عبد الله الأشعل يكتب: البرنامج التنفيذي لمشروع المصالحة التاريخية بين الحاكم والمحكوم في المنطقة العربية

ذات مصر

هناك ضابطان لهذا الموضوع الضابط الأول هو أنه لا يسرى المشروع على الجيل الحالي من الحكام العرب.

الضابط الثاني أن هذا المشروع ينفذ من الآن وخلال عشرين عاما ويكون قد أتى ثماره وتوارد على الكرسي العربي الكثير من الأجيال التي تأثرت بفعل هذا المشروع.

أولا: فيما يتعلق بالحاكم المطلوب منه

  1. ألا يتعالى على المواطن لأي سبب فالمواطن هو مصدر شرعيته عبر صناديق انتخابات نزيهة.
  2. أن يتوقف عن ثقافة أنه الوطن بل إنه خادم لهذا الوطن
  3. ألا يستقوي بالخارج لأن الخارج يتستر على جرائمه بحق شعبه وعلى فساده بالمحافظة على أمواله ثم يصادرها لصالحه ويعرض الوطن للتبعية ويتعرض هو للاحتكار من الخارج.
  4. أن يحترم دستور بلاده ويحترم حقوق الإنسان فيه لأن الخارج يهمه إلا يحترم الدستور ويعرض بلاده للتبعية وفريقه الحاكم للضغوط التي تبتزه لصالح الحاكم.
  5. أن يكرس نفسه لخدمة الوطن وألا يستخدم الوطن لخدمته وألا يترك مسافة فاصلة بين مصالح الوطن وبين مصالح نظامه ويصبح النظام عبئا على الوطن ويضحى بمصالح الوطن لصالح النظام ويضطر إلى مواجهة الشعب وبقهره بالقوة ويصبح حاكما مرهوبا مكروها يتمنى الشعب كله أن يصاب بأسوأ العواقب ويتمنى زواله.
  6. أن يكف عن عبادة السلطة وتسخير موارد البلاد للمنافقين والداعمين لحكمه فالوطن باق والنظم زائلة والحق أن عبادة السلطة مرض يرافق كل من بقى في السلطة مدة طويلة حتى في الدول الديمقراطية ويسمى إدمان السلطة علما بأن إدمان السلطة في الديمقراطيات شهادة بأن الحاكم يستحق السلطة لأنه يسخرها لخدمة المواطن أما عبادة السلطة في الدول المتخلفة فإنها تبدأ في الطريقة التي انتزع بها الحاكم السلطة ثم يكون وجوده في السلطة هو بقاؤه على قيد الحياة فإن خرج من السلطة يخرج منها بطريقة دموية كما دخل فيها فيصبح الحاكم خصما وهدفا للشعب يتربص كل منهما بالآخر ويجب على الحاكم العربي أن يقرأ التاريخ جيدا فالحاكم الذي يعينه الغرب على بلاده مقابل تمكينه من السلطة لا يتمسك به وإنما يتخلص منه ما دام قد أدى دوره لخدمة الغرب مثل شاه إيران والسادات وغيرهما والغريب أن الحاكم العربي لا يتعظ ومهمتنا أن نذكره بهذه القاعدة الذهبية بأن الوطن والشعب باقيان والحاكم هو المتغير الوحيد في المعادلة.
  7. علاج عبادة السلطة بالنسبة للحاكم العربي لها 3 علاجات. العلاج الأول نفسي وبالطبع لا يقر الحاكم العربي أنه مريض لأن مرضه يعتبر ضعفا وهو لا يريد أن يظهر بمظهر الضعيف وإنما القوى الباطش لأنه في الغالب يتصور نفسه أله فوق البشر لا يخطئ ولا يمرض ولا يموت، 
  8. هناك 3 علاجات لعبادة السلطة العلاج الأول هو فصل السلطة عن مزاياها فتصبح السلطة مغرما وليس مغنما كما تمني المنافقون والمنتفعون كما في الدول الديمقراطية.
  9. العلاج الثاني لا بد من أن يخضع الحاكم للمحاسبة والمراقبة عن طريق الأجهزة التي تنتمي إلى الدولة ولا يكون له أي تأثير عليها كما في إسرائيل وفي الدول الديمقراطية الغربية وهناك رقابة سياسية عن طريق البرلمان المنتخب انتخابا حرا وليس المعين من جانب أجهزة الأمن وفق هوي الحاكم
  10. وأخيرا المحاسبة القضائية على افتراض أن القضاء مستقل وأنه الحصن الأخير للحقوق والحريات.
  11. أما العلاج الثالث فهو أطلاق حرية التعبير وتأكيد مبدأ المواطنة من الناحية العملية.

