بعد زيارته لمصر وجنوب السودان وقطر.. ما دلالات زيارات البرهان الخارجية؟

ذات مصر

بعد جولاته داخل السودان، وزيارتين لكل من مصر وجنوب السودان، يزور رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش الفريق عبدالفتاح البرهان، الدوحة، التي رعت سابقًا محادثات دارفور، حتى أثمرت اتفاقية للسلام، لكن اليوم ليس كالأمس.

ويومًا بعد يوم تتسع رقعة الجغرافيا أمام “البرهان”، ومعها تتسع القدرة على الفعل في سياق استمرار الحرب.

وفي زياراته، يخلّف “البرهان” وراءه بلدًا غارقًا في دمه، جراء نشوب حرب مع قوات الدعم السريع، التي يصفها البرهان بأنها متمردة، وأدت إلى سقوط آلاف القتلى، وإلى نزوح ولجوء أكثر من 5 ملايين سوداني.

وأكد “البرهان” في زيارته للدوحة، ما قاله سابقًا بشأن نهاية الحرب، بأن الأولوية في هذه المرحلة هي لإنهاء ما سماه التمرد وهزيمته، وهو قول لا يدع مجالًا للتفاوض على حل قبل حسم المعركة.

حـل قوات الدعم

وجاءت تصريحات “البرهان” غداة إصداره قرارا بحل قوات الدعم السريع وإلغاء قانون إنشائها، وهو القرار الذي تأخر 5 أشهر إلا أسبوعا في نظر المطالبين به منذ اندلاع الحرب، مطالبين مرة أخرى بخطوة تتمثل في تجريد ضباط وجنود قوات الدعم من رتبهم العسكرية، لتمردهم على الجيش.

وقد توالت بيانات الإدانة للدعم السريع من الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية، وكان آخرها، قرار الولايات المتحدة، إصدار عقوبات على اثنين من قادة الدعم السريع، بعد اتهامهما بانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، من قتل للمدنيين، واستهداف آخرين لأسباب عرقية، فضلا عن استخدام العنف الجنسي ضد ضحايا الحرب.

تبدو نافرة تلك الديمقراطية التي قال قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان حميدتي، إنه يقاتل من أجلها، وسط حرب دامية، تشهد القتل والانتهاكات ودفع الملايين من بيوتهم إلى الخروج نزوحًا ولجوء.

آراء متباينة

وتتباين الآراء حول دلالات زيارات “البرهان” الخارجية، التي كانت الدوحة محطتها الثالثة، وتباينت كذلك بشأن تصريحاته الأخيرة عن أولويات المرحلة المقبلة، وقراره الذي سبقها بحل قوات الدعم السريع.

وفي حين يرى مختصون في الشأن السوداني، أن تحركات البرهان تتسق مع رؤية السودان وتصور قادته للأزمة، رأى آخرون مؤيدون للدعم السريع، بأن تصريحات “البرهان” معادية، وتتعارض مع موقفي مصر وقطر الداعين لتحقيق السلام وإحياء المفاوضات.

الحصول على الدعم

يرى البعض أن زيارات “البرهان” الأخيرة، تأتي ضمن سلسلة زيارات للحصول على الدعم الكافي لجهود وقف الحرب، بدأت بدول الجوار ثم قطر.

ورأى هؤلاء أن زياراته الخارجية، تؤكد عودة دولاب الدولة إلى العمل، نافين أي تناقض بين دعم مسار وجهود وقف الحرب وبين تأكيد البرهان على ضرورة إنهاء التمرد، مع إصرار قادة الدعم السريع على عدم الالتزام ببنود اتفاق جدة.

ويرى آخرون أن “البرهان” يتحرك داخل المنطقة الرمادية، مما قد يجلب عليه نقمة عسكرية مدنية ناشئة من موقف لا يرضى بنصف حل في قضية تمس وجود السودان دولة وشعبا.

ودلالة ذلك في رأيهم، شعار "لا للحرب" الذي انحبس فيه وفد القوى المدنية، الذي زار أوغندا وأثيوبيا وقطر، دون تقديم خطة سياسية لوقف الحرب وتأسيس ما بعدها.

وعلى خلاف المتوقع، جاء البيان السياسي من قوات الدعم السريع، فيما وصفته برؤيتها للحكم، وهي رؤية، مثلت حالة استقلال بندقية الدعم السريع، فيما يبدو البرهان مُتنازَعَا بين مطلوبات الطاولة، وبين مطلوبات فكرة الحسم النهائي، لكن الجمع بينهما، في رأي البعض، صعب المنال.