تفاصيل «المرض الغامض» في قنا والبحر الأحمر.. ماذا حدث على مدار شهرين؟

مكافحة الأمراض
مكافحة الأمراض

انتشرت خلال الساعات الماضية، أخبار حول انتشار أعراض مرضية متشابهة على أكثر من 200 شخص في قرية العليقات في محافظة قنا،  تتمثل في ارتفاع في درجة الحرارة وإعياء شديد وآلام وظهر تخوف من تفشي مرض حمى الضنك.

ماذا يحدث في قنا؟ رواية الصحة

الأنباء التي خرجت من قنا، أشارت إلى إصابة عدد من الأهالي بارتفاع في درجة الحرارة، وآلام في العظام، وإعياء، وتستمر من 3 إلى 5 أيام، حيث أن الأعراض لا تشكل نسقا واحدا، وجميعها أعراض تتراوح بين الخفيفة والمتوسطة، ولا تستوجب الحجز في المستشفيات.

وعقب انتشار الأخبار، أعلنت وزارة الصحة إرسال فرق من الطب الوقائي، والعلاجي، والترصد الوبائي، لتقصي المعلومات حول الشكوى، مشيرة إلى سحب عينات من المرضى، وعينات بيئية، كما تم إرسال فرق مكافحة ناقلات الأمراض، وفحص عينات من المياه، وأماكن الصرف الصحي، كما تم حصر أعداد أصحاب الشكاوى المتشابهة.

وكشفت وزارة الصحة أن الأعراض التي ظهرت مشتركة بين كثير من الأمراض الشائعة كالبرد والإنفلونزا، والنزلات المعوية والحمى التي ينتشر الإصابة بها بالتزامن مع ارتفاع درجات حرارة الطقس، وتختفي مع الراحة ومخفضات الحرارة، وشرب السوائل.

مستشار الرئيس يتحدث

من جانبه، أكد الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجهورية للشئون الصحية والوقائية، أن فصل الصيف تكثر فيه احتمالية انتشار أي فيروس حيث أن إصابة أكثر من شخص من عائلة واحدة بنفس الأعراض المرضية أمر طبيعي، ولم يتم رصد أي حالات جماعية تثبت وجود مرض غير طبيعي.

ولفت تاج الدين إلى أن "الإصابة بالإجهاد الحراري من أعراضه ارتفاع الحرارة، والتكسير في الجسم، وفقدان الوعي، محذرًا المواطنين من التعرض المباشر لأشعة الشمس وضرورة تناول كميات كبيرة من المياه والسوائل.

تفاصيل «المرض الغامض»

ومع انتشار الحديث حول ظهور «مرض غامض»، كشفت مصادر أن عددًا كبيرًا من أهالي القرية، بدأت تظهر عليهم فجاءة أعراض متشابهة ما أثار تساؤلات حول ما يحدث، موضحة أنه برصد الوضع اكتشف أنها أعراض مرضية تتشابه مع فيروس حمى الضنك.

وأوضحت المصادر لـ«ذات مصر»، أن الأزمة الحالية في قنا سبقها قبل نحو شهرين تعرض عدد من أهالي سفاجا والقصير للإصابة بنفس الأعراض ولكن بصورة أسوء عن الوضع في قرية العليقات، منوهةً بأن الوزارة لم تتخذ قرارًا حتى الآن لإعلان ما يحدث.

وقال المركز المصري للحق في الدواء، محمود فؤاد مدير، إن المستشفيات في قنا استقبلت حتى الآن أكثر من 300 حالة مصابة بمرض غامض وفقًا لحديث 4 أعضاء من مجلس النواب، مشيرةً إلى أن مسؤولين بالصحة نبهوا على الأطباء بعدم الإفصاح عن المرض.

وأشار في تصريحات لـ«ذات مصر»، إلى أن الوضع ساء جدًا في المحافظة رغم أن الأطباء والصيادلة أن المرض يستغرق من 3 إلى 7 أيام فقط، بالإضافة إلى شن حملات تفتيش على الصيدليات بالمحافظة بسبب تركيب المحاليل للمرضى وارتفاع أسعارها، مشددًا على إغلاق 3 عيادات.

ونوه فؤاد إلى أن قرية نجع سند وقرية العليقات قوص في محافظة قنا زادت فيهما الحالات المصابة بالمرض الغامض، مشيرًا إلى أن الحكومة بدأت التحرك على أرض الواقع، وأن المهم هو معرفة الوضع في القصير وسفاجا في محافظة البحر الأحمر، خصوصًا أن الأنباء الصادرة من هناك تشير إلى أن الوضع أسوء مما يحدث في قنا.

وشدد مدير المركز المصري للحق في الدواء، في تصريحاته على ثقته في عدم تبليغ أي مسؤول في وزارة الصحة، الوزير خالد عبدالغفار عن خطورة الموقف الصحي في القصير وسفاجا ثم انتقال لقرية تتبع مدينة قوص في قنا من أسبوعين.

«وباء صغير» في قنا

 كشف الدكتور شريف حتة، استشاري الطب الوقائي والصحة العامة، أن وجود أعراض مرضية تظهر على مجموعة أشخاص في قرية واحدة يسمى بـ"وباء صغير" أي أن المرض يتفشى بينهم ولكن المهم هو معرفة المرض وأسبابه للتعامل معه من خلال رصد الأعراض المرضية وأخذ عينات من المياه والصرف الصحي فيمكن أن يتسبب البعوض مثلا في تلوث المياه وهي مصدر يتغذى عليه عدد كبير من المواطنين.

