الإضراب الشامل لنصرة غزة.. «ثورة السوشيال ميديا» ترسب في اختبار الواقع

ذات مصر

لم تجد دعوات الإضراب العالمي، اليوم الاثنين، لدعم أهالي قطاع غزة في ظل القصف المتواصل من جيش الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من شهرين، والذي أسفر عن استشهاد أكثر من 18 ألف شخص، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 50 ألفًا جلهم من الأطفال والنساء، صدى واسع سواء إقليميًا أو دوليًا.

انتفاضة ضد «إرهاب واشنطن»

فقبل أيام قليلة انطلقت دعوات إضراب عالمي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي لاقت تفاعلًا كبيرًا وصدى واسع في العالم الافتراضي وتبنتها العديد من الجهات والشخصيات العامة في العالم العربي وخارجه، وأخذت في الانتشار بشكل مكثف.

دعوات الإضراب العالمي، قوبلت بتأييد ومناشدة من داخل القطاع المحاصر، ومنى سكان غزة النفس بدعم عربي وعالمي في محاولة منهم للضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وحكومته اليمينية المتطرفة في وقف العدوان.

وتزامنت الدعوات مع إفشال الولايات المتحدة والمملكة المتحدة مشروع قرار من مجلس الأمن، يلزم إسرائيل بوقف الحرب على غزة، فصوتت 13 من الدول الـ15 الأعضاء في المجلس لصالح مشروع القرار، مقابل معارضة الولايات المتحدة واستخدامها حق النقص «الفيتو»، وامتناع المملكة المتحدة عن التصويت على النص الذي طرحته الإمارات العربية المتحدة.

غزة تناشد

وغداة الإضراب، أصدرت حركة "حماس" ليل أمس، بيانا بشأن الدعوات للإضراب العالمي، أشادت فيه بالحراك العالمي الداعي للإضراب الشامل، داعية  كل الأحرار في العالم إلى المشاركة الواسعة فيه، رفضًا لحرب الإبادة الجماعية والمجازر الصهيونية بحقّ المدنيين العزَّل من أبناء شعبنا في قطاع غزَّة على مدار 65 يوما.

وأضاف البيان: «ندعو إلى استمرار وتصعيد كلّ أشكال المسيرات الجماهيرية والمظاهرات الشعبية، في مدن وعواصم وساحات العالم، إدانةً للدعم الأمريكي وبعض الدول الغربية لهذه المجازر المروعة بحق الأطفال والنساء والعوائل الفلسطينية، والضغط باتجاه وقف هذا العدوان الهمجي، ومعاقبة كل الداعمين له، وتجريمهم، وصولاً إلى محاكمتهم كمجرمي حرب».

استجابة محدودة

ولاقت دعوات الإضراب استجابة محدودة إقليميًا، فعمّ الإضراب الشامل الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس، لتشل جميع مناحي الحياة من مؤسسات حكومية وخاصة وحركة المواصلات والمدارس والجامعات والمتاجر.

وانتشرت مئات الصور من الداخل الفلسطيني في عديد المناطق، ظهرت خلالها المحال والمؤسسات الحكومة والخاصة مغلقة، وخلت الشوارع والمدارس والجامعات في أغلب المناطق من المواطنين.

وعلى نفس المنوال، استجاب اللبنانيون لقرار مجلس الوزراء الذي أعلن اليوم الاثنين، الإضراب الشامل ضامنا مع غزة، فعم الإضراب شتى الأراضي اللبنانية، وشل جميع مرافق الحياة من مؤسسات حكومية ومدارس وشركات.

وأظهرت صور متداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك وتويتر وإنستغرام وتيك توك» مشاركة الأردنيين الفاعلة في الإضراب الشامل، ما شل حركة عجلة الحياة الاقتصادية والاجتماعية فيها أسوة بباقي الدول المشاركة.

لكن الحكومة الأردنية، اقترحت على شعبها تخصيص يوم عمل لدعم غزة بدلا من الإضراب، وأوضح المتحدث باسم مجلس الوزراء الأردني مهند المبيضين، أن الإضراب الجماهيري العام في الدول العربية للتضامن مع غزة يهدف لدفع حكومات هذه الدول لأخذ موقف أكثر حسما في تضامنها مع القطاع.

وأشار إلى أن موقف الأردن واضح وحاسم منذ البداية، ربما يكون متقدما أو يسير في خط مواز مع الموقف الشعبي"، داعيا القطاعات التجارية إلى الالتزام بأعمالها.

وفي تركيا، لم يستجب للدعوات سوى فئة قليلة من التجار السوريين المقيمين هناك، والذين أغلقوا أبواب محالهم ومؤسساتهم تضامنًا مع أهالي قطاع غزة، ودعمًا لمحاولات وقف العدوان الإسرائيلي عليهم.

مصر والخليج «غياب»

واكتفى المصريون وأشقاؤهم في دول الخليج العربي بالمشاركة في الإضراب بـ«بوستات» عبر مواقع التواصل، فلم تشهد القاهرة الكبرى أي مظاهر للإضراب وبدت المحال والمدارس والجامعات في حراكها الطبيعي دون تغيير.

ورغم تبني عديد من منظمات المجتمع المدني لتلك الدعوات، فإن المشاركة الشعبية بدت في أضعف مظاهرها رغم عدم وجود أي تحذيرات حكومية من المشاركة والتي تتزامن مع إجراء انتخابات الرئاسة في مصر حاليًا.

أما في دول الخليج العربي عمومًا، فلم تشهد دعوات الإضراب تفاعلًا سوى في نطاق محدود جدًا، خصوصًا مع الموقف الرسمي «الغامض» بالنسبة لبعض الدول الخليجية الكبرى، كما غابت قطر أيضًا عن الإضراب.

في الوقت نفسه، واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي قصفها المستمر على مناطق واسعة من القطاع سواء في الشمال أو الوسط، بالإضافة إلى محاولات التوغل البرية والتي تواجه مقاومة شركة من مقاتلي القسام، والذين يقفون برفقة أهالي القطاع وحدهم ضد العدوان الغاشم.