هلال عبد الحميد يكتب: الحوارات والانتخاب.. القائمة النسبية والمطلقة ما بين أطماع الموالاة وأحلام المعارضة

ذات مصر

الحوارات  ٠٠ والانتخاب
القائمة النسبية والمطلقة ما بين أطماع الموالاة و أحلام المعارضة 
هلال عبدالحميد يكتب 
مع نهاية عام ٢٠١٩ ، ومع اقتراب انتهاء الفصل التشريعي الأول لمجلس النواب ،دعا حزب مستقبل وطن ٩ أحزاب لإجراء  حوار حول مشروعات القوانين التي يجب  أن تصدر من مجلس  النواب قبل فض دور انعقاده الأخير للفصل التشريعي الأول ، حتى تجرى عليها انتخابات الفصل التشريعي الثاني 
     

  ٠ وجه حزب مستقبل وطن  الدعوة آنذاك لـ ٩ أحزاب من الموالاه والمعارضة وهم :(الشعب الجمهوري والمؤتمر والوفد والتجمع والغد والمصري الديمقراطي الاجتماعي والمحافظين والإصلاح والتنمية والعدل) بجانب حزب مستقبل وطن كحزب صاحب الدعوة . 
            •بعد الاجتماع الأول لرؤساء الأحزاب تم الاتفاق على لجان فنية من خبراء الأحزاب العشرة لإعداد مشروعات قوانين للنواب والشيوخ والمحليات. 
        كنت ممثلًا- حينها -للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي ، وتقدمت بمشروعات قوانين كاملة للنواب والشيوخ وتقسيم الدوائر لكليهما بالإضافة لمشروعين للمحليات أحدهما للمجالس التنفيذية والآخر للمجالس الشعبية ، وكانت أحزاب الموالاة   وقتها تتمسك -كما الآن -بالنظام الأغلبي عبر القائمة المطلقة٠ 
        
       بينما كانت المعارضة -كما الآن أيضًا  – تتمسك بالقائمة النسبية ، وقبل الحوار بفترة  أعد  الدكتور عمرو هاشم ربيع مشروعًا لانتخابات مجلس النواب بالقائمة النسبية بشكل كامل ، وكان المشروع ينال اعجاب الحركة المدنية الديمقراطية ، ولكنني  وجدت فيه عددًا من المخالفات الدستورية ، وشرحتها أمام قيادات الحركة المدنية فاقتنعوا، وتم إعطاء الدكتور عمرو فرصة آخرى لدسترته ، ولكن كان المشروع بعد تعديلاته  غير دستوري فتم الالتفات عنه من قبل الحركة
 

نظام انتخابي جديد بقائمتين 
اجتهدت في إعداد مشروعات قوانين تعتمد على نظام جديد ،ولكنه دستوري ، يقوم في النواب والشيوخ على : الثلثين بالقائم النسبية المنقوصة  ، والثلث بالقائمة المطلقة بحيث تضم القائمة المطلقة كل الفئات المستهدفة دستوريًا ( المرأة ، العمال والفلاحين والشباب والمسيحيين وذوي الاحتياجات الخاصة والمصريين بالخارج ) وتكون متاحة لهم ولغيرهم .
وتكون القائمة  بالثلثين للنسبية لجميع المرشحين وكلا القائمتين تتاحا  للحزبيين  والمستقلين وللجمع بينهما أو لائتلافات حزبيين ومستقلين .

أما قانون المحليات في شقه الشعبي فجعلته بالعكس : الثلثان بالقائمة المطلقة المغلقة لتستوعب كل النسب الدستورية الواردة بالمادة ١٨٠ من الدستور ، والثلث للقائمة النسبية ، وجعلتها متناقصة لإتاحة الفرصة حتى لفرد  واحد أن يشكل قائمته 
ووضعت مع المشروعات مذكرات شارحة تؤصل دستوريًا لكل مادة بهذه المشروعات، 
              تعريف جديد للعامل 
في مشروعات القوانين التي وضعتها في عام ٢٠١٩ وضعت تعريفًا جديدًا للعامل ، يحل  مشكلة التعريف القديم ، والذي يشترط ألا  يكون العامل حاصلًا على مؤهل عالٍ وألا  يكون منتميًا لنقابة مهنية كالأطباء والمهندسين والمعلمين والصحفيين ٠٠الخ ، وألا  يكون لديه سجل تجاري حتى ولو لكشك لا يتحاوز رأسماله الألف جنيهًا . 
       


