أردوغان يمنح «الإخوان» الأمان في اجتماع ابتزاز القاهرة

ذات مصر

خرجت العلاقات المصرية التركية من المسار المتفق عليه بين القيادات الدبلوماسية والأمنية في البلدين، لتبدأ جولة جديدة من الصراع بين البلدين، فالتقى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أمس الثلاثاء، وفدًا من من اتحاد علماء المسلمين ضم أكثر من 20 شخصا من مختلف دول العالم.

الإخوان في حضرة أردوغان

القاهرة وأنقرة اتفقتا خلال المفاوضات التي جرت بينهما على عودة العلاقات بعد انقطاع استمر لنحو عقد على تخلي تركيا عن دعمها ومساندتها لجماعة الإخوان الإرهابية، بالإضافة إلى تسليم بعض أعضاء الجماعة المتهمين والصادر ضدهم أحكام في قضايا إرهابية.

لكن لقاء الرئيس التركي مع الوفد والذي استمر أكثر من ساعتين يشير إلى عكس ذلك تمامًا، شهد تواجد قيادات إخوانية من مصر واليمن وليبيا وموريتانيا، بينهم القيادي في جماعة الإخوان في مصر والهارب لتركيا، محمد الصغير، لمناقشة قضايا المهاجرين إلى تركيا وأوضاعهم.

لم تخرج تصريحات رسمية من أنقرة عن ماهية المناقشات وما جرى التوصل إليه، لكن القيادي الإخواني، محمد الصغير، صرح بأن الرئيس التركي استقبل الوفد بحفاوة كبيرة و«وعد خيرا نحو كل ما عرض عليه من أمور، وخاصة قضايا المهاجرين إلى تركيا وأوضاعهم».

تصريحات الصغير، جاءت عكس تصريحات وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، والتي أكد فيها أن بلاده تكافح المهاجرين غير الشرعيين، مشيرًا إلى أنه أعد خطة للتخلص منهم في غضون 4 إلى 5 شور، ومنهم بالطبع عناصر من جماعة الإخوان.

مناورة تركيا بموقف الإخوان

تستضيف تركيا نحو 5 آلاف إخواني فروا من مصر إليها عقب الثورة ضد الجماعة في العام 2013، منهم 2000 حصلوا على جنسيتها أو إقامتها، فيما لا يزال نحو 3000 آخرين يعانون من عدم حصولهم على إقامات أو جنسية، ولا يحملون أوراقا ثبوتية، وهم الذين بدأت تركيا تعاملهم على أنهم مهاجرون غير شرعيين.

وبعد إعلان مصر وتركيا رفع علاقاتهما الدبلوماسية لمستوى السفراء، فرضت تركيا قيودا على أنشطة جماعة الإخوان المقيمين في الأراضي التركية، كنوع من الترضية لمصر، وشنت حملة مداهمات واسعة النطاق على عناصر الإخوان واحتجرت من لا يحمل أي هوية أو إقامة أو جنسية، وطلبت من اثنين من عناصر الجماعة وهما مصعب السماليجي وإسلام أشرف مغادرة أراضيها.

ورفضت تركيا منح الجنسية لعنصر إخواني وهو الدكتور محمد إلهامي الذي يتولى إدارة مركز تابع للجماعة والتوثيق والتأريخ لها ومن قبله الداعية المصري الإخواني المدان بالإعدام وجدي غنيم ، ونزعت الجنسية من نصر الدين غزلاني المدرج اسمه في قوائم الإرهاب الأميركية لصلاته بتنظيم القاعدة.

لكن ثمة أزمة اندلعت بين البلدين مؤخرًا، أدت إلى تأجيل زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي، لأنقرة، دون إعلان أسباب في ظل وجود خلافات كبيرة بين البلدين في العديد من الملفات في مقدمتها مشروع الغاز التركي الإسرائيلي، والوضع في ليبيا، وكذلك ملف أعضاء الإخوان.

تركيا لن تتخلى عن الإخوان

وفقًا لصحيفة (فورين بوليسي)، فإنّ العلاقات التي تجمع أردوغان مع جماعة الإخوان الإرهابية كانت بداية انهيار العلاقات مع عدد من الدول منذ أكثر من عقد خلال بداية الانتفاضات في العالم العربي، خاصة مع مصر والإمارات والسعودية، في حين كان أردوغان يأمل في أن يستغل نجاح الإخوان المسلمين الانتخابي في تونس ومصر في 2011 و2012 لتعويض السعودية كزعيم فعلي للعالم الإسلامي السنّي.

وأوضحت الصحيفة في تقرير لها أنّ أهم بادرة تفكر فيها أنقرة للتهدئة تجاه السعودية ومصر والإمارات هي تحولها عن دعم الجماعة الإسلامية، وذكر الكاتب أنشال فوهرا، إنّ جماعة الإخوان المسلمين تمرّ بأزمة وجودية، ويعتقد الكثيرون أنّها لن تخرج منها سالمة، لكن ما تزال لديها بعض جيوب النفوذ في المنطقة.

وأشار الباحث المصري في الإسلام السياسي، ماهر فرغلي، إلى أن تركيا لن تتخلى كليًا عن الجماعة، رغم خروج العديد من قنوات الإخوان منها وذهبت إلى لندن، لكن ليس جميع القنوات، ومثال على ذلك أنّ قناة (الشرق) الإخوانية ما تزال تبث من أنقرة.

وبين فرغلي في تصريحاته، أن العناصر الإخوانية في تركيا قدمت خدمات كبيرة للنظام الحاكم التركي، وحشدوا عناصرهم في الانتخابات الأخيرة من أجل فوز أردوغان، لهذا فإنّه يتوقع أن ردّ الجميل لهم هو ألّا تقوم تركيا بطردهم، أو التخلي عنهم، بحسب “روسيا اليوم”.

وشدد الخبير في الحركات الإسلامية، أحمد سلطان، على أن أنقرة لن تسلّم التابعين لجماعة الإخوان إلى مصر، وأنّ جهات تابعة للجماعة تدخلت للإفراج عن عدد من المعتقلين ضمن حملة شنتها مؤخرًا أجهزة الأمن التركي على مخالفي قانون الإقامة، وبالفعل أفرجت تركيا عن عدد كبير منهم.

وأوضح سلطان أنّ التابعين لجماعة الإخوان المسلمين الذين يواجهون أيّ صعوبات من ناحية الإقامة سيُسمح لهم بالرحيل إلى دولة ثالثة، ولكن غير مطروح عملية تسليمهم إلى مصر، حيث يمنع القانون التركي تسليم المعارضين، ومن بينهم نشطاء جماعة الإخوان.