الكنز الذي يضيء فرنسا في مهب الريح.. تفاصيل انقلاب النيجر

ذات مصر

النيجر بلد حبيس يقع في غرب أفريقيا، وأطلق عليه اسم النيجر نسبة إلى نهر النيجر الذي يخترق أراضيها، وكانت النيجر تحت الحكم الفرنسي حتى استقلت عام 1960.

ويبلغ إجمالي مساحة النيجر حوالي 1,270,000 كم مربع، مما يجعلها أكبر دول منطقة غرب أفريقيا من حيث المساحة، كما يبلغ إجمالي عدد السكان وفقا لآخر إحصائية أجريت 21,129,076 نسمة.

ويتركز معظمهم في أقصى جنوب وغرب البلاد، وعاصمتها هي مدينة “نيامي” وهي أكبر مدن النيجر التي تقع أغلبها على الضفة الشرقية لنهر النيجر في الجزء الجنوبي الغربي من البلاد.

اقتصاد النيجر

وتعد النيجر أحد أفقر دول العالم وأقلها نمواً على الإطلاق، إذ تغطي الصحراء الكبرى ما يقرب من 80% من إجمالي مساحة البلاد، ويعتمد اقتصاد البلاد بشكل شبه كلي على تصدير بعض المنتجات الزراعية والتي يتركز إنتاجها في الجزء الجنوبي من البلاد، بالإضافة إلى تصدير بعض المواد الخام ومن أهمها خام اليورانيوم.

وبالرغم من هذا، تظل النيجر عاجزة عن النهوض بنفسها اقتصاديا واجتماعيا نتيجة لموقعها كدولة حبيسة، بالإضافة إلى افتقارها للبنية التحتية المناسبة وتدهور حالة القطاع الصحي بالبلاد، وكذلك انحسار مستوى التعليم والظروف البيئية.

نظام الحكم في النيجر

وأقرت السلطات في النيجر الدستور الجديد في 18 يوليو من عام 1999 والذي تم العمل به للمرة الأولى خلال فترة حكم الجمهورية الثالثة للبلاد، وبمقتضاه يتم انتخاب الرئيس عبر اقتراعٍ سريٍ مباشر لفترة رئاسية تمتد لخمس سنوات، ويقوم الرئيس باختيار رئيس الوزراء الذي يشاركه السلطة التنفيذية للبلاد.

 الأحزاب السياسية وقادتها

أما الأحزاب السياسية في البلاد، فهي المؤتمر الديموقراطي الاجتماعي - رحمة CDS-Rahama، بزعامة عبده لابو Abdou LABO.

والحركة الوطنيّة من أجل مجتمع نامي MNSD-Nassara، بزعامة سييني أوماروSeini OUMAROU.

والحزب النَّيجَريّ الاشتراكي الديموقراطي PSDN.

والتحالف النَّيجَري من أجل الديموقراطيّة والتقدُّم الاجتماعي ـ زامان لاهيا ANDP-Zaman Lahia، بزعامة موسى موموني Moussa Moumouni.

والحزب النيجري من أجل الحكم الذاتي- الأمة PNA، بزعامة سانوسي جاكو Sanousi JACKOU.

.حزب التقدم النيجري PPN-RDA.

والتحالف من أجل الديموقراطية والتقدم ـ جماعة RDP-Jama'a، بزعامة حامد الجابد Hamid ALGABID.

والتحالف الاجتماعي الديموقراطي RSD-Gaskiyya، بزعامة شيفو أمادو Amadou CHEIFFOU.

 

الانتخابات الرئاسية الأخيرة وفوز “محمد بازوم”

 

صدر مرشح الحزب الحاكم في النيجر "محمد بازوم" نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 27 ديسمبر.

وحصل بازوم على 39,33% من الأصوات وواجه في الجولة الثانية الرئيس السابق "ماهمان عثمان" الذي حل ثانياً بنسبة 16,99 % وفق النتائج التي أعلنتها اللجنة الانتخابية.

وبلغت نسبة المشاركة في التصويت 69,67%، مع إدلاء 5,2 مليون ناخب بأصواتهم من أصل 7,4 مليون ناخب مسجل من عدد السكان البالغ نحو 23 مليون نسمة، وفقا لهذه النتائج التي يجب أن تصادق عليها المحكمة الدستورية.

وحصل رئيسا الوزراء السابقين سيني أومارو ثالثا والبادي أبوبا رابعا على 8,95% و7,07% من الأصوات متقدمين على وزير الخارجية السابق إبراهيم يعقوب الذي احتل المرتبة الخامسة بنسبة 5,38% من الأصوات، وأصبح بازوم رئيساً للجمهورية بعد فوزه بالانتخابات فى فبراير الماضي بحصوله على 55% من الأصوات فى مواجهة منافسه الرئيس الأسبق ماهامان عثمان.

