"الأناكوندا" على خطى حسام غالي أم "صلاح"؟

مصطفى محمد.. موهبة قد «يتلفها الهوى»

ذات مصر

مرةً سأل صحفي الراحل الكبير، عمنا محمود السعدني، عن رأيه في صلاح السعدني، وسعيد صالح، وعادل إمام، باعتبار أن الثلاثة "تربوا على حجره"، فقال: "أكثرهم ثقافة صلاح، وأكثرهم موهبةً سعيد، وأكثرهم ذكاءً عادل".

"الذكاء يكسب".. هذا هو واقع الحال، فالمكانة التي بلغها "الزعيم"، لم يبلغها صديقاه، ليس لفقرهما في الموهبة، بل لكونه تفوق عليها في إدارة إمكانياته، واستوعب مزاج الجمهور، فقدم لهم ما يريدون، فإذا بأفلامه "تكسر الدنيا"، ومسرحياته تعرض لسنوات متتابعة.

وبتطبيق إجابة "السعدني الكبير" على كرة القدم، سنجد أن مسيرة لاعبين موهوبين، مثل محمد زيدان، وحسام غالي، وأحمد حسام ميدو، وعمرو زكي، قد تعطلت لعدم إدارتهم شؤونهم بشكل رشيد، في حين وصل محمد صلاح إلى مكانته العالمية، في عالم الساحرة المستديرة، لنجاحه فيما فشلوا فيه.

ويحذر خبراء الكرة مما يسمونه "ثقافة الاستسهال"، وعدم الثبات الانفعالي، ومشكلات التأقلم التي يحترف اللاعب المصري، من دون أن يتخلص منها، وهي الآفات التي تهدد مسيرة اللاعب الموهوب، بل الموهوب جدًا، الأناكوندا مصطفى محمد، الذي قطع مسيرة متميزة خلال الموسم الجاري في الدوري الفرنسي مع فريقه "نانت".

وينافس مصطفى ذو الـ25 عامًا، بقوة على لقب هداف الدوري الفرنسي رغم ضعف إمكانيات فريقه، إذ سجل 5 أهداف يحتل بها الوصافة في سباق الهدافين، ليأتي في المرتبة الثانية بعد الفرنسي كيليان مبابي نجم باريس سان برصيد 7 أهداف.

لكن مسيرة مصطفى نحو انتزاع صدارة الهدافين، قد تعطلت إثر وقفه مباراتين لحصوله على إنذار أحمر، لـ"سوء السلوك"، إذ احتج على حكم مباراة فريقه ضد "ستاد رين"، بعد احتسابه ضربة مرمى للفريق المنافس، فأشهر في وجهه بطاقة حمراء، بعد إنذار عوقب به، لارتكابه "فاول" في وقت سابق من المباراة.

إلى هنا يبدو الأمر عاديًا، ويحدث كثيرًا في ملاعب كرة القدم، لكن ما هو ليس عاديًا، أن "الأناكوندا" أخذ "يبرطم" بشتائم، وركل اللافتات بعصبية، أثناء تنفيذه قرار الطرد، وهو السلوك غير المقبول في الملاعب الأوروبية، ولولا أن المدير الفني لـ"نانت" انحاز لمصطفى، وتعاطف معه، ورأى أن الحكم تسبب في "كهربة المباراة"، لكان من الممكن أن تُوقع عليه عقوبة من فريقه، الأمر الذي يقلل فرصه في دخول التاريخ هدافًا للدوري الفرنسي، كما يقلل من احتمالات انتقاله لنادٍ كبير، خاصة بعدما تحدثت تقارير صحفية، عن رغبة نادي شيفيلد يونايتد الإنجليزي في التعاقد مع النجم المصري، لكن مغالاة النادي الفرنسي المالية أوقفت الصفقة.

وكشفت تقارير صحفية عن أن "نانت" طلب 20 مليون يورو من نظيره الإنجليزي مقابل بيعه الصيف الماضي، وذلك بعد أن تفعيل بند شراء اللاعب من نادي غلطة سراي التركي في صفقة بلغت 6 ملايين يورو.

ورغم الطرد والسلوك غير الرياضي، لا يزال مصطفى يحظى بمحبة جمهور فريقه، إذ تسلم "الخميس"  الماضي جائزة أفضل لاعب عن شهر سبتمبر، للمرة الثانية على التوالي، في استفتاء الجماهير، لكن هذا الحب ليس "على بياض"، فإما أن يسيطر ذكاء مصطفى على غضبه، ويكبح انفعالاته، فيرتقي المكانة اللائقة بموهبته، وإما أن تتوقف مسيرته، وعندئذٍ لن ينفعه الندم، مثلما لم ينفع الكثيرون قبله، ممن توهجوا ثم انطفؤوا جراء أخطاء تافهة تحولت إلى خطايا كبرى لإصرارهم على تكرارها.