مفاوضات سد النهضة: الفشل مصير كل الجولات وتقليص حصة القاهرة أمل أديس أبابا

ذات مصر

انتهى مسار التفاوض بين دول مصر وإثيوبيا والسودان بشأن ضمان دول المصب في حقوق مياه النيل، الذي استمر سنوات طويلة دون جدى، بسبب تعنت أديس أبابا، رغبة في الاستحواذ على مياه النيل.

أعلنت وزارة الموارد المائية والري، اليوم، أن الاجتماع الأخير لمفاوضات سد النهضة انتهى، وأشار البيان إلى أنه لم يتم التوصل إلى أي نتائج نظرًا لمواقف إثيوبيا المستمرة في السنوات السابقة، حيث رفضت اتخاذ أي حلول وسط تقنية أو قانونية تحقق مصالح الدول الثلاث.

كانت إثيوبيا سبب فشل المفاوضات، فبحسب البيان فإنها مستمرة في تجاهل التفاهمات التي تم التوصل إليها وتسعى لتحقيق مصالحها الخاصة.

وأضاف البيان أنه بناءً على هذه المواقف الإثيوبية، فإن المسارات التفاوضية قد انتهت.

وذكر البيان، الذي بدى واضحا وأكثر شفافية في عرض ملابسات الواقعة أن مصر ستتابع عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة وستحمي حقوقها المكفولة بموجب القوانين الدولية للحفاظ على أمنها المائي والقومي في حال تعرضها للضرر.

تقليل حصة مصر هدف إثيوبيا

منذ عقود وتحصل مصر على حصة سنوية من المياه قدرها 55.5 ميار متر مكعب تريد إثيوبيا تقليصها إلى 35 مليار متر مكعب، وذلك بحسب تقرير وفي المؤسسة الألمانية للتجارة والاستثمار، ويأتي ذلك في وقت تعاني في مصر من ندرة في مصادر المياه.

علق محمد نصر الدين علام وزير الري السابق، على فشل المفاوضات، بأن اللهبة انتهت بعد ١١ عاما من المفاوضات، وقال: انتهت لعبة مفاوضات سد النهضة الفاشلة بعد فترة تزيد عن ١١ عاما، ومشاركات دولية وأفريقية ومجلس الأمن ووساطة أمريكية حتى اكتمل السد.

واضاف عبر حسابه على فيسبوك: "المؤامرة كبيرة، والسودان بعافية، والشمال ملتهب، والأساطيل حولنا، والهدف تقزيم "مصر"، وهذا لن يتحقق مادام هناك شعب مصر".

جولات تفاوض وفشل مستمر

في سبتمبر الماضي وبعد جولة من المفاوضات في القاهرة، أعلنت وزارة الموارد المائية والري أن "الاجتماع الوزاري الثلاثي بمشاركة السودان لم يحقق أي تقدم، وشهد تراجعًا من جانب إثيوبيا عن العديد من الاتفاقات التي تم التوصل إليها بين الدول الثلاث، ومع استمرار رفضها لأي من الحلول المقترحة".

لم يمر بيان مصر الواضح في عرض نتائج جولة المفاوضات التل لم تسفر عن شيء يذكر، مرور الكرام، حتى خرجت أديس أبابا ببيان مغاير عما جرى، إذ أدعت أن مطالبة القاهرة بالاحتفاظ بـ "معاهدة استعمارية قديمة وطلب حصص المياه الاستعمارية" تعيق التقدم الفعلي في المفاوضات التي عقدت في أديس أبابا يومي السبت والأحد بشأن سد النهضة.

وأكدت وزارة الخارجية الإثيوبية في بيانها يوم الاثنين أن "الدول الثلاث تحقق تقدمًا في تحديد القضايا ذات التقارب المحتمل".

في وقت سابق من سبتمبر، أعلنت إثيوبيا عن الانتهاء من الملء الرابع للسد، وهو ما تم استنكاره بشكل رسمي من قبل وزارة الخارجية المصرية.

وأوضحت وزارة الخارجية الإثيوبية أن الهدف من المفاوضات الثلاثية الحالية هو وضع اللمسات الأخيرة على المبادئ التوجيهية والقواعد المتعلقة بالملء الأول والتشغيل السنوي لسد النهضة، مما يضمن حقوق إثيوبيا ويأخذ في الاعتبار المخاوف المشروعة لدول المصب.

