محمد مصطفى موسى يكتب: إبراهيم عيسى.. من فمِكَ أدينُكَ

ذات مصر

هل من حقِّ الكاتبِ أن يدلي بأقوالٍ تتضمن شهادته على وقائع في محضر رسمي ثم يدلى بعكسها في محضر رسمي آخر؟ بالطبع لا، فهذه جريمة يعاقب عليها القانون، إلا إذا قدم الكاتب ما يثبت أنه كان مُضللا حين تقديمه الشهادة الأولى، واعترف بأنه شهد زورًا.
هكذا كتب بلال فضل، في "الشروق" حين بدل إبراهيم عيسى قولًا غير الذي قيل.


كان عيسى قد أدلى في التحقيقات أمام النيابة، بأن الرئيس الراحل مبارك، ضالع في إصدار أوامر بقتل المتظاهرين، لكنه عاد أمام المحكمة لينفي كلامه: "إن مباركَ بالقطعِ لم يصدر أوامره بقتلِ المتظاهرين لأنه رئيس وطني".
لا أحد حتى الآن يعرف لماذا نفى إبراهيم عيسى كلام إبراهيم عيسى؟
هل هي حالة فصام "شيزوفرينيا" نسأل الله له منها شفاءً لا يغادر سقمًا؟ 
وهل هذه الحالة تجعله "ساعة يروح وساعة ييجي".. أو بالأحرى "ساعة إبراهيم وساعة عيسى"؟
على أن تقلبات "إبراهيم" الذي يلقبه كارهوه بـ"ذي الحمالات"، لم تقتصر على شهادتيه المتضاربتين، بل إنها "تمتد وتتوغل وتنتشر.. وتنتشر".


فمع عملية "طوفان الغضب"، رأينا الرجل يلحس كلامه لحسًا، فإذا بكل مقولاته ومقالاته بتمجيد حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، تتبدل إلى هجومٍ ضارٍ عليها، ما يستدعي سؤال القذافي الوجودي: "من أنتم؟"
في برنامجه "حديث القاهرة" عبر شاشة "القاهرة والناس" قال عيسى: طوفان الغضب عملية مقاومة عظيمة نصفها إرهابي كارثي، إننا نصفق للإنجاز التكتيكي لهذه العملية العسكرية التي أسقطت الكبرياء الإسرائيلية، لكنها لم تقدم عملا سياسيا كبيرا، إلا أنها قدمت لإسرائيل فرصة لتعبئة العالم ضد القضية الفلسطينية».


هنا لا نعرف ما النصف العظيم وما النصف الكارثي؟
وهل تُقيّم الأحداثُ الكبرى كأنك تسأل بقالأ أن يحضر لك "نصف جبن أبيض ونصف زيتون"؟
في موضع آخر، يقول عيسى: "إن حماس تختطف القرار الفلسطيني، وما فعلته يشكل مشكلة كبيرة على الشعب والقضية الفلسطينية".


إذن.. هذا رأيه.. الرجل مؤمن بأن المقاومة لم تتخذ القرار الصحيح، حسنًا له كل الحق، وهو كاتب وصحفي يشار له بالبنان، ويرى نفسه أستاذًا جهبذًا، إلى حد أنه لم يتورع ذات برنامج عن إحضار "سبورة" ليقف أمام الكاميرات، وهو يلقي الدروس على "تلاميذه" من المشاهدين.


لكن هل هذا رأيه حقًا؟
الموضوع ملتبس.. ذلك أن ذا الحمالات، له من المقالات التي تؤيد "حماس" ما يملأ رفوف مكتبة الإسكندرية، ومنها مقال تحت عنوان "حماس السبب" يقول فيه: "هذه هي أكثر المبررات خسةً التي يحاول البعض تبرئة "إسرائيل" بها، إن حماسَ سببُ مجازر "إسرائيل" في غزة.. هذا اللغو الشائن يأتي من الرؤساء والملوك والمسؤولين العرب الموالين لأمريكا ومن كثيرٍ ممن يكرهون الدين فيكرهون أي حركةٍ دينيةٍ أيًّا كانت وأينما كانت، وبصرف النظر والعقل عن سياق ما تكونه.


الكلام واضح ولا يحتاج تعليقًا.. هنا إبراهيم عيسى، وهناك إبراهيم عيسى آخر.. وبينهما مشتبهات.