رضا حجازي.. وزير «السناتر»

ذات مصر

في أواخر عام 2022، عُيَّن الدكتور رضا حجازي وزيرًا للتربية والتعليم، خلفاً لطارق شوقي الذي كان نائبًا له منذ 2019، حينها بدأت التساؤلات الكثيرة حول ما سيصنعه الوزير الجديد في المشاكل التي تواجهها الوزارة، وخصوصًا ملف الثانوية العامة والمناهج الجديدة، ومشكلات أخرى تواجهها الوزارة.

بدأ حجازي عهده بالإشارة إلى أولويات أجندته للوزارة، التي كان أهمها عودة الدور الحقيقي للمدارس وانتظام الطلاب خاصة في مرحلة الشهادتين، الإعدادية والثانوية، وأيضًا تعيين 30 ألف معلم سنويًا لسد العجز في المعلمين بالمدارس.

أزمة العجز في المدرّسين

بدأت أزمة المعلمين تلقي بظلالها على العملية التعليمية في المدارس مع بدايات الألفية الثالثة، كأثر مباشر لقرار توقيف تكليف خريجي كليات التربية أواخر التسعينات بذريعة أن ميزانية الدولة لا تتحمل عبء تكليف خريجي كليات التربية آنذاك.

ووصل عجز المعلمين في مصر بعد ربع قرن من قرار وقف التكليف إلى نحو 500 ألف معلم، وفق تقديرات كثيرة، في وقت يتخرج فيه الآلاف سنوياً من 27 كلية للتربية منوطة بتخريج معلمين في كل التخصصات.

واجه الوزير انتقادات حادة بشأن أزمة نقص المعلمين في المدارس، وتقاعسه عن حل الأزمة، ما دفع الوزارة للإعلان عن مسابقات للتعيين، كانت شروطها مجحفة وبدت غير منطقية للكثيرين. 

الوزارة أعلنت عن تعيين مدرسين بالمكافأة 20 جنيهًا مقابل الحصة، ثم لاحقتها بإعلان آخر عن طلب مدرسين للعمل تطوعيًا في المدارس، إلى أن أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي، تكليفًا بتعيين 150 ألف معلم على مدار 5 سنوات.

المسابقة التي أعلن عنها الرئيس طالتها انتقادات كثيرة، بسبب شروطها المفاجئة للمتقدمين، مثل كشف الهيئة في الكلية الحربية، واستبعد بسببها معلمون كثر، أدوا اختبارات الوزارة بنجاح، لكن الوزارة استبعدتهم بسبب ما سمتها موانع صحية، تتمثل في الوزن والزائد والحمل.

لجأ وزير التعليم إلى تغيير نظام الدراسة في كليات التربية لتصبح 3 سنوات نظرية والرابعة للتدريب العملي في المدارس، لحل أزمة عجز المعلمين، ما أثار مخاوف لدى أساتذة في القطاع التربوي بشأن ضمانات التنفيذ، فضلاً عن رأي الكثيرين بأنه إجراء غير عملي.

تقنين الدروس الخصوصية

ظلت محاربة الدروس الخصوصية لسنوات طويلة على رأس أولويات مسؤولي وزارة التعليم، لكن الوزير رضا حجازي، أبى إلا أن يعلن للجميع نية الحكومة لتقنين أوضاع مراكز الدروس الخصوصية، ومنح المعلمين رخصة للعمل بها، مشيرًا إلى أن فاتورة الدروس الخصوصية في مصر تصل سنويًا إلى 47 مليار جنيه، لا تعلم الحكومة أو الوزارة عنها شيئا.

التحول الذي أثار الدهشة والانتقادات، خاصة أن موقف الوزارة كان مناقضًا تمام قبل أيام من هذه التصريحات، ما دفع نوابًا في البرلمان لانتقاده بشده، واعتبار القرار بمثابة "شهادة وفاة" للتعليم الحكومي في مصر.

وقال النائب عبد المنعم إمام إن شرعنة الدروس الخصوصية بمثابة شهادة وفاة للتعليم الحكومي والمدارس في مصر. فيما حذر النائب عاطف ناصر من أن تقنين الدروس الخصوصية سيزيد من معاناة المصريين أكثر وأكثر.

وأبدى معارضي القرار دهشتهم من لجوء الحكومة إلى تقنين الدروس الخصوصية بدلا من القضاء عليها والنهوض بالمنظومة التعليمية، وإنهاء العجز في المعلمين وفي الفصول الدراسية، وإعادة الانضباط في المدارس. ووصفوا القرار بأنه انتصار ساحق لتجار التعليم ومافيا الدروس الخصوصية.

وكانت وزارة التربية والتعليم، اتخذت إجراءات لمنع ظاهرة الدروس الخصوصية واستعانت بالأجهزة التنفيذية لتطبيق الإجراءات، وأعدت مشروع قانون يجرم الدروس الخصوصية، تضمن غرامة لا تقل عن 5 آلاف ولا تزيد على 50 ألف جنيه، بالإضافة إلى الحبس لكل من أعطى درسًا خصوصيًا في مركز أو مكان مفتوح.