عبرت مصر عن غضبها بعد إعلان إثيوبيا الانتهاء من الملء الرابع لخزان سد النهضة، الذي يطل على نهر النيل الأزرق. وأكدت وزارة الخارجية المصرية في بيانها أن هذا الإعلان يعد انتهاكًا لاتفاق المبادئ الذي تم التوصل إليه في عام 2015 بين القاهرة وأديس أبابا والخرطوم، والذي يتطلب اتفاق الدول الثلاث على قواعد ملء وتشغيل السد قبل بدء عملية الملء.

وأشار البيان إلى أن اعتماد إثيوبيا لإجراءات أحادية يشكل تجاهلاً لمصالح وحقوق مصر والسودان ويضع عبئًا على مسار المفاوضات المستمرة. وعبرت مصر عن أملها في أن تحقق الجولة المقبلة من المفاوضات التي ستعقد في أديس أبابا تقدمًا ملموسًا في تحقيق اتفاق حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.

خطوات مصر لتوفير المياه

عملت مصر خلال السنوات الماضية على توفير المياه والحفاظ عليها من الهدر وفقًا لوزارة الموارد المائية والري المصرية، تتضمن هذه الخطط استثمار ما يقرب من 50 مليار دولار بين عامي 2019 و 2037 في مشاريع تركز على إعادة تدوير مياه الصرف الصحي وصيانة أقنية الري وشبكات الأنابيب المتهالكة لتقليل فاقد المياه.

واعتمدت على مصادر بديلة وأكثر استدامة، بدأت بإشراك الأهالي والقطاع الخاص كخطوة أولى في تمويل وإدارة مشاريع تبلغ قيمتها 500 مليون دولار في مناطق متعددة. في الوقت نفسه، تم بدء تجربة زراعية تستهدف استخدام كميات أقل من المياه، وعلى سبيل المثال، تم تطوير أصناف مختلفة من زراعة الأرز الجاف في مصر، مثل "جيزة 178" و "جيزة 179"، وأجريت هذه التجربة في محافظة الوادي الجديد.

وبينت أن هذه التجربة ناجحة حيث تم تقليل استهلاك المياه بنسبة 50 في المائة مقارنة بزراعة الأرز المائي، دون أن يكون لها تأثير كبير على مستوى الإنتاجية.

محطات في التفاوض

منذ 2011، تتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا للوصول إلى اتفاق بشأن ملء سد النهضة وتشغيله، إلا أن جولات طويلة من التفاوض بين الدول الثلاث لم تثمر حتى الآن عن اتفاق.

في السادس من نوفمبر 2019، تدخلت الولايات المتحدة على خط الأزمة واستضافت الأطراف الثلاثة في واشنطن، بحضور وزير الخزانة الأمريكي ورئيس البنك الدولي للمرة الأولى. وصدر بيان مشترك جاء فيه أنه تقرر عقد أربعة اجتماعات عاجلة لوزراء الموارد المائية في الدول الثلاث، بمشاركة ممثلي الولايات المتحدة والبنك الدولي، بهدف التوصل إلى اتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة خلال شهرين، بحلول منتصف يناير 2020.

وفي 15 و16 نوفمبر 2019، انعقدت الجولة الأولى من الاجتماعات في أديس أبابا، بحضور ممثلين عن وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي، وتم التوافق على استمرار المفاوضات والمناقشات الفنية حول آليات تشغيل وملء السد، خلال الاجتماع الثاني للجان الفنية.

تخشى دولتي المصب من تأثير السد الذي تقوم إثيوبيا ببنائه على نهر النيل الأزرق، حيث تعتمد مصر على نهر النيل لتأمين 97% من احتياجاتها المائية.

وفي فبراير 2022، قامت إثيوبيا رسميًا بإنتاج الكهرباء من السد، وتم تعديل هدف الإنتاج الكلي للسد من 6500 ميغاواط إلى 5000 ميغاواط، وهو ما يعادل ضعف إنتاج إثيوبيا الحالي في مجال الكهرباء. ويتوقع أن يصل السد إلى طاقته الإنتاجية الكاملة بحلول عام 2024.