رئيس تيار الاستقلال الفلسطيني "بايدن" سيعطّل صفقة القرن وقطار التطبيع

ذات مصر
  – الرئيس الأمريكي الجديد سيعيد التنسيق مع القيادة والسلطة الوطنية الفلسطينية – من المتوقع أن يُعاد افتتاح مكتب تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن – لم يتواصل أي طرف معنا قبل اتفاقيات التطبيع.. والسلطة الفلسطينية فوجئت  – مصر السند الرئيس والأساسي في صراعنا التاريخي مع العدو الصهيوني  – الأسابيع الأخيرة تشهد تحركات مصرية لإنهاء الانقسام الفلسطيني – عودتنا إلى مسار المفاوضات مع دولة الاحتلال رهينة بجملة من الشروط  – السلطة الوطنية الفلسطينية بحاجة إلى ضمانات لوقف الاستيطان وعمليات التهويد  “سينقلب بايدن على الخطط والمشاريع السياسية كافة التي حاول ترامب فرضها في غالبية الملفات الساخنة والخطرة في العالم، وخصوصًا ملف الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، عبر صفقة القرن وضم الأراضي الفلسطينية المحتلة بالضفة الغربية للكيان الصهيوني، والضغوط على العديد من الدول العربية لإرغامها على تطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني”.  هذا ما يعتقده ويتوقعه اللواء الدكتور محمد أبو سمرة،  عضو المجلس التشريعي الفلسطيني، الذي التقاه “ذات مصر” في حوار مطول تناول بالتحديد رؤية القيادة الفلسطينية لأثر فوز جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة على قضية الصراع الفلسطيني مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، لكنّ “أبو سمرة” المتفائل بفوز بايدن، يطرح مزيدًا من  الحذر: “سنكون أمام متغير نوعي في السياسية الخارجية للإدارة الأمريكية الجديدة، لكن الأمر يستدعي عدم الإفراط بالتفاؤل، لأنَّ الموقف الجذري للولايات المتحدة والدعم النوعي للكيان الصهيوني لن يتغير، لذا لا بد لنا من العمل على خلق موقف عربي وإسلامي وإقليمي موحد ومؤثر وقوي وصلب يساهم في دعم الموقف والحق والنضال الفلسطيني”. القيادي والمفكر والمؤرخ الفلسطيني الذي يرأس تيار الاستقلال الفلسطيني يتمسك بسردية أن  الرئيس بايدن سوف يوقف تنفيذ صفقة القرن، معتقدًا أن قطار التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل سيتوقف الفترة المقبلة”. إلى نص الحوار:  أبوسمرة مع ياسر عرفات

كان هناك ترحيب فلسطيني بفوز جو بايدن في انتخابات الرئاسة.. فماذا تتوقعون من بايدن تجاه القضية الفلسطينية؟

بكل الأحوال نحن نعتبر رحيل ترامب أمرًا جيدًا ومريحًا، فلقد قدَّم للكيان الصهيوني ما لم يكن  يحلم به: نقلَ سفارة الولايات المتحدة من يافا المحتلة (تل أبيب) إلى القدس الشرقية المحتلة، واعترف بالقدس الموحدة عاصمةً أبديةً للكيان الصهيوني، وعمل على فرض صفقة القرن، وهي وصفة صهيونية كاملة، لا تمنح الفلسطينيين أي شيء من حقوقهم التاريخية والمشروعة. وهذه الخطة الشيطانية، التي لو كانت وافقت عليها القيادة الفلسطينية -وهذا مستحيل- لصارت عملية انتحار سياسي ووطني، لأنَّها تعني القبول بتقديم التنازلات كافة التي حاولت فرضها، أي الموافقة على تصفية القضية الفلسطينية، ويوجد ترحيب فلسطيني رسمي وفصائلي وشعبي بفوز الرئيس جون بايدن في انتخابات الرئاسة الأمريكية، ويوجد الكثير من الملفات الساخنة على الصعيد الفلسطيني والعربي والإقليمي والدولي تنتظر حسمها وتحديد الخط السياسي تجاهها، وتجاه الكثير من الملفات والقضايا الهامة من خلال الرئيس الأمريكي القادم، وعلى ضوء السياسات التي سينتهجها الرئيس بايدن الفائز بانتخابات الرئاسة الأمريكية نحو القضية الفلسطينية وملف الصراع العربي – الإسرائيلي، ستتحدد مواقف القيادة والسلطة الوطنية الفلسطينية، والمواقف العربية والإقليمية، وخصوصًا إنهاء ما تسمى صفقة القرن، ومنع ضم منطقة الأغوار وشمال البحر الميت في الضفة الغربية المحتلة، ووقف عمليات التطبيع وتحديد طبيعة وشكل ومستقبل العلاقات الرسمية بين السلطة الوطنية الفلسطينية وسلطات الاحتلال، واحتمالات إحياء مسار المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، وربما على مسارات عربية أخرى.