والخلاصة أن تنفيذ هذه الآليات يدفع الحاكم إلى أحضان شعبه ولدينا في تاريخ مصر صفحات ناصعة من هذا القبيل قبل عام 1952 في مصر بالذات.

ثانيا: بالنسبة للرعية

الرعية تم استبقارها عن طريق الأمن والإعلام بحيث أصبح الحاكم لا يأمن في مقعده إلا إذا كانت الرعية منزوعة العقل وقد تم ذلك عبر فترة طويلة من الزمن اعتبر فيها الحاكم العربي أن الشعب مجموعة من الرعاع وأنهم ليس لهم حقوق عليه وأن كل ما يعطيه لهم يعتبر مكرمه وليس حقا وقد تم ذلك عن طريق تجهيل الرعية وعدم إمدادها بالمعلومات وأن يحكم الحاكم بمشيئته واختياره فلا يجبر على شرح قراراته وبالطبع لا يقبل أي نقد وحول الحاكم المصري تاريخيا النقد دليل مؤامرة على الوطن فضحت مصر بأجيال من العلماء الذين رحلوا من الوطن أو من الدنيا بأسرها أو قضوا أعمارهم في سجون الحاكم والنتيجة أن مصر أصيبت بالعقم ويبقى بعد ذلك أن يخترع دواء لمواليد مصر الجدد بحيث يعطل قدراتهم السمعية والبصرية والإدراكية بدلا من أن يضيع الحاكم موارد الدولة في محاربة هذه القدرات وطمسها.

والحق أن إصلاح الرعية مقدم على إصلاح الراعي فالراعي مشغول بالسلطة وامتيازاتها ولم يتوقف عن استبقار الرعية لأنها من طقوس الحكم ويجب أن ينهض المصلحون لتثقيف الرعية وتبصيرها بأساسيات كل شيء وحبذا لو نجحت هذه النخبة في ضمان عدم إعاقة مشروعها من جانب الحاكم وهذا هو المشروع الذي تعمل عليه ويتكون من 3 أقسام.

القسم الأول هو إعادة الإنسان المصري إلى إنسانيته التي شوهت فأصبح كائنا بيولوجيا يكتفي بمقومات الحياة ولا يدرك المؤامرة عليه.

القسم الثاني هو سد الثغرات المعرفية لدى المواطن وإقناعه بأن الثقافة أكثر تأثيرا وهي الطريق الوحيد لإصلاح الرعية وقد جربنا الثورات والهبات والانتفاضات الشعبية من أجل تغير الوضع القائم فوجدنا أن أصحاب الوضع الراهن في الداخل والخارج تضامنوا معا لإحباط هذه الثورات وعدنا مرة أخرى إلى حالة الاستعصاء في المنطقة العربية وقد تصلح الثورات في مناطق أخرى ولكنها في المنطقة العربية فاشلة.

تلك هي أهم أدوات تنفيذ مشروع أحياء المواطن بما يضمن أحياء الوطن وسوف نعالج في مقال آخر طريقة أحياء السياسة في مصر التي ماتت وورثت مصر جميع مشكلاتها.