     اعتمدت في هذا التعريف الجديد للعامل  على حكم – لم ينتبه اليه أحد قبلي على ما يبدو – هذا الحكم الذي صدر من المحكمة الدستورية العليا  في الطلب  رقم( ١ ) لسنة (35) رقابة سابقة -وكان دستور ٢٠١٢ يتبنى الرقابة السابقة بالمادة ١٧٧ منه على مشروعات قوانين الرئاسة ومباشرة الحقوق السياسية والشعب والشورى والمحليات  وتم إلغاء هذا الاختصاص في دستور ٢٠١٤-
     كان تم عرض مشروعات  قوانين بشأن تعديل القانونين رقمي 38 لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب و القانون رقم 73 لسنة 1956 بشأن الحقوق الدستورية (والذي اعترضت فيه المحكمة الدستورية على تضييق صفة العامل وقالت الدستورية  "إن ما ورد في تعريف العامل بالنص المذكور من عبارة - ويعتمد بصفة رئيسية على دخله بسبب عمله اليدوي أو الذهني في الزراعة أو الصناعة أو الخدمات يخالف نص المادة 229 من الدستور".

 و التعريف الجديد  سيحل مشكلة الفئات التي سيجعلها التعريف القديم  وتطبيق نسبة الـ ٥٠٪؜ للعمال والفلاحين -حسب نص المادة ١٨٠ من الدستور – سيجعلها  خارج نطاق الترشح أصلًا ،          

           ولكن التعريف الجديد جعل كل من يعمل بأجر سواءً أكان عملاً عضليًا أو ذهنيا فهو عامل طالما مؤمن عليه دون حاجة لذكر انضمامه لنقابة عمالية او اشتراط عدم حصوله على مؤهل عالٍ أو عدم وجود سجل تجاري  
              • طرحت المشروعات على الحوار وتناقشنا فيها بموضوعية ، ولم تكن لدى الموالاة ملاحظات دستورية عليها ، ولكنهم كانوا يرغبون في  أن  تمر الانتخابات بتحالف كبير  يتكون  من قوائم كبيرة عددًا ودوائر متسعة جغرافيًا لمنع من يفكر في خوض الانتخابات بعيدا عن تحالفهمز من الترشح عمليًا ،              


             •وبعد نقاشات وجلسات استمرت أشهرًا للخبراء خرج علينا مشروع قانون النواب بالنظام الأغلبي بشكل كامل : النصف بالقائمة المطلقة المغلقة والنصف الآخر للفردي، وحدثت انشقاقات بالحركة المدنية بين من اضطروا للدخول في القائمة الوطنية التي شكلتها الأجهزة و ضمت الموالاة والمعارضة في قوائم مشتركة ، بينما رفض قطاع مهم من المعارضة المشاركة في هذه القوائم ، ولم تأخذ الأجهزة وقتها بأي حرف من مشروعات المعارضة 
 