محمد أبو سمرة

(1)- أسير محرر أمضى أكثر من 10 سنوات في سجون الاحتلال. (2)- أعتقل أكثر من 20 مرة وهو من مفجري وقادة الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987. (3)- أول من أصدرت سلطات الاحتلال بحقهم قرارًا بالإبعاد من قطاع غزة إلى لبنان. (4)- منعته سلطات الاحتلال من العودة عقب تأسس السلطة الوطنية. (5)- اضطر إلى المكوث لمدة عام كامل في الجانب المصري من معبر رفح من مطلع عام 1996، حتى ربيع عام 1997، إلى أن تمكن الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وبمساعدة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك والقيادة المصرية، من الضغط على سلطات الاحتلال، وسُمِح له بالعودة إلى غزة في الأول من مارس/ آذار 1997. (6)- مؤرخ ومفكر فلسطيني وعربي وله العديد من المؤلفات والكتب والأبحاث، ومؤسس ورئيس مركز القدس للدراسات والإعلام والنشر. (7)- كان من أكثر المقربين من الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وهو من الشخصيات الداعمة بقوة للحوار والمصالحة الداخلية الفلسطينية، ومن كبار دعاة الوحدة الوطنية الفلسطينية. (8)- تعرَّض في لبنان وفلسطين وداخل معتقلات الاحتلال لأكثر من محاولة اغتيال، نتج عنها العديد من الإصابات لا يزال يعاني منها حتى الآن.

في ضوء المتفق عليه بخصوص صفقة القرن في عهد الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب.. كيف ترى مستقبل الصفقة؟ وهل يستكملها بايدن بكل تفاصيلها؟ 

تقديري أنَّ الرئيس بايدن سوف يوقف تنفيذ صفقة القرن، وسيلغيها، ولكنه لن يستطيع أن يلغي المفروض من أمرٍ واقعٍ جديد مثل نقل السفارة الأمريكية من مدينة يافا (تل أبيب) المحتلة عام 1948، إلى القدس الشرقية المحتلة عام 1967، وسوف يعيد التواصل والعلاقات والتنسيق مع القيادة والسلطة الوطنية الفلسطينية، وسيلغي الكثير من القرارات والإجراءات التي اتخذها ترامب في ما يتعلق بالشؤون الفلسطينية، ولن يسمح بضم منطقة الأغوار وشمال البحر الميت والكتل الاستيطانية من أراضي الضفة الغربية المحتلة إلى الكيان الصهيوني، وسيلغي بايدن قرار ترامب بقطع ووقف المساعدات للسلطة الوطنية الفلسطينية، وسوف يعمل على إعادتها كما كانت من قبل في عهد الرئيس أوباما، ومن المتوقع أن يسمح بايدن بإعادة افتتاح مكتب تمثيل منطة التحرير الفلسطينية في واشنطن.  [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] ترامب يوقع صفقة القرن[/caption]

سعى ترامب في الفترة الأخيرة لعقد اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل وبعض الدول العربية.. فهل تتوقع أن يتوقف قطار التطبيع في عهد بايدن أم سنشهد اسكمال المسيرة ذاتها؟ 

لن يمارس بايدن أية ضغوط على أي من الدول العربية والإسلامية للتطبيع، وسوف تتوقف عملية التطبيع مع الكيان الصهيوني، كما أنَّه سوف يعيد العمل بالاتفاق النووي مع إيران.