وأضاف حتة في تصريحات لـ«ذات مصر»: “في فصل الصيف تكثر الأمراض بسبب ارتفاع درجات الحرارة أو التسمم الغذائي أو التلوث بسبب المياه أو البعوض والحشرات ولذا يجب معرفة السبب”، مشيرًا إلى أنه لا يجب عدم التنبؤ بالمرض إلا بعد خروج نتيجة تحاليل المياه والعينات.

وأوضح استشاري الطب الوقائي، أن الأعراض المتداولة عن الأوضاع في قنا والبحر الأحمر، تشير إلى احتمالية إصابة المواطنين هناك بـ«حمى الضنك»، والتي تسبب نفس الأعراض من ارتفاع الحرارة والإعياء وتكسير بالجسم.

الوزير: لا داع للقلق

وتحدث وزير الصحة خالد عبد الغفار وزير، تفاصيل انتشار مرض غامض ينقله البعوض في قرية سندل التابعة لمجلس قروي العليقات بمحافظة قنا، قائلا: "لا يوجد ما يدعو للقلق نهائيا داخل نجع سندل في قنا، الإصابات بسيطة وجميعها الحالات مستقرة، وتتماثل للشفاء داخل المنازل".

وأضاف الوزير أن فرق التعقيم والوقاية تباشر عمل مسح كامل للقرية للقضاء على البعوض الناقل للمرض وتعقيم المياه الراكدة، كما يقوم فريق مستقل خاص بالتثقيف برفع وعي الأهالي حول الوقاية والعلاج من الأعراض حيال الإصابة كما جرى توفير كافة الأدوية اللازمة داخل الوحدة الصحية".

وأشار وزير الصحة والسكان، إلى أن هذه الأعراض تتماشى مع الأمراض الفيروسية وتتواجد في فترات التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة ولا يدعو للقلق، لافتا إلى أن الإصابات لا تتعدى دور إنفلونزا، وجميع الحالات ما بين خفيفة ومتوسطة.

وأضاف وزير الصحة أن الوزارة دفعت بقوافل طبية للقرية لصرف العلاج بالمجان للأهالي، مؤكدا أن الفرق الطبية بجميع التخصصات متواجدة داخل القرية ولن تغادر القرية إلا بعد شفاء آخر حالة.

«حمى الضنك».. الصحة تعلن أخيرًا 

وأشار بيان للوزارة، اليوم الثلاثاء، إلى وجود البعوضة الناقلة لمرض حمى (الضنك) والمعروفة باسم الزاعجة المصرية، مبينًا أن النتائج المعملية لعينات الدم المسحوبة من الحالات المرضية من خلال فحص الأجسام المضادة، وفحص الحمض النووي أظهرت إيجابية بعض العينات لمرض حمى الضنك (الحمى المؤلمة للعظام).

وبحسب ما أعلنته منظمة الصحة العالمية، فإن حمى الضنك (الحمى المؤلمة للعظام) هي عدوى فيروسية يسببها فيروس حمى الضنك، والذي لا ينتقل بشكل مباشر من البشر إلى البشر، وينتقل إلى البشر عند تعرضهم لـ«لسعات» البعوض الحامل لهذه العدوى والذي ينتشر في أكثر من 100 دولة على مستوى العالم.

ووفقًا للمنظمة تقدر عدد الإصابات من المرض بنحو 400 مليون حالة سنويا، كما أن 40% من سكان العالم يواجهون التعرض للإصابة بالمرض وطبقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية فإن أكثر من 95% من الحالات المبلغة على مستوى العالم تظهر عليها أعراض خفيفة، مثل (صداع حاد، ألم خلف العينين، آلام بالعضلات والمفاصل، غثيان، قيء، انتفاخ الغدد، طفح جلدي) وعادة ما تدوم الأعراض بين يومين إلى سبعة أيام، وتستجيب للعلاج بمخفضات الحرارة (الباراسيتماول) وتتكرر التفشيات الوبائية للمرض ما بين 3 إلى 5 سنوات.

يعتبر الناقل الرئيسي للمرض هو بعوضة الزاعجة المصرية، كما تنقل المرض بصورة أقل الزاعجة المرقطة وينتقل الفيروس إلى الإنسان عبر لسعات إناث البعوض المصابة، وتتكاثر البعوضة في أماكن تجمع المياه الراكدة وتجمعات القمامة والصرف غير المغطى والخزانات المكشوفة والتي تعتبر بيئة مناسبة لتكاثر البعوض, لذا فإن أفضل سبل المكافحة هي تحسين مستوى النظافة العامة والعمل على منع تواجد القمامة والمستنقعات والمياه الراكدة.

الوضع في قنا والبحر الأحمر

وشدد وزارة الصحة في بيانها على أن جميع الحالات المصابة هي حالات بسيطة وتلقت علاجها بالمنزل ولا توجد حالات من القرية، تم حجزها بالمستشفيات نتيجة لمرض حمى الضنك ولا توجد أي حالات وفاة، وبعض الحالات مرتبطة بحالات ظهرت عليها الأعراض في مدينتي سفاجا والقصير.

أكدت و وزارة الصحة والسكان اتخاذ وتنفيذ كافة الإجراءات الوقائية والاحترازية في مكافحة نواقل المرض والحد من انتشاره.