فراج إسماعيل يكتب: الفارس الذي سينقذ الزمالك

ذات مصر

كزملكاوي قديم منذ عرفت أن الكرة جلد منفوخ وليس الكرة الشراب التي كنا نلعب بها في حوش مدرسة نجع البركة العتيقة أو المساحة المعدة لأجران القمح أو أجولة القطن بالقرب من بيتنا، وكعضو جمعية عمومية سبق بسنوات وصول مرتضى منصور إلى السلطة للمرة الأولى، أؤكد أن صوتي وأصوات أفراد أسرتي الذين استطيع التأثير عليهم بحكم ديكتاتورية سي السيد التي تتلبسني، لن تذهب إلا لمن سيدفع للزمالك من جيبه ويستطيع التفكير خارج الصندوق لإيجاد موارد ثابتة.

غير ذلك لن أفعل حتى لو أفسدت صوتي. الزمالك لكي ينجو يحتاج إلى فارس يمتطي حصان المال، فسائر الرياضات أصبحت مكلفة جدا، وهي ليست مجرد حمامات سباحة كتلك التي كان يفتخر بكثرتها مجلس الإدارة المستقيل، أو بكثرة الأجزاء التي زينت بلافتات تحمل أسماء رموز، واستخدمت كأداة عقابية ضد ذات الرمز إذا تحدث بما يغضب رئيس النادي، فيشطب اسمه من اللافتة، تماما كما يقلص الأمريكان معونتهم السنوية لمصر إذا لم تلبِ سياستها بعض الشروط المطلوبة.

ظلم مرتضي منصور نفسه وظلم نادياً له جماهير عريضة، عندما بقي في السلطة أكثر مما يجب، وأكثر مما تسمح به القدرات البدنية لمن في مثل عمره.

وظلم نفسه وظلم النادي عندما مدّدَ السلطة إلى نجليه، فالسلطات العائلية عادة ما تثير الغضب في السياسة وفي الرياضة وفي أي مناصب عامة، وغالباً ما تؤدي إلى إفشال كبير العائلة وخلعه من سلطته بسبب الفشل أو الغضب.

اللعبة لا تنتهي أبدا في ذلك الركن المظلم من ممارسة السلطة، فالخلف لا يتعلم من تعثر السلف. يكرر الخطأ نفسه بفعل عاطفة الأب التي فطر عليها خلق الله.

أذهب إلى نادي الزمالك نادراً بسبب بعد المسافة، حيث أسكن في التجمع الخامس، واحتاج إلى تجهيز نفسي للسفر إذا نويت الذهاب، ولذلك لا أكون هناك إلا مرتين أو ثلاثا في السنة، إحداها لتجديد الإشتراك والثانية لانعقاد جمعية عمومية.

من هنا فإن اهتمامي وحكمي على الزمالك هو نفس اهتمام وحكم الجماهير العريضة، ويتعلقان بفريق كرة القدم الذي يعيش أسوأ فترة في تاريخه.

كنت وأخي الأصغر نشجع الزمالك بالأذن. لم يكن هناك تليفزيون أو كهرباء في قريتنا ونتابع المباريات من الراديو. وفي مبارياته مع الأهلي، قد يتحطم الراديو إذا اشتبك أخي الأكبر وهو أهلاوي متعصب، مع أخي الأصغر وهو زملكاوي متعصب، وقد تتحطم أشياء أخرى، فيتدخل والدي في الوقت المناسب ليفض المشاجرة، وكنت أراه منحازا في التأنيب والزجر لصالح الأصغر، بحكم أنه "آخر الجيب" فأتخيل أنه زملكاوي مثلنا!

ولأن الأذن تعشق قبل العين أحيانا، فقد عشقنا الزمالك من صوت علاء الحامولي وهو يصف نقلات الكرة بين أقدام وروؤس نجوم كبيرة كحمادة إمام في آخر عهده وحسن شحاتة وعلي خليل وطه وحسن بصري ومحمد توفيق وفاروق جعفر.

وعندما يفوز الزمالك نبحث في البلدة عن أي مسافر للأقصر لإحضار الجمهورية لنقرأ ما سيكتبه محمود معروف، كاتبنا الرياضي الأثير في ذلك الوقت، أو ناصف سليم، وكذلك الأهرام لنقرأ ما كتبه نجيب المستكاوي وألقابه الجميلة التي تلتصق باللاعبين.

أحياناً تسمع الأذن صوتا أنثوياً جميلاً فيخفق لها القلب بشدة، ولكن ما أن تراها العين حتى تهتز الحواس كلها من الصدمة، فقد خفق القلب لدميمة شمطاء!

الحمد لله عندما بدأنا نشاهد المباريات في التلفزيون، الأبيض والأسود، ثم الملون لاحقاً، لم تتغير صورة الزمالك عن ما رسمته الأذن.

إلا أن ما بسمونه بالعشرية السوداء، أتعبت جماهيره، لكنها زادتهم تمسكاً به، فقد كان يحاول.. صحيح تبتعد عنه البطولات، لكنه يؤدي في الملعب ويبهر أحياناً.

الآن لا أداء ولا لعب ولا إبهار. والأكثر أنه مديون بزكائب من العملات الصعبة التي لن يأتي بها إلا "عفركوش".. لكن من أين لنا الفانوس السحري لنمسحه فيطل العفريت وينفذ أمنياتنا!

ليست لنا أمنيات عشر. أمنية واحدة فقط. أن يأتي مخلصون يملكون مالاً وفيرا، ينفقونه على النادي، وعلى تسديد ديونه، ولا يبغون شهرة أو استعراضاً، ولا يتعبوننا بمداخلات إلى الصباح من قناة الزمالك كتلك التي اعتاد عليها منصور، ولا يتفرغون لتصفية الحسابات، فقد أصبح تاريخه مع الزمالك من الماضي ويجب أن يظل للأبد في الماضي.

هل نرى في المرشحين للانتخابات القادمة فارساً أو فوارس؟!..

أتخيل الزمالك يناجي المنقذ منهم أو من في يده حبل الإنتشال من الغرق..

اللي يقدر على قلبي يخطفه وأنا أجري وراه..

واللى يقدر على حبي يخطبه وأنا أعيش وياه.. وساعة إيدى ما تيجي فى إيديه أحس بقلبه وأشوف بعيينيه.