هل ترى أن تطبيع بعض الدول العربية من الممكن أن يخدم القضية الفلسطينية ولو بقدر بسيط؟

لا يمكن للتطبيع العربي مع العدو الصهيوني أن يقدم أي خدمةً للقضية الفلسطينية، بل على العكس تمامًا من ذلك، فإنَّ أي شكلٍ من أشكال التطبيع لأي من الدول العربية والإسلامية، وخاصةً التطبيع الشعبي الذي يضر بالقضية الفلسطينية وبالحقوق التاريخية الفلسطينية والعربية، ويمس الثوابت التي أجمعت عليها الأمة العربية والإسلامية في ما يتعلق بجوهر الصراع العربي/ الإسرائيلي.

 هل تواصل أي طرف من الأطراف مع السلطة الفلسطينية قبيل اتفاقيات التطبيع؟ وما التفاصيل؟

لم تتواصل أية دولة من الدول العربية التي عقدت مؤخرًا اتفاقيات للتطبيع مع العدو الصهيوني، مع القيادة والسلطة الوطنية الفلسطينية بشأن هذا الأمر، بل فوجئت القيادة والسلطة الوطنية الفلسطينية بهذه الاتفاقيات، مثلما فوجئ بها الشعب الفلسطيني والشعوب العربية.

 في رأيك.. هل التحول الذي تشهده الإدارة الأمريكية يشكل تغييرًا تجاه القضية الفلسطينية؟

هذا ما نأمله بالطبع، ونأمل أن تنجح إدارة الرئيس جو بايدن في إزالة الآثار والنتائج الكارثية كافة لسياسات الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، وأن ينجح الرئيس بايدن وإدارته في إصلاح الأضرار التي سببها ترامب للقضية الفلسطينية والمنطقة العربية والإسلامية.

 وهل تسببت نتائج الانتخابات الأمريكيةفي أي تغيير بالتبعية في خطط السلطة الوطنية الفلسطينية؟

نعم صحيح، لقد بادرت القيادة والسلطة الوطنية الفلسطينية بالتواصل مع قادة الحملة الانتخابية للرئيس بايدن، وبعد ظهور مؤشرات فوزه جرى تواصل مع كبار المسؤولين المرشحين بالعمل ضمن طواقم إدارته، وتعاملت القيادة الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية مع فوز الرئيس بايدن بمنتهى الترحيب والإيجابية، وأرسلت العديد من الرسائل أعلنت فيها ترحيبها بفوز الرئيس بايدن، واستعدادها للتعاون معه ومع إدارته، وطالبته بإلغاء صفقة القرن وكل ما نتج عنها، والضغط لمنع الحكومة الصهيونية من ضم الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة، وخصوصًا منطقة الأغوار وشمال البحر الميت، ووقف عمليات الاستيطان والتمدد والتوسع الاستيطاني، وعمليات التهويد ومصادرة الأراضي الفلسطينية وهدم المنازل والمنشآت الفلسطينية، وغير ذلك من الممارسات الاحتلالية العنصرية، وتقديري أنَّ إدارة الرئيس بايدن سوف تنفتح على القيادة الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية، وسوف يعاد افتتاح تمثيل مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وأتوقع أن يكون الزعيم والرئيس الفلسطيني من أوائل قادة وزعماء العالم الذين سيتلقون دعوة للقاء الرئيس بادين في البيت الأبيض في واشنطن. وبكل الأحوال، يمنحنا رحيل ترامب عن البيت الأبيض الكثير من الأمل والتفاؤل، ورحيله غير المأسوف عليه بالتأكيد هو خبرٌ سعيد ومفرح. [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] صورة تجمع محمود عباس وبايدن في الضفة الغربية مارس آذار 2016[/caption]

