قمة دول جوار السودان| مصر تحاول وقف الصراع بخطة رباعية.. واتفاق جماعي على رفض التدخل الأجنبي

ذات مصر

استضافت القاهرة، اليوم الخميس، قمة دول جوار السودان، لوضع حد للصراع الممتد منذ منتصف أبريل الماضي، ويتصاعد أسبوعًا تلو الآخر بين قوات الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان، وميلشيا الدعم السريع التي يتزعمها محمد حمدان دقلو «حميدتي».

تستهدف مصر من القمة بحث سُبل إنهاء الصراع الحالي وتداعياته السلبية على دول الجوار، مع وضع آليات فاعلة بمشاركة دول الجوار للسودان، لتسوية الأزمة في السودان بشكل سليم، بالتنسيق مع المسارات الإقليمية والدولية الأخرى، في حين يرى مراقبون أن استضافة القاهرة لقمة دول الجوار بمثابة مسار إضافي لوقف إطلاق النار والدفع بأطراف الصراع إلى طاولة المفاوضات.

وسبق وأن اجتمعت "الإيجاد"، يوم الإثنين، المكونة من 8 دول في منطقة القرن الإفريقي وما حولها، في أديس أبابا، لإطلاق عملية سلام لحل الصراع في السودان، لكن غياب وفد الجيش بدد فرص التوصل لاتفاق، وهو ما رفضته بشدة الخارجية السودانية.

خطوات مصر لحل أزمة السيسي

الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، شدد في كلمته بالقمة، على أن بلاده ستبذل كل ما في وسعها بالتعاون مع كافة الأطراف لوقف نزيف الدم السوداني الغالي، والمحافظة على مكتسبات شعب السودان العظيم، والمساعدة في تحقيق تطلعات شعبه التي عبرت عنها الملايين من أبنائه، خلال ثورته المجيدة، في العيش في وطنه بأمن وحرية وسلام وعدالة.

وأشار السيسي إلى أن مصر ستعمل على تسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية، المقدمة من الدول المانحة للسودان عبر الأراضي المصرية وذلك بالتنسيق مع الوكالات والمنظمات الدولية المعنية.

وطرح السيسي تصور مصر لخروج السودان من مأزقه الراهن، والذى يرتكز 4 عناصر، هي: “مطالبة الأطراف المتحاربة بوقف التصعيد، والبدء دون إبطاء، في مفاوضات جادة تهدف للتوصل لوقف فورى ومستدام، لإطلاق النار، ومطالبة كافة الأطراف السودانية، بتسهيل كافة المساعدات الإنسانية”.

وتضمنت محاور الرؤية المصرية إقامة ممرات آمنة، لتوصيل تلك المساعدات، للمناطق الأكثر احتياجا داخل السودان ووضع آليات، تكفل توفير الحماية اللازمة لقوافل المساعدات الإنسانية، ولموظفي الإغاثة الدولية لتمكينهم من أداء عملهم.

إطلاق حوار سوداني

السيسي بين أن بلاده ستطلق حوار جامع للأطراف السودانية، بمشاركة القوى السياسية والمدنية، وممثلي المرأة والشباب يهدف لبدء عملية سياسية شاملة، تلبى طموحات وتطلعات الشعب السوداني في الأمن والرخاء والاستقرار والديمقراطية.

وبين السيسي أن مصر تسعى لتشكيل آلية اتصال منبثقة عن هذا المؤتمر، لوضع خطة عمل تنفيذية للتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية على أن تضطلع الآلية بالتواصل المباشر مع أطراف الأزمة والتنسيق مع الآليات والأطر القائمة.

رفض التدخل الأجنبي

 وذكر رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر يوسف الدقير أن قمة القاهرة يجب أن تؤكد على رفض التدخلات الخارجية بأية أقوال أو أفعال من شأنها توسيع رقعة الحرب، مؤكدًا أهمية القمة كونها تجمع الدول الأكثر تأثرا بالحرب الدائرة في السودان.

وذكر رئيس إريتريا أسياس أفورقى أن قمة القاهرة فرصة سانحة لدول جوار السودان لدعم الشعب السوداني، مضيفاً: «نرفض أي تدخلات خارجية تعقد الأزمة في السودان، ويجب أن تكون هناك آلية واضحة للمساهمة في حل الأزمة بالسودان، ولا يوجد مبرر لاستمرار الحرب في السودان».

وتابع رئيس إريتريا: "يجب منح الشعب السوداني الفرصة لإنهاء الحرب وتحديد مستقبله"، مطالبا دول جوار السودان بتوفير المناخ المناسب لإنهاء الحرب.

قمة القاهرة لا تقدم جديدًا

وجه رئيس جنوب السودان سلفاكير، الشكر  للرئيس عبد الفتاح السيسي، على تنظيم القمة مكملاً: «نجتمع هنا اليوم من أجل مناقشة سبل إنهاء الأزمة في السودان، وأؤكد على أن هذه القمة تأتي في وقت حساس وحرج بالنسبة لنا جميعا، فدول جوار السودان أمامها فرصة لتباحث الوضع في السودان».