من هم منفذو انقلاب النيجر

الحرس الرئاسي هو الجهة التي نفذت الانقلاب وتلت البيان الأول، لكن بعد يوم واحد انحاز الجيش للحرس الرئاسي مؤيداً للانقلاب، وتم إعلان قائد الحرس الرئاسي الجنرال عبد الرحمن تياني رئيسا للمجلس الانتقالي، بصفته "رئيس المجلس الوطني لحماية الوطن"، أي المجلس العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم.

لم يعترف الرئيس المعزول بالانقلاب ولم يوقع على قرار التنازل، بينما أضرم مؤيدو الانقلاب النار في مقر الحزب الحاكم.

أسباب انقلاب النيجر

وذكر موقع “ميديا بارت” (Mediapart) في تقرير له أن الارتباك الحقيقي بشأن تحديد الموقف من الانقلاب كان سببه عدم وجود تفسير منطقي له، مبرزا أنه لا يوجد سبب للإطاحة بالرئيس محمد بازوم.

ووفق للتقرير، فلم يكن الوضع بالطبع جيدا، لا من حيث الأمن ولا من الناحية الاقتصادية ولا من حيث سياسة الحكم، لكن كل المؤشرات كانت تشير إلى أن الأوضاع تتحسن بما لا يبرر  وقوع انقلاب.

وأضاف الموقع الفرنسي أنه من الواضح أن الانقلاب استمرار للانقلابات في مالي وبوركينا فاسو، التي تتميز بالتقارب مع روسيا وبتنامي المشاعر المعادية لفرنسا.

فالنيجر هي آخر حليف لباريس في المنطقة، بعد أن انسحب إليها ما تبقى من قوة حملة "برخان"، وهي تضم آلاف الجنود الفرنسيين الذين يبقون بعيدا عن الأنظار.

احتجاز محمد بازوم داخل القصر الرئاسي

وهاجم أنصار الانقلاب في، مقر حزب الرئيس المعزول وأضرموا فيه النيران ورجموا السيارات في الخارج بالحجارة وأحرقوها وقامت مجموعة صغيرة من المخربين كان البعض منهم يحمل الأعلام الروسية وفقا لموقع الجزيرة باعتقال محمد بازوم الرئيس المعزول.

وقال مستشاره الخاص إنتينيكار الحسن للجزيرة إنه لا يزال محتجزا داخل القصر الرئاسي، وأكد أنه بصحة جيدة، مشيرا إلى أنه يسمح للرئيس بالتواصل مع العالم الخارجي.

وأضاف الحسن أن الرئيس كان على اتصال مع عدد من القادة الأجانب، وقدموا له الدعم الكامل. وتابع بأن الشعب لا يوافق على الانقلاب الذي وقع في البلاد، قائلا إنه "لم تسفك الدماء حتى الآن، ولكن كلام الانقلابيين قد يشعل حرائق"، حسب تعبيره.

وتلقى بازوم اتصالات هاتفية من عدد من المسؤولين الأجانب، بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد.

موقف مصر من انقلاب النيجر

قالت وزارة الخارجية المصرية، الخميس الماضي، إن مصر تتابع بقلق بالغ تطورات الأوضاع فى النيجر، وأنها تشدد على حرصها على سلامة واستقرار جمهورية النيجر الشقيقة والحفاظ على النظام الدستوري والديمقراطي في البلاد.

وأكدت مصر في بيان لوزارة الخارجية، تضامنها الكامل مع شعب النيجر الشقيق، داعيةً إلى تغليب المصلحة العليا للوطن والحفاظ علي سلامة المواطنين.

الموقف الدولي من انقلاب النيجر

أدان مجلس الأمن بالأمم المتحدة، امس الجمعة، بشدة "المساعي الرامية لتغيير السلطة الشرعية للنيجر على نحو غير دستوري"، ودعا إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن رئيس النيجر محمد بازوم.

وشدد المجلس المؤلف من 15 عضواً في بيان تم الاتفاق عليه بالإجماع على ضرورة حماية بازوم وأسرته وأعضاء حكومته.

وجاء في البيان أن "أعضاء مجلس الأمن عبروا عن قلقهم إزاء التأثير السلبي للتغييرات غير الدستورية للحكم في المنطقة وزيادة الأنشطة الإرهابية والوضع الاجتماعي والاقتصادي المتردي".

