حياة بائسة لسكان غزة.. من لم يمت من القصف سيموت من ندرة المياه

ذات مصر

في غزة، كل الطرق تؤدي إلى الموت، فمن لم يمت بقصف قوات الاحتلال المستمر على القطاع لليوم ال31 فهناك أسباب أخري توصل إلى الموت، حيث أن شريان الحياة الرئيسي وهو المياه مازال غير مستقر ومنقطع بشكل شبه دائم بسبب ما فعله الاحتلال منذ بداية العدوان على القطاع من قطع للماء والكهرباء والوقود وكل مستلزمات الحياة عن القطاع، بالإضافة إلى منع المساعدات الإنسانية الداخلة للقطاع عبر معبر رفح المصري في بداية العدوان ودخولها بشكل شحيح في الأيام الأخيرة حاملة بعض الإغاثات الغير كافية لما يفوق من 2 مليون إنسان محاصرين برًا وبحرًا وجوًا منذ العام 2007 من قبل قوات الاحتلال.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل قامت قوات الاحتلال بقصف ما تبقي من محطات الصرف الصحي ومحطات تحلية مياه البحر في أثناء عدوانها الغاشم علي القطاع منذ السابع من أكتوبر الماضي بحيث لم يتبق للفلسطينيين المنهكين في القطاع في الحصول على كوب ماء نظيف كأي إنسان حول العالم يكفل له المجتمع الدولي والقوانين والأعراف الدولية بحقه في الحياة ومن أهمها حقه في الحصول على شربة ماء نظيفة.

ولكن يبدو أن هذه القوانين الدولية لم يعد لها مكانًا في هذا العالم المليء بالقسوة والبشاعة والظلم ويظهر ذلك جليًا في غض طرفهم عن جرائم الاحتلال المستمرة بحق أبناء الشعب الفلسطيني منذ احتلال أرضهم واستيلائهم على خيراتها في عام1948.

وبالعودة إلي شريان الحياة الرئيسي لأبناء القطاع ، يوجد أربع مصادر للماء في قطاع غزة وهي، أولها هو المياه السطحية، ويُعد هذا المورد محدودا جدا ولا يُستفاد منه إطلاقا. فوادي غزة هو المسطح المائي الوحيد في القطاع، وينبع الوادي من جبال النقب والمرتفعات الجنوبية لمدينة الخليل في الضفة الغربية، ويبلغ طوله 105 كم، 9 كيلومترات منه فقط هي التي تمتد داخل غزة.

المصدر الثاني هي المياه الجوفية، وهي المزود الرئيسي لمياه الشرب في فلسطين. ويقع قطاع غزة فوق جزء من حوض المياه الجوفية الساحلي الممتد على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط من حيفا شمالا إلى رفح جنوبا، حيث تعمل أمطار الشتاء على تجديد خزانات الآبار الجوفية بحد لا يتجاوز 60 مليون متر مكعب سنويا.

ويعمل مواطني القطاع على استخراج المياه من الآبار الجوفية من خلال مضخات تعمل بالكهرباء أو بالوقود واللذان تم قطعهما ومنعهما أيضا من قوات الاحتلال في غضون هذه الحرب الشرسة علي القطاع، ونتيجة لشح مصادر المياه وسهولة استخراج المياه الجوفية التي تقع على عمق 19 مترا فقط تحت سطح الأرض، يلجأ المواطنون للاعتماد على المياه الجوفية بشكل مضاعف، ما يشكل خطورة على نفاذه أصلا في الظروف العادية، فما الحال في حالة الحرب كالحرب الجارية في الوقت الحالي.

المورد المائي الثالث للقطاع يأتي عن طريق تحلية مياه البحر. ويقع قطاع غزة على البحر الأبيض المتوسط مما يُشكِّل فرصة لتحلية مياه البحر، ويعمل في قطاع غزة أكثر من 150 محطة تحلية ذات قدرات صغيرة، منها نحو 125 يديرها القطاع الخاص.

أما المورد المائي الأخير، فهو شركة المياه التابعة لسلطات الاحتلال (ميكروت). وتقوم ميكروت بتزويد القطاع بـ 8.0-7.5 ملايين متر مكعب من المياه سنويا، وتقوم بلديات القطاع بمزجها مع المياه الجوفية المالحة المستخرجة في خزانات لتخفيف ملوحتها قبل تزويد المواطنين بها، يخضع هذا المصدر لسيطرة سلطات الاحتلال بشكل كامل وتستخدمه أداةً للضغط على القطاع.

كل هذه الطرق يعجز الفلسطينيون عن توفيرها في حياتهم في الوقت الحالي أو بمعني أدق فيما تبقي لهم من شبه حياة فهم بين شقي الرحي، القصف الإجرامي المستمر للقطاع بلا هوادة من قبل الاحتلال وانقطاع كافة الخدمات المقدمة لهم من ماء وكهرباء ووقود وطعام وأسس الحياة العادية التي تستحيل الحياة الطبيعية بدونها.

يضطر بعض الأطفال في القطاع لشرب ماء البحر بشكل مباشر دون تحلية من الأساس بسبب نقص امدادات الوقود الذي يقوم بغلي المياه للتقليل نوعًا ما من خطورتها . وذلك مع صعوبة تحلية المياه بالأدوات الأخرى التي لا توجد رفاهية لتنفيذها في القطاع بسبب إحكام الاحتلال قبضته الإجرامية على القطاع منذ بدء الغزو.

فالاحتلال ينفذ خطته القذرة بتدمير البنية التحتية لأي معيشة وأي حياة في القطاع ، فمن لم يمت بالقصف المستر من الاحتلال سيصيبه أضرار صحية تؤثر في حياته على المدي الطويل في حالة إذا استمر حيًا من نقص المواد الغذائية وشرب الماء الملوث وانعدام كافة أساليب الحياة.

يرى أطفال غزة الدمار من حولهم في كل لحظة بدون أدني اعتبار لهم أو أي تعاطف عالمي مع هؤلاء الأطفال ، في حين تم تجييش هذا المجتمع العالمي بكافة أطيافه وكافة وسائل إعلامه حين قامت الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فالازدواجية في المعايير مازالت هي الصفة التي يتميز بها هذا العالم الوحشي الذي لا يعترف إلا بالقوة.