هل عادت المفاوضات المصرية التركية إلى النقطة صفر؟

ذات مصر

احتدم الصراع بين مصر وتركيا خلال الفترة الأخيرة، رغم الإعلان قبل أسابيع قليلة عن عودة العلاقات إلى سابق عهدها، رفع علاقاتهما الدبلوماسية لمستوى السفراء، في إطار تنفيذ قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي، ونظيره التركي، رجب طيب أردوغان. 

العلاقات بين البلدين شهدت تطورًا كبيرًا في الفترة الأخيرة بعد مفاوضات استمرت لأكثر من عام بشأن عدد من الملفات والقضايا الثنائية والإقليمية أبرزها تغيير أنقرة موقفها الداعم لجماعة الإخوان الإرهابية، فضلًا عن عدم تدخلها في الشؤون الداخلية لدور الجوار خصوصًا ليبيا.

تأجيل زيارة السيسي دون أسباب

وسائل الإعلام التركية، كشفت مطلع الشهر الجاري، إلى أن الرئيس المصري سيزور تركيا في 27 يوليو الماضي، لكن الرئاسة المصرية لم تصدر أي بيانات في هذا الشأن رغم نشر التصريحات التركية في وسائل إعلام مقربة من النظام.

ومع حلول 27 يوليو، كان الرئيس السيسي في روسيا لحضور القمة الروسية الأفريقية الثانية في مدينة سان بطرسبورغ، ولم تخرج أي تصريحات رسمية من البلدين عن أسباب التأجيل، سوى أنه بسبب زيارة السيسي لموسكو.

ونقلت تقارير إخبارية عن مصدر دبلوماسي -لم تسمه- أن تأجيل الزيارة جاء بسبب سفره إلى مدينة سان بطرسبورغ، مشددًا على أهمية اللقاء المرتقب لمصلحة البلدين والمنطقة، خاصة بعد الجولة الخليجية للرئيس التركي والتي أنهاها قبل أيام.

وأوضح السفير التركي لدى القاهرة، صالح موتلو شن، أن اللقاء المرتقب الذي سيجمع الرئيسين سيكون قريبا، رافضا الإفصاح عن موعد بعينه لعقد الاجتماع، منوهًا بأن اللقاء سيشهد بحث تعزيز العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية.

لكن الواقع يشير إلى أن تأجيل الزيارة بسبب أسباب «غير معروفة» حتى الآن، وأشارت مصادر لـ«ذات مصر»، إلى عودة الخلافات بين البلدين بسبب عدد من القضايا المشتركة سواء المتعلقة بالشأن الداخلي لمصر، أو حتى الشأن الخارجي.

مشروع الغاز التركي مع إسرائيل

حسب المصادر، الخلافات بين البلدين تجددت بعد إصرار تركيا على تنفيذ مشروع إنشاء خط أنابيب تحت سطح البحر من تركيا إلى حقل ليفياثان الإسرائيلي -أكبر حقل للغاز الطبيعي البحري في إسرائيل- ليكون بوابة جديدة لنقل الغاز من المنطقة إلى أوروبا.

وتتمسك تركيا بتنفيذ المشروع رغم المعارضة المصرية له، ورأت القاهرة أن استقبال الرئيس التركي، لنظيره الفلسطيني، محمود عباس أبومازن، ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، محمود عباس أبومازن، خطوة تركيا للتقارب مع تل أبيب.

وكشفت المصادر، أن القاهرة غير مرحبة بالتحركات التركية في فلسطين دون التنسيق معها، وأنها ترى تلك الخطوات محاولة من أنقرة لإقناع دولة الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ المشروع معها بدعوى قدرتها على التواصل مع الفصائل الفلسطينية وإقناعها بالالتزام بالهدوء وعدم التصعيد ضد إسرائيل.

وكان أردوغان أعلن في مارس الماضي، استعداده للتعاون مع إسرائيل في مجال الطاقة مع احتمال نقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر تركيا، متابعًا: "لدى تركيا الخبرة والقدرة على تطبيق مشاريع كهذه. وأظهرت التطورات الأخيرة في منطقتنا مجدداً أهمية أمن الطاقة".

ويرى مراقبون أن إسرائيل غير مهتمة بالتعاون مع تركيا في مجال الطاقة. وقال غابي ميتشل، من معهد "ميتفيم" في إسرائيل إن "العلاقات في مجال الطاقة تقام بين دول متعاونة وتربطها ثقة متبادلة. بالتأكيد ليس بالطريقة التي يمكن من خلالها وصف الديناميات الحالية بين البلدين".

تجدد الصراع في ليبيا

وتصاعد الخلاف بين مصر وتركيا مؤخرًا أيضًا بسبب استمرار التحركات التركية في ليبيا، ما دفع الخارجية المصرية لإصدار بيان دعت فيه لاحترام إرادة الليبيين وعدم التدخلات الخارجية في شؤونهم ‏‎خاصة فيما يتعلق بالإعداد للاستحقاقات الانتخابية في ليبيا وجهود المؤسسات الليبية ذات الصلة، والتفاعلات الدولية المرتبطة بذلك.

وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية السفير أحمد أبو زيد دعم مصر الكامل لمسار الحل الليبي-الليبي، مبرزاً أهمية احترام دور المؤسسات الليبية عند اضطلاعها بمهامها دون أي املاءات أو تدخلات خارجية من أي طرف.

‏‎وشددت وزارة الخارجية في بيانها، على أن مصر تؤكد على الدور المحوري لمجلسي النواب والدولة وفقاً لصلاحياتهما في اتفاق الصخيرات من أجل استيفاء جميع الأطر اللازمة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن في ليبيا في أقرب وقت.

تسليم الإرهابيين لمصر

ووفقًا لتقارير مصرية وتركية، اتفقت القاهرة وأنقرة قبل عودة العلاقات على تسليم تركيا جميع العناصر الإخوانية المقيمة على أراضيها والصادر ضدها أحكام قضائية بالتورط في أعمال إرهابية، فضلًا عن وقف مهاجمة مصر عبر قنوات الإخوان من داخل أراضيها.

ونفذت تركيا بالفعل جزءًا من الاتفاق بإصدارها لأعضاء جماعة الإخوان المقيمة في أراضيها بعدم مهاجمة السلطة في مصر نهائيًا واتخاذها إجراءات مشددة ضد المخالفين، فضلًا عن رفضها تجديد إقامة بعضهم في الدولة مؤخرًا، ومطالبة أخرين بمغادرتها.

وأوضحت مصادر، أن مصر غاضبة من عدم تنفيذ تركيا الاتفاق بالكامل حتى الآن رغم المباحثات المستمرة معهم من جانب السلطات الدبلوماسية والأمنية في هذا الشأن على مدار الأيام الماضية لكن أنقرة ما زالت تماطل في هذا الجانب.

وفي ظل الخلافات القديمة، والمتجددة حاليًا وعدم تنفيذ الاتفاقات الثنائية بين البلدين عادت العلاقات المصرية التركية إلى نقطة الصفر من جديد، وتجرى محاولات دبلوماسية الآن لمنع تدهورها مجددًا وتنفيذ البنود المتفق عليها، بحسب المصادر.