إسرائيل والحرب البرية.. «مغامرة نتنياهو» تنهي مسيرته

ذات مصر

تسعى دولة الاحتلال الإسرائيلي لشن حرب برية على قطاع غزة، ردًا على عملية «طوفان الأقصى»، التي شنتها المقاومة على مستوطنات غلاف غزة ومكنتها من قتل المئات من الجنود والمستوطنين، وأسر العشرات منهم في نحو 6 ساعات فقط.

هيبة إسرائيل المزيفة

لم تكن «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر الجاري، مجرد عملية عادية في إطار الحرب الدائرة مع الاحتلال، لكنها دفعت الإسرائيليين إلى تسمية اليوم بـ«السبت الأسوأ»، والأكثر مأساة بالنسبة لهم منذ حرب السادس من أكتوبر عام 1973.

المقاومة نجحت في تحطيم «هيبة» جيش الاحتلال وكسر شوكته التي زعم وجودها وجاهد مرارًا وتكرارًا لرسم صورة ذهنية تتشابه مع تلك التي حاول رسمها قبل حرب أكتوبر 1973، لكنها هوت في ساعات قليلة كما حدث في 2023.

الصدمة أربكت المجتمع الإسرائيلي، وكتبت سطر النهاية للعديد من القيادات في البلاد، في مقدمتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، يوآف غالانت، لتشهد قراراتهم تخبطًا شديدًا، خصوصًا بعد إعلان نهايتهما سياسيًا بسبب الضربة القوية للمقاومة.

أمريكا والتخلص من نتنياهو

نتنياهو، قبيل الحرب ملأ الدنيا تصريحات عن قوة بلاده، تزامنًا مع المحيط الجديد من المطبعين، والحديث عن تطبيع جديد مع السعودية، وزيادة الاستيطان، وزاد الأمر بقانون سماه بالإصلاح القضائي، قوبل برفض مجتمعي، ما خلق انقسام كبير داخل إسرائيل.

الضربة الأخيرة من المقاومة، كتبت السطر الأخير في مسيرة نتنياهو الطويلة في إسرائيل، خصوصًا مع الرفض الأمريكي له، ومحاولته التخلص منه بـ«نعومة» قبيل الحرب، بعد العديد من مرات الخداع التي مارسها عليهم.

الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، قال إن نتنياهو خدعه خلال عملية اغتيال القائد الإيراني البارز، قاسم سليماني، مشيرًا إلى أن العملية كانت بمشاركة إسرائيل، قبل أن يبلغهم نتنياهو قبيل التنفيذ بانسحابه.

رغم رحيل ترامب، إلا أن الدوائر الأمنية والسياسية الرئيسية في الولايات المتحدة كانت على علم بها، وشهدت العلاقة في بداية حكم بايدن فتورًا شديدًا رغم الحديث المنمق من الجانبين، لكن في الغرف المغلقة كانت الأوضاع بالنسبة لنتنياهو أسوأ.

رد الفعل الأمريكي بعد «طوفان الأقصى» استغربه الكثيرين لكنه طبيعي تمامًا، لإن الولايات المتحدة رغم الخلافات واجب عليها دعم دولة الاحتلال بعيدًا عن الأشخاص، وإلا تواجه هجومًا داخليًا كبيرًا يتزعمه اللوبي الصهيوني هناك، وفق خبراء.

سيناريوهات الحرب البرية

نتنياهو، يسعى حاليًا للانتقام في محاولة أخيرة منه لإحياء مسيرته وعدم الخروج بذكرى سيئة لبلاده بعد 14 عامًا قضاها كرئيس للوزراء، فلم يجد أمامه إلا إطلاق تصريحات بعزم حكومة الطوارئ الجديدة بشن حرب برية على قطاع غزة.

من هنا بدأت إسرائيل وقادة الجيش إطلاق التصريحات حول شن برية على القطاع للقضاء على حماس وذراعها العسكري كتائب القسام، والمقاومين الموجودين داخل غزة للقضاء على أكثر بقعة مقلقة بالنسبة لهم على مدار سنوات الاحتلال.

قرار الحرب البرية لم يكن سهلًا، وتحدثت تقارير عدة عن تحذير الاستخبارات الأمريكية لنظيرتها في إسرائيل وقادة الجيش من دخول قطاع غزة برًا، لعدم معرفتها بالقوة التي تمتلكها حماس حاليًا، خصوصًا بعد العملية الأخيرة.

التحذيرات لم تقتصر فقط على حماس بل امتدت إلى صعوبة خوض برية داخل شوارع وحواري القطاع المكتظ بالسكان، وتحدثت بايدن بنفسه قائلًا إن دخول إسرائيل إلى قطاع غزة مجددًا سيكون خطأ كبيرًا، قد يكلفها الكثير.

الجيش غير مستعد

خبراء إسرائيليون أيضًا أيدوا وجهة النظر الأمريكية، بقولهم إن الجيش حاليًا ليس مستعدًا أبدًا لشن حرب برية على القطاع خصوصًا بعد صدمة 7 أكتوبر، وأن ينبغي التريث كثيرًا قبل اتخاذ هذا القرار.

الإسرائيليون يرون أن الدخول إلى غزة برًا يعني ارتكاب خطأ كارثي قد يقضي على القوات المشاركة فيه لأنها ستكون صيدًا سهلًا بالنسبة للمقاومة التي يمكنها اصطيادها بالألغام المزروعة في الشوارع، أو حتى بصواريخ الآر بي جي من داخل المنازل القائمة أو المحطمة أيضًا.

غازات سامة في الأنفاق

تقارير إسرائيلية، قالت إن الجيش ينوي إطلاق غازات سامة في الأنفاق الموجودة داخل قطاع غزة للقضاء على عناصر المقاومة الموجودة بداخلها لكنها تواجه انتقادات واسعة خوفًا من قتل الأسرى الإسرائيليين هناك.

وتحدث خبراء أن حكومة نتنياهو تظهر دائمًا أنها غير معنية نهائيًا بملف الأسرى خصوصًا بعد رفضها استلام أسيرتين عرضت حماس تسليمها، لتندلع مظاهرات عارمة في البلاد ويقتحم متظاهرون منزل نتنياهو لمطالبته بحل أزمة الأسرى.

اللقطة الأخيرة تزامنت مع اتهام نتنياهو بحرق أوراق وحذف تسجيلات تثبت تقاعسه عن أداء مهمته في حماية المواطنين في يوم السبت، ليبدو ظاهرًا أن نتنياهو تنتظره أيام عصيبة بعد انتهاء الحرب، خصوصًا بعد نجاحه في الهروب من تهم الفساد التي لاحقته على مدار السنوات الماضية.