وكيف ترى الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية مؤخرًا؟

مصر دومًا في قلب فلسطين، وفلسطين دومًا في قلب مصر، ومواقف القيادة المصرية كافة تجاه القضية الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي، هي مواقف حكيمة وشجاعة وأصيلة وثابتة، ونحن في فلسطين ننظر إلى مواقف الرئيس السيسي، ليس بوصفه رئيسًا لمصر فقط، وإنَّما أيضًا بوصفه قائدًا وزعيمًا عربيًّا وقوميًّا ووطنيًّا، ونعتز بحجم التنسيق والتشاور والتعاون بين القيادتين الفلسطينية والمصرية على مستوى الرئاسة والحكومة وعلى المستويات الرسمية الأخرى كافة، ومصر هي الشقيقة الكبرى والداعم الأكبر والرئيس للقيادة والسلطة الوطنية الفلسطينية ولمنظمة التحرير الفلسطينية، وللقضية الفلسطينية، والشعب الفلسطيني، وهي السند الرئيس والأساسي في صراعنا التاريخي مع العدو الصهيوني، وتقف بالمرصاد إلى جانب القيادة الفلسطينية للتصدي للمؤامرات الصهيونية التي تستهدف الوجود الفلسطيني التاريخي على أرض فلسطين، وتستهدف المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتتصدى بمنتهى الصلابة لمحاولات العدو الصهيوني فرض التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى المبارك، وتدعم جهود القيادة الفلسطينية من أجل نيل الحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. كما أنَّ الشقيقة الكبرى مصر تعمل بكل السُبُل والوسائل على تعزيز صمود ورباط الفلسطينيين في القدس المحتلة والضفة الغربية وقطاع غزة، وكل الأراضي الفلسطينية المحتلة في مواجهة التغوُّل والإجرام الصهيوني والتمييز العنصري، وتبذل مصر أيضًا جهودها على نحو متواصل بالتنسيق مع القيادة الفلسطينية من أجل فك الحصار الصهيوني الظالم لقطاع غزة والتخفيف من معاناة شعبنا الفلسطيني المظلوم، بالإضافة إلى الجهود الكبيرة والجليلة والمتواصلة التي بذلتها وما زالت تبذلها الشقيقة الكبرى مصر من أجل انهاء حالة الانقسام الفلسطيني المخزية، وتحقيق المصالحة وتكريس الوحدة الوطنية الفلسطينية.

وهل يوجد تحرك داخلي من أجل تحقيق المصالحة الفلسطينية؟

يوجد تحرك داخلي منذ وقع الانقسام المؤسف في الساحة الفلسطينية، والتحرك الرئيس والأساسي في ملف المصالحة الفلسطينية، تقوده مصر، فقد بذلت الشقيقة الكبرى مصر جهودها الكبيرة والمتواصلة والمستمرة منذ وقوع الانقسام وحتى اللحظة، من أجل إنهاء الانقسام اللعين وطي صفحته السوداء، وإنجاز وتحقيق المصالحة، وإزالة العوائق من أمامها، وقد استضافت مصر المئات من جلسات الحوار الفلسطينية، ونجحت في إنجاز عدة اتفاقيات للمصالحة، وفي الأسابيع الأخيرة استضافت القاهرة وفدي حركتي فتح وحماس لاستكمال حوارات المصالحة، ولا بد من أن يأتي اليوم الذي تنجح فيه مصر في إنهاء الانقسام الفلسطيني اللعين، وإنجاح وتجسيد المصالحة الفلسطينية، لأنَّ نجاح المصالحة الفلسطينية يعني النجاح في إفشال وهزيمة أخطر مخططات الاحتلال، المتمثل في الانقسام، فاستمرار الانقسام يعتبر مصلحة للعدو الصهيوني، وتحقيق المصالحة هزمية للاحتلال وانتصار للحق والإرادة الفلسطينية والمصرية. [caption id="" align="aligncenter" width="2560"] الدكتور محمد أبوسمرة[/caption]

 وماذا عن التحركات الخارجية التي تسعى لعودة الاصطفاف الفلسطيني؟

ملف المصالحة الفلسطينية في يد الشقيقة الكبرى مصر، وقد استضافت الكثير من الدول جلسات للحوار الفلسطيني، ولكن لم يحدث أي تقدم يُذكر، فهذا الملف حصرًا في يد مصر، وتديره قيادة المخابرات العامة المصرية بحنكة وذكاء واقتدار، وإن شاء الله ستظهر نتائج إيجابية مُفرحة واختراق وإنجاز كبير في هذا السياق خلال الفترة المقبلة، خاصة مع توفر الرغبة الصادقة لدى جميع الأطراف في الساحة الفلسطينية في إنهاء الانقسام المؤسف، وتحقيق المصالحة، وهذا ما يرغب فيه ويتمنى تحقيقه الشارع الفلسطيني بكل فئاته وتوجهاته وشرائحه.