            •   بعد مرور ٣ سنوات من حوار الأحزاب بمستقبل وطن والذي انعقد في ديسمبر ٢٠١٩ ، وتحديدًا في إفطار العائلة المصرية يوم ٢٦ أبريل ٢٠٢٣  دعا الرئيس السياسي للحوار الوطني ، وبعد شد وجذب واشتراطات وموافقات دخلت الحركة الوطنية الحوار  الوطني بعد الموافقة على العمل على الإفراج عن قائمة من معتقلي الرأي وان تتناصف الحركة المدنية في عدد أعضاء أمناء الحوار  الوطني وكذا في محاوره ولجانه ، وتمت الاستجابة لمطالبها في التشكيلات ووجدت قضية  الإفراج  بعض المماطلات 
                 ٠شكلت الحركة المدنية مجموعات خبراء لكل المحاور واللجان ، وكنت أحد خبراء حزب المحافظين  في لجنة المحليات بالحركة المدنية الديمقراطية ، وعلى الرغم من المصاعب تمكنا من تمرير مشروعي للمحليات باعتراضات من بعض الأحزاب بالحركة التي ترغب في أن  تكون كل الانتخابات بالمحليات بالقائمة النسبية -ولها كل الحق -ولكن المادة ١٨٠ تجعل ذلك يكاد يكون مستحيلًا لزيادة الفئات المستهدفة دستوريا عن ١٠٠٪؜ من عدد المقاعد ، مما يضطرنا لاعتماد ٣*١ او ٣*٢ بمعنى ان تكون إمراة عاملة شابة مثلًا 
              • وكانت  آخر توصية خرجنا بها بلجنة خبراء المحليات للحركة المدنية الديمقراطية هي : المطالبة بتعديل المادة ١٨٠ من الدستور -كان مجلس  أمناء الحوار  الوطني قد توافق على عدم المساس بالدستور -، وان تعذر التعديل يتم تقديم مشروع حزب المحافظين فلسفة مشروعات قوانين ( المحافظين والعدل والإصلاح والتنمية والمصري الدينقراطي الاجتماعي متوافقة على الفلسفة العامة وبعا اختلافات بسيطة في التفاصيل -،وتقوم على:، الثلثين للقايمة المطلقة المغلقة والثلث بالنسبية المنقوصة وفي  مشروع المجلس  التنفيذي أن يتم انتخاب المحافظ ورؤساء الوحدات المحلية من خلال المجالس المنتخبة وبقائمة تضم المحافظ ونائبين  على أن يكون من الثلاثة امرأة وشاب ، ومثله مشروع الإصلاح والتنمية مع استثناء المحافظات الحدودية من موضوع انتخاب المحافظين ورؤساء الوحدات المحلية ، وحزب العدل قدم مشروعه الخاص بالشق التنفيذي بتعيين المحافظين 
             

          حضرت جلسة الحوار الوطني بلجنة المحليات بالحوار الوطني ،  وقلت في القايمة المطلقة ومفاسدها  ما قاله مالك في الخمر ،وفي النهاية تقدم زميلنا   عبدالناصر يوسف-حسب اتفاقنا -. وكان ممثلًا لحزبنا /المحافظين وللحركة المدنية الديمقراطية تقدم بمشروعنا للمحليات والمعتمد على الثلثين للقائمة المطلقة والثلث بالقائمة النسبية المنقوصة ، وذي التعريف الموسع لصفة العامل ، وفي الجلسات المتخصصة ،حول مشروعات المحليات ، دار حوار ممتد وحدث ما حدث ولكن اللجنة انتهت بالتوافق  على اعتماد مشروعنا بتعديل أراه بسيطًا وهو تعديل النسبة إلى ٧٥ ٪؜ للقايمة المطلقة و٢٥ ٪؜ للقايمة النسبية المنقوصة واعتماد تعريفي لصفة العامل ( هذا ما عرفته من الزملاء ومن تصريحات متداولة للأمين العام ولبعض أعضاء مجلس الأمناء. وعلمت انه سيتم رفع ما تم الاتفاق عليه بلجنة المحليات للرئيس وحسب التصريحات المتداوله له ، فانه سيعتمد ما سيتم الاتفاق عليه وسيرسله للجهات المختصة لتنفيذ و لإصداره .

           وبصراحة شديدة  أنا أرى ان التوافق على هذا المشروع بلجنة المحليات مناسب جدًا ، هو بالتأكيد لا يرضي أطماع الموالاة  ولا الأجهزة ، ولكنه لا يرضي أيضا المعارضة وأحلامها في قائمة نسبية كاملة . 
      واعتقد أن دوائر المحليات الصغيرة ، من السهل جدًا في ظل أجواء انتخابية مناسبة وعدم استخدام الأجهزة في هندسة الانتخابات- أرى ان المعارضة تستطيع ان تحقق انجازًا كبيرًا سواءً في القوائم المطلقة، أو النسبية 
وهذا يحتاج في الوقت المتبقي قبل إجراء انتخابات المحليات -يحتاج لرص صفوف المعارضة والنزول للوحدات المحلية وتجهيز كوادرها ، ولا تغرق  في متاهات مشروعات القوانين وحواراتها حتى تجد نفسها على أبواب اللجان الانتخابية ولم تجهز  كوادرها ولا قوائمها ،
 


