المستقبل الغامض للتنظيمات الجهادية في بلچيكا وفرنسا بعد تصاعد أعمال العنف

ذات مصر

حالة من الخوف والفزع يسيطران  على جهاز شرطة اليوروبول والأمن الفرنسي، ليس بسبب تصاعد أعمال العنف في باريس، عاصمة الجن والملائكة كما كان يحب أن  يطلق عليها الأديب المصري عبد القادر المازني أثناء دراسته الدكتوراه في باريس في أربعينات القرن الماضي، ولكن الغريب هو حالة العجز التي عليها جهاز الأمن الفرنسي في إخماد نار الغضب في ضواحي باريس بعد مقتل الشاب نائل برصاص الشرطة الفرنسية.

ولكن الخوف الآن  ينحصر في أمرين بالنسبة لأجهزة الأمن الفرنسية والبلجيكية على حد سواء، الأمر الأول هو توليفة التنظيمات الجهادية التي تنتشر في فرنسا، ومنها جماعة فرسان العزة الجهادية، ومجموعة صلاح عبد السلام الذي نفذ عمليات إرهابية عام ٢٠١٥ استهدف بها مسرح بتكلان في باريس والاستاد الرياضي وتم القبض عليه في بلچيكا التي سلمته للأمن الفرنسي، ووقع ضحايا بسبب هذا الحادث بين قتلى وجرحى.

 ومجموعة محمد بو هلال التونسي الذي قاد حافلة ضخمة واقتحم بها ميدانا في مدينة نيس جنوب فرنسا،  تتجمع فيه أعداد ضخمة من الفرنسيين، وقتل وجرح على خلفيتها  أعداد كبيرة أيضا. 

أما عن بلچيكا فبها مدينة مولينبيك التي يقطن بها أكثر من ٥٠ مهاجرا من أصول عربية مختلفة معظمهم ينتمون إلى تيار الجهاد، ونتذكر  مدينة مولينبيك التي صارت محط أنظار العالم عندما خرجت  من ضواحيها مجموعة نجم العشراوي الذي بايع داعش ونفذ عملية إرهابية ضخمة في مطار زڤنتين عام ٢٠١٥ بمساعدة موظف في مطار زڤنتين يسمي يوسف العجمي. وقتل الاثنان على خلفية مداهمات الأمن البلچيكي. 

وبعد تحريات الأمن الفرنسي والبلچيكي وقتها تأكد تدفق تمويلات ضخمة قادمة من جمعيات دعوية من أربعة ولايات أمريكية، وهي كاليفورنيا وفلوريدا وتكساس وشيكاغو، لقيادات جهادية داخل فرنسا وبلچيكا، وهو ما يعد فشلا لأجهزة الأمن الفرنسية والبلچيكية في تجفيف منابع التمويل. وكانت تدخل تحت اسم مساعدات لفقراء المهاجرين. 

ولا يقل الوضع في بريطانيا خطورة عن فرنسا وبلچيكا نظراً لانتشار الجمعيات الدعوية التي تتبع حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي، وجمعية تتبع إخوان ليبيا وجميعهم يعملون تحت مراقبة صارمة من جهاز شرطة اسكوتلاند يارد، هذا بجانب مجموعة فؤاد بلقاسم الجهادية  التي ارتكبت أعمال عنف مع بداية انطلاقات الربيع العربي، ومكتب التنظيم الدولي في شارع كريكلوود في لندن، كان هذا يصعب الأمر علي الأجهزة الأمنية التي لا تملك أجندة أمن سياسي للتوليفة المتنوعة من التنظيمات الجهادية في عدة دول أوربية.

في الوقت نفسه الذي يثور فيه القلق في فرنسا وبلچيكا، ماذا لو نفذت هذه التنظيمات عمليات إرهابية على غرار مسرح بتكلان والاستاد الرياضي في باريس عام ٢٠١٥-  كنوع من الانتقام المباشر ردا علي مقتل الشاب نائل على يد الشرطة الفرنسية التي ما زالت عاجزة عن حماية المنشآت الحكومية في باريس وعدة مدن فرنسية، ولكن الأكثر خطورة هو دخول اليمين المتطرف على خط المواجهة الذي طالب برحيل حاملي الجنسية الثانية من العرب، بل طالبهم  بمغادرة أوروبا. وتتحول وقتها القارة البيضاء العجوز إلى معارك في سبيل الإله.

وسيحترق كل شيء، بل وستسقط عن الأجهزة الاستخباراتية في أوروبا صفة السيطرة والتتبع وستكون الفوضى وقتها عارمة.