 وما الخلافات الجوهرية في طريقة المصالحة من وجهة نظرك؟

الخلافات بعضها جوهري وبعضها شكلي، وتنحصر في الغالب في كيفية تجاوز الحقبة السوداء التي أوجدها الانقسام اللعين، وإزالة ومواجهة آثاره ونتائجه، والذهاب نحو انتخابات رئاسية وتشريعية وبلدية، ثم العمل على إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، والنهوض بمؤسسات وهيئات وأُطُر المنظمة، وانضمام كل القوى والفصائل والأحزاب الموجودة خارجها إليها، وعقد انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني باعتباره البرلمان الفلسطيني في الوطن والشتات، ويمثل جميع الفلسطينيين، نظرًا إلى كون منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. ومن الإشكاليات المعوِّقة للمصالحة مسألة الانتخابات، فحركة حماس تصر على إجراء جميع الانتخابات بالتزامن، أما حركة فتح فترى استحالة تنفيذ هذا المطلب، وتدعو لإجراء الانتخابات بالتتالي وليس بالتزامن. وتوجد طبعًا أمور خلافية أخرى، وقد قدمت القاهرة اقتراحات وأفكارًا خلاَّقة لتجاوز العقبات التي يمكنها إنجاح جهودها لتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام. [caption id="" align="aligncenter" width="590"] أبوسمرة مع شيخ الأزهر[/caption]

وما الحلول التي تقترحها؟

لا بد من تجاوب كل الأطراف في الساحة الفلسطينية مع كل الجهود والمقترحات المصرية المشكورة، التي قدمتها وتقدمها القاهرة، من أجل طي صفحة الانقسام البغيض، وإنجاز المصالحة وتوحيد النظام السياسي الفلسطيني وتكريس الوحدة الوطنية الفلسطينية، فالجميع في الساحة الفلسطينية يدرك يقينًا أنَّ استمرار الانقسام يصب في مصلحة الاحتلال الصهيوني، وأنَّ تحقيق المصالحة يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ولا بد من تجاوز الجميع للمصالح والحسابات الحزبية، وتقديم المصالحة الوطنية العليا على أية مصالح حزبية، وفي نفس الوقت لا بد من وضع حد للتأثيرات والتدخلات من بعض الأطراف العربية والإقليمية، التي تُعوِّق إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، وأيضًا لا بد للشارع الفلسطيني من قول كلمته، والضغط على الجميع من أجل تجاوز الوضع الكارثي الذي نتج عن استمرار الانقسام للعام الرابع عشر على التوالي. كفانا معاناة وتشرذمًا وتشتتًا وانقسامًا، فلا بد من تفويت الفرصة على كل من يريد استثمار استمرار الانقسام الفلسطيني من أجل مصالحة الخاصة.