         •  وكنا منذ عامين في مبادرة من الزميلة المجتهدة الدكتور آمال  السيد خبيرة المحليات بالحزب المصري الديمقراطي الاحتماعي والتي كانت قد دعت  لتشكيل اللجنة التنسيقية للمحليات في منتصف نوفمبر ٢٠٢١ والتي عقدت اول اجتماع لها في ٢٤ نوفمبر ٢٠٢١ وتشكلت من ٣٤ خبيرًا  من أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية وغيرها ومن شخصيات مستقلة ، وقطعنا شوطًا كبيرًا في مناقشة مشروعات قوانين المحليات وقمنا معًا بعدد من التدريبات ، كانت تجربة صعبة ولكنها كانت مفيدة جدًا ، واعتقد انها من أهم لجان الحركة المدنية على الإطلاق ويرجع الفضل في تشكيلها واستمرارها للزميلة آمال التي تتمتع بروح توافقية وكانت تمثل طفاية حريق بالمعني الحرفي 
                   


          اذًا وكما هو متوقع سيمر مشروعنا خاصة في شقه الشعبي ،وربنا يستر من التفاصيل والتي يكمن فيها الشيطان دائما وأخصها ، إن وسعوا الدوائر وهو ما اراه سيكون غير دستوري ويتناقض أصلًا مع معنى ومفهوم المحليلت 
           على ما أعتقد وحسب ما ورد على الصفحة الشخصية للرئيس السيسي على موقعه الرسمي على الفيس بوك فان ما اتفق عليه المتحاورون بشأن قانون المحليات سيمر ، وأتمنى ان يصدر القانون في دور الانعقاد الرابع /القادم لمجلس النواب  وأن تُجرى  انتخابات المحليات سريعًا -ليتها تكون قبل الرئاسة ، أو حتى بعدها مباشرة 
           #هذا ما حدث في لجنة المحليات، وحتى مع اختلافات من بعض الزملاء من خبراء المحليات ممن عارضوا فكرة ان تكون هناك قائمة مطلقة بأي  نسبة في المحليات واعتقادهم انه من الممكن ان تجرى -لا اعرف كيف -بالقائمة النسببة بشكل كامل! إلا أن وصول الحوار لهذا الاتفاق وتنازل جميع المتحاورين عن بعض ما يطمحون اليه للوصول الى توافق ، اعتقد أن هذا هو معنى الحوار أصلًا فلا يصح أن يكون حوارًا بين سجان ومسجونيه فيملي عليهم ما يأمر به ، ولا ان تطلب المعارضة كل شيء فتجده !  أعرف أنتي سأجد انتقادًا واسعًا على  هذا المقال خاصة من الرفيقة المناكفة  وفاء العشري ممثلة حزب العيش والحرية تحت التأسيس والزميل الصديق علاء سليم ممثل الحزب العربي الديمقراطي الناصري ، وغيرهم ، ولكنني اؤمن بـ ( ما لا يدرك كله لا يترك كله ) والسياسة وحواراتها تحتاج لتوافق خاصة اذا كانت هناك مواد دستورية حاكمة تجعل القائمة النسبية فكرة رائعة ولمن يصعب وضع مشروع قانون بها كاملة دون مخالفة للمادة ١٨٠ من الدستور ، دعونا نعمل على الأرض وفي ظل الظروف والدستور  والقوانين المتاحة ، ولا نترك الساحة ليملأها  فقط الموالاه الذاهبون مع اية سلطة و الذين يذوبون (كالزبد الذي يذهب جفاء) مع أول انتخابات نزيهة، ولا يرى الناخبون أمامهم من القوى المدنية الا مرشحين متصارعين ليست لهم تجارب انتخابية ولا تنظيمية.

• هل دقت ساعة العمل ؟!!!!

# هذا ما حدث بشأن قوانين المحليات، فماذا حدث في قوانين النواب والشيوخ ومباشرة الحقوق السياسية  ؟!!!

هذا ما سنعالجه في المقال القادم بإذن الله