عنصرية الأتراك ضد العرب تتواصل.. مغربي يُقتل في الشارع ولاجئ تُباع أعضاؤه

ذات مصر

كثيرًا ما عُرفت تركيا بتنوعها الثقافي الكبير، فقد تعايش فيها على مدى قرون، العديد من الأعراق والأديان، لكن تنوعها هذا بات مهددًا في السنوات الأخيرة، لا سيما مع تصاعد تيار العنصرية التركية ضدّ العرب عمومًا واللاجئين خصوصًا. 

شهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصاعدًا في حملات العنصرية ضد العرب في تركيا، سواء كانوا مقيمين أم لاجئين، وتصاعدت الحملات بشكل أوسع خلال فترة الانتخابات الرئاسية التركية، وطفحت وسائل التواصل الاجتماعي، ووسائل إعلام المعارضة بدعوات العنصرية ضد العرب، مع توعد مرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو بترحيل السوريين حال فوزه بالانتخابات.

انتهاكات صارخة

ومع ارتفاع حدة التحريض ضد العرب، تكررت الاعتداءات على سائحين ومقيمين عرب في تركيا، كان آخرها وفاة رجل مغربي (57 عامًا) مقيم في تركيا منذ 11 عامًا.

المغربي حاول استيقاف سيارة التاكسي لاستقلاله إلى وجهته، ولكن السائق رفض بدعوى أن المسافة قصيرة ليضرب الرجل بيده السيارة بعد تحرك السائق ليفاجئ الأخير بعودته إليه مجددًا واعتدائه عليه وإسقاطه أرضًا لتصطدم رأسه بالرصيف ليتوفى في الحال.

مشاهد الفيديو التي وثقت الواقعة صاحبتها استنكارات ودعوات لمعاقبة السائق بقدر جرمه لكن السلطات التركية لم تبال بتلك الاعتراضات وتقرر فرض الإقامة الجبرية على السائق داخل منزله.

حادثة أخرى أيضًا لفتت الأنظار إلى خطورة ما يمكن أن تتسبب فيه موجة العنصرية الحالية، وهي اعتداء عشرات الأتراك بشكل وحشي على قاصر يمني ذي الـ15 عاما، في إحدى التجمعات السكنية بمنطقة إسنيورت في إسطنبول.

ومن مظاهر استفحال الأزمة وانتشارها، ما فعله مواطن تركي بجاره السوري، فالتركي تمكن من الحصول على شفرة الـ"إي دولات" التي يمتلكها اللاجئ السوري، ليقوم باستخدامها بالموافقة على التبرع بجميع أعضاء جسم جاره بعد وفاته لصالح تطبيق "إي نبض" التابع لوزارة الصحة، ما يعد انتهاكًا صارخًا لكافة حقوقه الإنسانية.

خطاب كراهية مفتوح

أولى الأسباب الرئيسية في الأزمة، هي الخطابات السياسية والحزبية الموجهة ضد العرب، والتي تستغل في حالات الغلاء والتضخم التي يعاني منها الأتراك منذ فترة، حيث يشار إلى أن العرب هم السبب في الأزمة، دون ذكر لأسبابها الحقيقية، وفق الآراء التركية.

وتنتشر الشائعات بأن تركيا تنفق مواردها على العرب، لاسيما مخيمات اللجوء السورية، إلا أن عدد المقيمين في هذه المخيمات لا يقارن بعددهم داخل المدن، الذين أضافوا إلى سوق العمل التركي، وتمكنوا من ضخ استثمارات ضخمة بها خلال السنوات الماضية.

عنصرية إعلامية

تمثل وسائل الإعلام عامل الحسم في تشكيل الرأي العام وتوجيه انطباعات الجمهور حول مختلف القضايا، وقد يكون لها تأثير كبير في تعميق العنصرية ضدّ اللاجئين.

وبحسب خبراء، يتبين الأثر السلبي لوسائل الإعلام، في استخدام العنصريين وسائل التواصل الاجتماعي ونشر الأخبار الكاذبة والمضللة للتحريض على الكراهية والعنصرية.

جهل العنصريين باللغة العربية

ومن الأسباب التي يقوم خطاب الكراهية على أساسها، جهل العنصريين بالعرب وباللغة العربية، مما أدى إلى تحول الموقف من السوريين إلى موقف من العرب واللغة العربية.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، يبدي فيه نائب تركي عنصريته ضد العرب واللغة العربية، بعدما طالب أحد مسؤولي حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، باستبدال كلمة التحية "صباح الخير" بـ"السلام عليكم".

وأكبر الأحزاب التي تتزعم هذه الحملات، يحوي اسم كلّ منهما كلمة عربية، فكلمة "الجمهور"، وكلمة "الظفر"، في اسمَي الحزبين الشهيرين كلتاهما عربية، وهو ما أشار إليه أحد الأئمة الأتراك، منتقدًا موقف الحزبين من العرب واللغة العربية، وانزعاجهما من اللافتات العربية في تركيا.

عوامل اقتصادية

يذهب بعض الخبراء في الشأن التركي إلى أن التحدي الاقتصادي أحد العوامل التي تؤثر في السياق الاجتماعي والسياسي المؤدي في بعض الأحيان إلى تصاعد العنصرية والتمييز ضد اللاجئين.

كما يرون أن اللجوء له بعد اقتصادي قد يكون إيجابياً أو سلبياً، لا سيما مع قبول أعداد كبيرة من اللاجئين في المدن، العمل غير الرسمي بأجور منخفضة، ما جعلهم ينافسون العمالة المحلية، والتسبب في تدني الأجور.

أثر اللاجئين

يرى خبراء في الشأن التركي أن بعض السياسات الحكومية في تركيا قد يكون لها دور في تشكيل مناخ العنصرية والتمييز ضد اللاجئين والمهاجرين في البلاد.

وذكر البعض أن سياسات تركيا في التعامل مع اللاجئين مقارنة مع الدول الأخرى- كألمانيا وإنجلترا- أدت إلى ظهور خلل في احتواء هذا العدد الكبير من اللاجئين.

في حين يرى آخرون أن تركيا تحاول التأقلم مع الوضع، لكنها ما زالت بحاجة إلى احتواء هذه المشكلة بشكل أكبر.

مسؤولية أردوغان

أصابع الاتهام إلى الأزمة الحالية تطال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وحزبه، لعدم توفيرهم الحماية الكافية للعرب واللاجئين خلال الفترة الأخيرة، رغم استغلالهم خلال حملات الانتخابات الرئاسية التي جرت قبل أشهر قليلة هناك.

ويرى هؤلاء أن العبء الأكبر يقع على عاتق السلطة، ولا يكفي أن يكون العلاج بكلمات تُوجه إلى الشعب، لأن الأمر لم يعد مواقف فردية، بل إنه تحول إلى سعار مجنون، سيصيب المجتمع التركي نفسه.

وذكر أن هذه الإجراءات العنصرية تتزامن مع انتقاد الرئيس التركي، موقف المعارضة التركية من أزمة اللاجئين، حيث قال إن موقف المعارضة في بلاده تجاه السوريين الذين فروا من الموت ولجأوا إلي تركيا وتطلعوا إليها كأنصار، ليس إنسانياً ولا إسلامياً.