تحديات ما بعد نيل الحرية.. سجل حافل للأسيرات المحررات من سجون الاحتلال

ذات مصر

"أهلاً وسهلاً ومرحبتين .. شرفتونا يا نور العين"، بذلك الهتاف استقبل أهالي فلسطين الحافلة التي تقل أسيرات القدس المحتلة في صفقة تبادل الأسرى بين حركة "حماس" وإسرائيل" التي أبرمت منذ أيام وتحررت على اثرها 24 امرأة فلسطينية من مختلف أنحاء البلاد.

"مرح جودت موسى بكير، وملك محمد يوسف سليمان، اماني خالد نعمان حشيم، ونهاية خضر حسين صوان، فيروز فايز محمود البو، وأزهار ثائر بكر عساف، وفاطمة نعمان علي بدر، وسميرة عبد الحرباوي وزينه رائد عبدو " من مدينة القدس.
 

"تحرير عدنان محمد ابو سريه، وفلسطين فريد عبد اللطيف نجم، ومريم خالد عبد المجيد عرفات، وأسيل منير إبراهيم الطيطي، وسارة ايمن عبد العزيز عبد الله السويسه، وفاطمة بكر موسى ابو شلال ونور محمد حافظ الطاهر " من مدينة نابلس.  
 

"ولاء خالد فوزي طنجة ورغد نشأت صلاح الفني" من طولكرم " وروضه موسى عبد القادر ابو عجمية وفاطمه إسماعيل عبد الرحمن شاهين" من بيت لحم، "حنان صالح عبد الله البرغوثي وروان نافذ أبو زيادة" من رام الله، "سماح بلال عبد الرحمن صوف" من قلقيلية، و"فاطمة نصر محمد عمارنه" من مدينة جنين.
 

تحديات مباشرة وكثيرة تواجه الأسيرات المحررات في فترة ما بعد الإفراج ونيل الحرية، وخصوصا تلك المتعلقة بالاندماج المجتمعي والنظرة تجاه الأسيرة المحررة.
 

نشرت "جامعة النجاح الوطنية الفلسطينية" بحثاً أكد أن المحيط العائلي للأسيرة بعد الإفراج عنها يساعد بشكل حاسم في سرعة اندماجها في المجتمع، بالإضافة إلى ما تتمتع به الأسيرة المحررة ذاتها من قوة ومبادرة شخصية قادرة من خلالها على تذليل العقبات المانعة من الإندماج.
 

تواجه الأسيرات المحررات ضغوطات عديدة تختلف هذه الضغوطات باختلاف طبيعة تجربة كلاً منهن الاعتقالية، وهناك العديد من التجارب العملية لتلك الأسيرات كلاً منهن ترويها بشكل مباشر، قمنا في "ذات مصر" برصدها ومن ثم نشرها في محاولة إشراك القارئ الأسيرات المحررات تجاربهن مما يساعد في إنصاف المرأة التي دفعت حريتها من أجل الحفاظ على الهوية الفلسطينية، والدفاع عن أبناء شعبها وحقوقهم.
 

"لم ننس أننا خرجنا على دم شهدائنا في قطاع غزة" بتعبيرات حزينة بعد عناق طويل في أحضان والدتها، قالت الأسيرة الفلسطينية المحررة "رغد الفني" تلك العبارة في أول ظهور لها عقب التحرر، كذلك أوضحت أن هناك العديد من الأسيرات لازلن وراء القضبان في سجون الاحتلال قائلة :"تركنا خلفنا أسيرات معتقلات منذ سنوات لابد من ترك سراحهن، هن الأخريات".
 

بسجدة شكر لله، تنفست الأسيرة "سارة السويسة" أم لطفلين، هواء فلسطين الحر، شاكرة الله عز وجل على تحريرها.
وبجانب المعاناة النفسية التي تتلقاها الأسيرات، تواجه الأسيرات تعذيب جسدياً ومعنوياً، وتهديدات بالاغتصاب حال كشفهن أي معلومة يعتقد جيش الاحتلال أنها ستضر بمخطتهم الاحتلالي.
جرائم الاحتلال في حق الأسيرات
اقتياد للسجون بأعين معصوبة وأيد مكبلة، احتجاز تمهيدا لمرحلة التحقيق، وزنازين سيئة الوضع ذات روائح نتنة منبعثة من فوهات الصرف الصحي، وسط برودة جدران أسمنتية، وتحقيق متواصل ومذل قد يصل إلى 20 ساعة متواصلة، وحرمان من النوم أيام حتى الوصول  لحالة من الهذيان، وتفتيش عاري، ومنع من قضاء الحاجة، وتحرش مباشر من قبل المحققين، واستخدام آلة تعذيب تسمى "البوسطة" كراسيها من حديد تأكل من عظام الأسيرات اللائي ينقلن بها من الزنازين إلى المحاكم بسرعة تصفها الأسيرات المحررات بالجنونية وهن معصوبات الأعين، ومنع من ارتداء الحجاب، صنوف كثيرة من التعذيب تحياها الأسيرات خلف قضبان السجون.
دخلت الأسيرة روان نافذ أبو زيادة (29 عاماً) من بلدة بيتلو قضاء رام الله، عامها التاسع والأخير في سجون الاحتلال الإسرائيلي تنفيذا لحكم قضائي.
 

جنود الاحتلال كانوا قد أطلقوا النار على روان بشكلٍ مباشر في 15 يوليو 2015، وتم اعتقالها، واعتُدى عليها بالضرب المُبرح، قبل نقلها إلى مركز تحقيق "عوفر"، وكانت قد أجلت محاكم الاحتلال محاكمة الأسيرة أكثر من 11 مرة بحجة استكمال الإجراءات القضائية، حتى أصدرت بحقها عام 2016 حكماً بالسجن لمدة 9 سنوات، إضافة إلى فرض غرامة مالية بحقها بقيمة 4000 شيقل.
حكايات الأسيرات لا تنتهي، فلدينا كذلك "مرح بكير" الأسيرة المحررة من سجون الاحتلال بعد 8 سنوات من الأسر، اعتُقلت مرح وهي طفلة، تبلغ من العمر 16 سنة، عند اعتقالها مكثت في زنزانة القاصرات "الزهرات" في سجن هشارون حتى كبرت، اجتازت مرح وهي داخل السجن الثانوية العامة بمجموع 80%، وأصبحت ممثلة الأسيرات في سجن الدامون.
 

كانت تعاني من جروح عميقة في يدها بعد أن استهدفتها السلطات الاسرائيلية عبر 14 رصاصة في يديها بعد خروجها من مدرستها في حي "الشيخ جراح" حينها، اصطدمت "مرح" بجندي من جنود الاحتلال قال إنها حاولت طعنه قبل أن يطلق النار عليها حتى سقطت ارضاً. 
 

رفضت سلطات الاحتلال إجراء عملية جراحية لمرح التي قالت عند تحريرها أمس في أول تصريحاتها :"الأسيرات تعامل مثل الرجال الكبار والمؤبدات، الاحتلال لا يُراعي خصوصية النساء أو يحترم حرمتهن، كما أن هناك إهمال طبي جسيم نتعرض له".
وأضافت مرح :"أنا تعرضت للإهمال الطبي وأخبروني بحاجتي إلى إجراء عملية لكنهم رفضوا إجراءها بسبب تكلفتها وقرب انتهاء فترة الحبس، وأغلقوا ملف علاجي بشكل كامل".
ولأن "الأمل لا ينقطع" أعربت مرح بكير عن أملها بالالتحاق بالدراسة الجامعية في كلية الحقوق خلال مرحلة ما بعد الأسر.