تسريب امتحانات الثانوية العامة

مع تولي الوزير السابق، طارق شوقي مسؤولية الوزارة، انتشرت ظاهرة تسريب امتحانات الثانوية العامة في مصر، وأعلنت صفحة على فيسبوك تحمل اسم "شاومينج بيغشش ثانوية عامة"، أنها تتحدى وزارة التعليم، وأعلنت في مرات كثيرة نجاحها في هذا التحدي.

اعترف رئيس الامتحانات، رضا حجازي، في تصريح له عام 2017، أكد فيه صحة تسريب بعض الامتحانات، بعدما تمكنت "شاومنيج" من الحصول على امتحان اللغة العربية ونشره على مواقع التواصل.

ومع قرار الوزارة اعتماد نظام الامتحانات الإلكترونية ليكون بديلاً عن الورقية، بعد تكرر تسريب الامتحانات، صرح وزير التعليم حينها، بأن الامتحانات الإلكترونية أكثر تأمينًا، وتسريبها صعب، وإنها تضمن العدالة بين الطلاب، وجه رسالة لمن يحاولون الغش قائلاً: " لو فكرتوا تعملوا كده هتدفعوا التمن غالي".

لكن الوزارة فشلت في التعامل مع الأزمة ومنع تسرب الامتحانات، حتى مع وجود الامتحانات الإلكترونية، واستمر التسريب أيضًا مع قدوم رضا حجازي وتوليه مسؤولية الوزارة.

واستمرت مجموعة "شاومينج" في تسريب الامتحانات، ولم تستطع الوزارة القضاء على الظاهرة، حتى مع فرض عقوبات مشددة، تصل إلى الحبس مدة 7 سنوات، بالإضافة إلى غرامة تصل إلى 200 ألف جنيه.

نظام الدراسة بين الورقي والإلكتروني

منذ تولي رضا حجازي الوزارة، برزت تساؤلات كثيرة بشأن إبقاء نظام التابلت أو إلغائه، خاصة بعد مطالبات كثيرة بإلغائه والعودة للنظام القديم، وعودة الكتاب المدرسي، وإلغاء التصحيح الإلكتروني. وانتشرت إشاعات بإلغاء التابلت وعودة الكتب الورقية.

لكن الوزير نفى صحة هذه الإشاعات، وأكد أنه سيتم توظيف التابلت في المدارس الثانوية، ولن يتم إلغاؤه. مشيرًا إلى أن تطوير التعليم مستمر وأنه خطة الدولة للتطوير.

لكن الوزير قرر إلغاء الامتحانات الإلكترونية، والعودة إلى الورقية بنظام "البابل شيت"، وقال في جلسة أمام مجلس الشيوخ، إنه التقى الرئيس عبدالفتاح السيسي، وقال له إنه لا يستطيع اختبار 700 ألف طالب على التابلت.

فصول مكدسة

تعاني فصول الدراسة في مصر من التكديس والتزاحم منذ عقود، وتعاني بعض المدارس من التهالك حتى أن بعضها يوشك أن ينهار. وصرح الرئيس السيسي بأن مصر بحاجة إلى 60 ألف فصل سنويًا، لسد عجز الفصول وإنهاء حالات التكديس.

وأظهرت صور متداولة تضمنت أسماء 119 طالبًا وطالبةً داخل فصل واحد بمدرسة الشهيد عبدالله عيسوي التابعة لإدارة الخانكة التعليمية بمحافظة القليوبية. وواجه القائمون على المدرسة سيلاً من الانتقادات في ظل التكدس المبالغ فيه، فضلاً عن إمكانية تأثير العد على الحياة الصحية للطلاب.

مدارس توشك أن تنهار

كانت بداية العام الدراسي 2022/2023 متعثرة، حيث شهد اليوم الأول انهيار جزء من سور مدرسة "المعتمدية الابتدائية" في مدينة كرداسة بمحافظة الجيزة، أدى إلى وفاة طالبة وإصابة 15 آخرين جراء التدافع.

قرر الوزير إثرها، إحالة مدير الإدارة التعليمية ومدير المدرسة والمشرفين على المبنى إلى التحقيق، تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية بشكل عاجل. موجّها هيئة الأبنية التعليمية بإجراء مراجعة لجميع المباني المدرسية للتأكد من سلامتها وأمانها.

وفي اليوم الثاني للدراسة، لقيت طفلة مصرعها إثر سقوطها من الدور الثالث بمدرسة "سيد الشهداء" في منطقة ميت عقبة.

لم ينجح الوزير في قيادة الوزارة كما كان يأمل، بل ظلت المشاكل -المعروفة سلفًا- تنهال عليه، مع عجزه عن إدارتها وحلها بالشكل  المطلوب.