1535 مركزاً عام 2021 مقابل 1565 مركزاً عام 2020 بانخفاض بلغت نسبته  1.9٪.

 

القطاع الخاص: بلغ إجمالى عدد المستشفيات 1145 مستشفى عام 2021 مقابل 1136 مستشفى عام 2020 بزيادة بلغت نسبتها 0.8 ٪.

 

 

اليابان الأولى في أسرة المستشفيات وفقا لمنظمة OECD

وتضم منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) ، 35 دولة عضوًا تعمل معًا لتحسين التنمية الاقتصادية والتجارة العالمية حيث تأتي اليابان في المرتبة الأولى لأسرة المستشفيات في العالم بمتوسط 13.4 ، لكل 1000 شخص، بمعنى آخر، هذا يزيد عن 1.5 مليون سرير، يتضمن هذا الإحصاء أسرة في كل من المستشفيات والعيادات حيث تعرف اليابان المستشفيات على أنها مراكز رعاية صحية، بها أكثر من 20 سريرًا، في حين أن العيادات بها عدد أقل، كما يوجد في هذا البلد حوالي 8،500 مستشفى، وأكثر من 100000 عيادة، أي أن المستشفيات والعيادات في اليابان، قادرة على استيعاب 1.3 مليون مريض في المستشفيات في نفس اليوم.

الصحة: ليس لدينا نقص في أسرة الرعاية ولكن سوء توزيع

وفي أكتوبر الماضي 2022 قال الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة في جلسة أمام مجلس النواب: "لدينا 5470 رعاية مركزة بمستشفيات وزارة الصحة على مستوى الدولة و1415 سرير رعاية متوسطة وأكثر من 5 آلاف سرير رعاية مركزة بالمستشفيات الجامعية"، لافتا إلى أنه طبقا للمعدلات العالمية ليس لدينا نقص فى أسرة الرعاية المركزة، ولكن لدينا سوء توزيع، ونقص فى الكوادر العاملة فى الرعاية.
 

الحق في الدواء: لدينا عجز في أسرة الرعاية المركزة بمتوسط سرير لكل 7 آلاف مريض

من جانبه، طالب الدكتور محمد علي عز العرب، استشاري الجهاز الهضمي والكبد، ومؤسس وحدة أورام الكبد في المعهد القومي للكبد، والمستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء، في تصريحاته لـ “ذات مصر”، بضرورة وجود مبادرة للتغلب علي نقص أسرة الرعاية المركزة لأن أي مريض أقاربه تتصل تلجأ إلى رقم الطوارئ الخاص بتوفير العناية المركزة والحضانات ورعاية الحروق 137 أو يكون أمامهم فقط الذهاب إلى المستشفيات الخاصة بأسعار مرتفعة جدا لذا يجب توفير أعداد من الأسرة خاصة إذا علمنا أن المتوسط سرير واحد فقط لكل 7 ألاف مواطن أي نحتاج عدد كبير من أسرة الرعاية المركزة.

وأشار عز العرب خلال حديثه، إلى أنه من الضروري الاهتمام بتحسين أقسام الطوارئ في جميع مستشفيات الدولة الموجودة في مختلف محافظات الجمهورية، لافتا إلى أن جهود الدولة واضحة في تحسين الرعاية الصحية العلاجية ولكن نأمل زيادتها بالنسبة لأقسام الطوارئ والرعاية المركزة وحضانات الأطفال، مع التأكيد على ضرورة الإشراف بشكل كامل من الدولة على القطاع الخاص بالنسبة للأسعار لأن هناك ارتفاع مبالغ فيه بالأسعار.

الرئيس السيسي: نحتاج لمضاعفة عدد الأسرة والمستشفيات

ومن جانبه قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال فعاليات المؤتمر والمعرض الطبي الأفريقي الثاني «صحة أفريقيا»، منذ أيام، إننا استطعنا من خلال المبادرات تحسين الصحة العامة للمصريين، ومصر اكتسبت خبرة كبيرة في المجال الصحي، مؤكدا أنه في مصر يوجد 105 ملايين شخص ونحتاج لمضاعفة عدد الأسرّة والمستشفيات.

 

طلب إحاطة في “البرلمان” للسيطرة على أسعار العلاج بالمستشفيات

 

طالب النائب محمود قاسم عضو مجلس النواب من الحكومة بصفة عامة والدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة والسكان بصفة خاصة، بإحكام الرقابة وتكثيف الحملات التفتيشية المفاجئة على مختلف المستشفيات والمراكز الطبية التابعة للقطاع الخاص حيث هناك عدداً كبيراً من المستشفيات والمراكز الطبية التابعة للقطاع الخاص أصبحت أسعار العلاج بها جنونية ومرتفعة للغاية.

 

وتساء ل قاسم في طلب إحاطة قدمه للمستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب،: “هل وزارة الصحة والسكان لديها قوائم بالأسعار الخاصة بعلاج المواطنين بمختلف المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة؟”، مؤكدًا أن المستشفيات الخاصة أصبحت تتاجر في صحة المواطنين بسبب إهمال وزارة الصحة والسكان وعدم قدرتها على إحكام الرقابة على أسعار العلاج داخل المستشفيات الخاصة، التي أصبحت أسعارها وتكلفة اليوم الواحد لعلاج أي مريض، فيها تفوق مقدرة أي مواطن.

 

حل جديد.. وحدات العناية المتوسطة لسد الفجوة في العناية المركزة

وناقش وزير الصحة الشهر الماضي آليات التشغيل التجريبي لمنظومة وحدات العناية المتوسطة، بعدد من المستشفيات على مستوى الجمهورية، ووضع الدلائل الإرشادية للعمل بها، وتنفيذ برامج تدريبية مكثفة للفرق الطبية التي ستعمل بتلك الوحدات، مؤكدًا أهمية وحدات الرعاية المتوسطة في سد الفجوة بين الأقسام الداخلية والجراحية، ووحدات العناية المركزة، لنوعية محددة من المرضى الذين لا يحتاجون إلى أجهزة تنفس صناعي أو غسيل كلوي أو استخدام كثيف للأدوية المقوية لعضلة القلب، أو الخدمات التمريضية والطبية المكثفة.

ولفت الوزير إلى  أن وحدات الرعاية المتوسطة ستساهم في تقليل الضغط على أسرة العناية المركزة، للمرضى الأكثر احتياجًا لتلك الأسرة، كما توفر المزيد من الوقت والموارد، للمرضى الذين يحتاجون إلى رعاية دقيقة وفائقة، مؤكدا أهمية حوكمة العمل بتلك المنظومة وتشكيل لجان مراقبة لمتابعة العمل بها، وتطبيق الاشتراطات وآليات التشغيل التي سيتم وضعها.