الخارجية الأمريكية تدين انقلاب النيجر

كما قالت وزارة الخارجية الأميركية الجمعة إن الوزير أنتوني بلينكن أبلغ رئيس النيجر المخلوع بازوم خلال اتصال هاتفي أن الولايات المتحدة ستعمل على ضمان استعادة النظام الدستوري بالكامل في أعقاب الانقلاب العسكري.

وأضافت الوزارة أن بلينكن تحدث هاتفيا أيضا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا وبحث معها الجهود المبذولة لاستعادة النظام الدستوري في النيجر.

الموقف الفرنسي من انقلاب النيجر

وصف الرئيس الفرنسي من بابوا غينيا الجديدة الانقلاب العسكري في النيجر بالتطور الخطير جدا على أمن المنطقة بأسرها، ودعا “ماكرون” للإفراج عن الرئيس المعزول محمد بازوم وضرورة إعادة إرساء النظام الدستوري في البلاد.

وتعهد “ماكرون” بدعم مجموعة الإيكواس، سواء في جهود الوساطة أو فرض عقوبات على منفذي الانقلاب.

من جهتها، قالت الخارجية الفرنسية أمس الجمعة إن باريس لا تعترف بالسلطات المنبثقة عن الانقلاب العسكري في النيجر، وتعتبر بازوم المنتخب ديمقراطيا الرئيس الوحيد للنيجر.

ولدى فرنسا - القوة الاستعمارية السابقة للنيجر - نحو 1500 جندي في هذه الدولة الواقعة في غرب أفريقيا، منتشرين في قواعد عسكرية.

تمثل النيجر كنزا ثمينا لفرنسا باعتبارها أحد أقوى حلفاء باريس في دول الساحل والصحراء، فضلا عن كونها مصدرا رئيسيا للإمداد باليوارنيوم المستخدم في إنتاج الكهرباء لملايين الأسر بالبلاد.

وتوثقت شراكة "نيامي" وباريس في منطقة الساحل والصحراء، بعدما نقلت فرنسا قواتها من مالي عام 2022، إلى النيجر، بداعي الاستفادة من الخبرات الفرنسية في التدريب العسكري ومكافحة الإرهاب.

وبعد ساعات قليلة من المحاولات الانقلابية التي شهدتها النيجر، أبدت فرنسا "إدانتها الشديدة لأي محاولة لتولي الحكم بالقوة"، بعدما عمد عناصر في الحرس الرئاسي إلى احتجاز الرئيس محمد بازوم.

النيجر كنز فرنسا في أفريقيا

تعتبر النيجر هي رابع أكبر منتج لليورانيوم في العالم، في عام 2021، زودت الاتحاد الأوروبي بما يقرب من 25 بالمائة من إمدادات اليورانيوم، مما ساعد على إنتاج الكهرباء لملايين الأسر.

و في مارس 2021، أغلقت النيجر مناجم كوميناك بالقرب من بلدة أرليت الشمالية، لكن تُرك السكان المحليين للعيش مع 20 مليون طن من المواد المشعة في موقع المنجم، وفقا للجنة المستقلة للبحوث والمعلومات حول النشاط الإشعاعي ومقرها فرنسا.

كان قرابة 35 بالمئة من اليورانيوم المستخدم في المفاعلات الفرنسية عام 2020، يأتي من النيجر.

أوضحت منظمة "آغير إنمان" غير الحكومية المحلية لحماية البيئة، أن تعدين اليورانيوم كان من المفترض أن يساعد في مكافحة الفقر بالبلاد "لكن ما حدث هو أن مشاكلنا تفاقمت فقط".

وأقرت النيجر في العام 2006 قانونا بشأن المناجم لزيادة الضرائب على المعادن المستخرجة من 5.5 بالمئة إلى 12 بالمئة مع إلغاء عدد من الإعفاءات الضريبية.

وفي 2007، طالب الرئيس السابق مامودو تانغا بزيادة تصل إلى نسبة 40 بالمئة في سعر شراء اليورانيوم من قبل شركة "أريفا" الفرنسية.

أما في 2014 وبعد مفاوضات مطولة، تم التوقيع على اتفاق تحصل بموجبه النيجر على فوائد أفضل من خلال بناء منجم إيمورارين العملاق.

على الرغم من ذلك، لم تستفد النيجر على مدار تاريخها كثيراً من ثراء تربتها، ففي 2020، لم تتجاوز مساهمتها في الميزانية الوطنية 1.2%.

وكانت الوكالة الفرنسية للتنمية  تعمل على زيادة استثماراتها في النيجر من 100 مليون يورو إلى 150 مليون يورو كقروض ومنح.