 ومتى تعود فلسطين إلى مسار المفاوضات من جديد؟

عودة السلطة الوطنية الفلسطينية إلى مسار المفاوضات رهينة بجملة من الأمور، على ضوء فوز جو بايدن بانتخابات الرئاسة للولايات المتحدة الأمريكية. وقد طرح الرئيس محمود عباس، رؤية شاملة لعملية السلام والتسوية العادلة، عبر دعوته الأمم المتحدة لعقد مؤتمر دولي لعرض رؤيته ومشروعه للسلام من أجل الوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية، انطلاقًا من المبادرة العربية للسلام التي تدعو لإقامة دولة فلسطينية على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967وعاصمتها القدس الشريف. إن خيار العودة إلى مفاوضات ثنائية مع الكيان العبري برعاية أمريكية لم يعد أمرًا مقبولاً على المستوى الفلسطيني، والمطروح فلسطينيًا بوضوح هو عقد مؤتمر دولي يقود إلى إطلاق مفاوضات برعاية متعددة من الأمم المتحدة والرباعية الدولية والولايات المتحدة وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي، خصوصًا وأنَّ التجربة العملية على مدى سنواتٍ عديدةٍ أكدت أنَّ المفاوضات الثنائية هي إضاعة للوقت والجهد، في حين تستثمر سلطات الاحتلال الصهيوني الوقت لفرض الأمر الواقع والكثير من المستجدات والوقائع على الأرض، وخصوصًا عمليات مصادرة وتهويد الأراضي الفلسطينية، وتغوُّل الاستيطان، ومحاصرة القدس المحتلة بحزام من المستوطنات، بالتزامن مع تكثيف عمليات التهويد بداخلها وفي محيطها، مع استمرار السعي المحموم لفرض التقسيم الزماني والمكاني على المسجد الأقصى المبارك، وتصاعد عمليات اقتحام قطعان المستوطنين يوميًّا للمسجد الأقصى المبارك تحت حماية جنود وأجهزة مخابرات وأمن الاحتلال الصهوني، حتى يكون من الصعب الاستمرار في ظل هذه الممارسات والوقائع الجديدة على الأرض في عملية السلام أو المفاوضات. القيادة والسلطة الوطنية الفلسطينية بحاجة إلى ضمانات دولية وأمريكية لوقف الاستيطان وعمليات التهويد وضم الأراضي، ووقف تنفيذ صفقة القرن والمخططات والمشاريع الصهيونية التي سابقت الزمن خلال السنوات الأربع الماضية خلال ولاية الرئيس ترامب لقطع الطريق أمام إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ولعدم منح الفلسطينيين حقوقهم المسلوبة وعدم السماح بعودة اللاجئين والمبعدين، والمراوغة في ملف إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين من سجون الاحتلال، وغيرها من القضايا والملفات التي حاولت سلطات الاحتلال، عبرها وبدعم إدارة ترامب، استنزاف القدرات والطاقات الفلسطينية، ومحاصرة القيادة الفلسطينية، وتصفية الأونروا، تمهيدًا لتصفية القضية الفلسطينية. [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] بايدن[/caption] الرئيس بادين سيعمل بعكس الطريقة التي عمل بها ترامب في كل ملفات الشرق الأوسط، وخصوصًا تلك الملفات الحسَّاسة والمشتعلة كالقضية الفلسطينية والحرب الكونية في سوريا، وحرب اليمن وفي ملف العراق وليبيا والدور التركي.. وأتوقع أن يلجأ إلى إغلاق الكثير من الملفات نهائيًّا مثل حرب اليمن، وأن يعمل على فرض تسويات في ملفات أخرى. والقيادة الفلسطينية أبدت استعدادها للتعاون مع الرئيس بايدن قبل وعقب الإعلان عن فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهناك اتصالات على مستويات عدة تجريها القيادة والسلطة الوطنية الفلسطينية مع بايدن، وسبق لبايدن أن زار رام الله، والتقى في مقر المقاطعة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهناك ترحيب فلسطيني رسمي وشعبي بفوز بايدن ورحيل ترامب. وسنكون أمام متغير نوعي في السياسية الخارجية للولايات المتحدة، والإدارة الأمريكية الجديدة، ولكن الأمر يستدعي عدم الإفراط في التفاؤل، لأنَّ الموقف الجذري للولايات المتحدة والدعم النوعي للكيان الصهيوني لن يتغير، ولكن لا بد لنا من العمل على خلق موقف عربي وإسلامي وإقليمي، موحد ومؤثر وقوي وصلب يساهم في دعم الموقف والحق والنضال الفلسطيني، وأن نعمل على وقف كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، وأن نسعى سريعًا للاستجابة للجهود المصرية المشكورة الداعمة لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الانقسام الفلسطيني اللعين، وإعادة توحيد النظام السياسي الفلسطيني، وتكريس الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتعزيز الموقف الفلسطيني الرسمي والعملي في كل المحافل الدولية والإقليمية والوقوف بصلابة خلف الرئاسة والقيادة الفلسطينية التاريخية والشرعية.