وأضاف "سلفاكير"، خلال قمة دول جوار السودان، أن إنهاء الوضع والأزمة السودانية تعمل عليها منظمة الإيجاد وكذلك الاتحاد الأفريقي، وأن القمة ليست بشيء جديد لدول الجوار السوداني، لإنهاء الصراع داخل السودان وتأثيراته على الدول المجاورة".

الجامعة العربية تتحدث

كما أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أبو الغيط خلال القمة اهتمام مجلس الجامعة العربية منذ اندلاع الأزمة ببحث سبل استعادة السلم والاستقرار في السودان في إحدى أهم أولويات الجامعة العربية، مطالبًا بضرورة وقف جميع الاشتباكات المسلحة حقنا للدماء والحفاظ على أمن وسلامة المدنيين ومقدرات الشعب السوداني ووحدة أراضيه وسيادته.

 وأضاف أبو الغيط أنه يجب معارضة أي تدخل خارجي في الشأن السوداني والتضامن الكامل مع السودان في سيادته واستقلاله ووحدة أراضيه والسعي لوقف إطلاق النار بشكل دائم وفوري يسمح باستئناف العملية الانتقالية، مع التأكيد على أهمية دور دول الجوار التي تواجه الأعباء الإنسانية الأمنية الكبيرة للأزمة.

البيان الختامي لقمة دول الجوار

شدد القادة في البيان الختامي للقمة على الاحترام الكامل لسيادة ووحدة السودان وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شئونه الداخلية، والتعامل مع النزاع القائم باعتباره شأناً داخلياً، وأهمية عدم تدخل أي أطراف خارجية في الأزمة بما يعيق جهود احتوائها ويطيل من أمدها.

ونوه القادة إلى أهمية الحفاظ على الدولة السودانية ومقدراتها ومؤسساتها، ومنع تفككها أو تشرذمها وانتشار عوامل الفوضى بما في ذلك الإرهاب والجريمة المنظمة في محيطها، وهو الأمر الذي سيكون له تداعيات بالغة الخطورة على أمن واستقرار دول الجوار والمنطقة كله.

وأشار الزعماء إلى أهمية التعامل مع الأزمة الراهنة وتبعاتها الإنسانية بشكل جاد وشامل يأخذ في الاعتبار أن استمرار الأزمة سيترتب عليه زيادة النازحين وتدفق المزيد من الفارين من الصراع إلى دول الجوار، الأمر الذي سيمثل ضغطاً إضافياً على مواردها يتجاوز قدرتها على الاستيعاب، وهو ما يقتضي ضرورة تحمل المجتمع الدولي والدول المانحة لمسئوليتهما في تخصيص مبالغ مناسبة من التعهدات التي تم الإعلان عنها في المؤتمر الإغاثي لدعم السودان، والذي عقد يوم 19 يونيو 2023 بحضور دول الجوار.

وأعربوا عن القلق البالغ إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان، وإدانة الاعتداءات المتكررة على المدنيين والمرافق الصحية والخدمية، ومناشدة كافة أطراف المجتمع الدولي لبذل قصارى الجهد لتوفير المساعدات الإغاثية العاجلة لمعالجة النقص الحاد في الأغذية والأدوية ومستلزمات الرعاية الصحية، بما يخفف من وطأة التداعيات الخطيرة للأزمة على المدنيين الأبرياء.

واتفق الحضور على تسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية المقدمة للسودان عبر أراضي دول الجوار، وذلك بالتنسيق مع الوكالات والمنظمات الدولية المعنية، وتشجيع العبور الآمن للمساعدات لإيصالها للمناطق الأكثر احتياجاً داخل السودان، ودعوة مختلف الأطراف السودانية لتوفير الحماية اللازمة لموظفي الإغاثة الدولية.

وشددوا على أهمية الحل السياسي لوقف الصراع الدائر، وإطلاق حوار جامع للأطراف السودانية يهدف لبدء عملية سياسية شاملة تلبي طموحات وتطلعات الشعب السوداني في الأمن والرخاء والاستقرار.

وأعلنوا الاتفاق على تشكيل آليه وزارية بشأن الأزمة السودانية على مستوى وزراء خارجية دول الجوار، تعقد اجتماعها الأول في جمهورية تشاد، لاتخاذ ما يلي:

▪ وضع خطة عمل تنفيذية تتضمن وضع حلول عملية وقابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال والتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية عبر التواصل المباشر مع الأطراف السودانية المختلفة، في تكاملية مع الآليات القائمة، بما فيها الايجاد والاتحاد الأفريقي.

▪ تكليف آلية الاتصال ببحث الإجراءات التنفيذية المطلوبة لمعالجة تداعيات الأزمة السودانية على مستقبل استقرار السودان ووحدته وسلامة أراضيه، والحفاظ على مؤسساته الوطنية ومنعها من الانهيار، ووضع الضمانات التي تكفل الحد من الآثار السلبية للأزمة على دول الجوار، ودراسة آلية إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الشعب السوداني.