«ملاجئ على الحدود».. أوروبا تقر خطة «لا إنسانية» لمواجهة المهاجرين

ذات مصر

بعد سنوات من الرفض بدعوى انتهاك حقوق الإنسان، أبرم الاتحاد الأوروبي اتفاقًا سياسيًا لإصلاح قواعد اللجوء والهجرة إليه، لتقترب من اتخاذ إجراءات رفضت لأكثر من 7 سنوات من بعض دول الاتحاد، تشدد إجراءات قبول المهاجرين وتتقاسم الدول من خلالها المسؤولية.

اتفاق تاريخي

وكانت الإصلاحات طرحت لأول مرة في 2016، بعد حركة هجرة كبيرة حملت قرابة المليون إلى أوروبا، أغلبهم من السوريين، لكن المفاوضات توقفت لسنوات بسبب خلافات الزعماء الأوربيين حول توزيع المهاجرين.

لكن ومع زيادة عدد طلبات اللجوء للاتحاد الأوروبي، وبالتزامن مع اشتداد عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، استغلت الأصوات اليمينية الفرصة لإثارة مخاوف الأوروبيين من احتمال نزوح جماعي من الشرق الأوسط، مؤكدتًا على حاجة أوروبا تشديد الرقابة على حدودها.

وقالت رئيسة البرلمان الأوروبي «روبرتا ميتسولا»، إن القرارات لا تقدم "حزمة مثالية على الطاولة ولا تنظر في حلول لجميع القضايا المعقدة، لكن ما لدينا على الطاولة أفضل بكثير لنا جميعا"، واصفة اليوم بـ"التاريخي".

حرب غزة تنهي الخلاف

وكان رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، قد حذر في قمة أوروبية عقدت في بروكسل أكتوبر الماضي، من أن «عدم الاستقرار في إسرائيل وفي مصر سيتسبب في فرار الناس على الفور إلى أوروبا»، كما سعى لربط الهجرة بالإرهاب، قائلًا: «أولئك الذين يدعمون الهجرة يدعمون الإرهاب أيضا»، بحسب قوله.

ويُشار إلى أن المخاوف الأوروبية أضافت زخمًا لاتفاق مقترح بين الاتحاد الأوروبي ومصر، حيث أرسلت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، رسالة إلى قادة الاتحاد الأوروبي في أكتوبر كذلك، تعهدت فيها بتقديم دعم أكبر للقاهرة.

وتأتي الشراكة المحتملة على غرار اتفاق وقعه الاتحاد الأوروبي في يوليو، ويمثل خطوة في استراتيجية المفوضية لتوجيه أموال أوروبية إلى دول شمال أفريقيا في محاولة لدعم اقتصاداتها ووقف تدفقات الهجرة منها.

مصر والهجرة

وتلعب مصر في الوقت الحالي دورًا رئيسيًا في الصراع بين الاحتلال والفصائل الفلسطينية، حيث تعد نقطة دخول للمساعدات الإنسانية إلى غزة، ولكنها تعمل كذلك على منع تدفق اللاجئين، وقد يكون هذا الدور الأخير هو الأهم للاتحاد الأوروبي، حيث تستضيف مصر حوالي 9 ملايين لاجئ، وفي حالات كثيرة يعبر المهاجرين الحدود المصرية إلى ليبيا لتكون نقطة انطلاقهم لأوروبا.

يذكر أن اتفاق تنظيم الهجرة الأوربي أتي بعد يومين من المفاوضات الصعبة، ومع العديد من التفاصيل الفنية التي ما زال من المقرر الاتفاق عليها في العام الجديد، فالاتفاق لا يغير الكثير فيما يسمى بـ"نظام دبلن"، والذي يفرض على المهاجرين طلب الحماية في الدولة الأوروبية التي يصلونها أولا، مما يضع عبئا أكبر على دول مثل إيطاليا واليونان، ولكنه سمح للدول الأكثر تضررا بتخطي بعض التزاماتها.

وبدلا من إلزام دول الشمال الأوروبي باستقبال أعداد أكبر من طالبي اللجوء، فيمكن لهذه الدول بدلًا من ذلك دفع تعويضات مالية، إما لدولة عضو تستضيف أعدادا أكبر، أو لدول خارج الاتحاد تدعم الجهود المبذولة للحد من تدفقات الهجرة. 

كما يلزم الاتفاق الدول الأوروبية استيعاب بعض طالبي اللجوء في مرافق أو ملاجئ أو وحدات قرب الحدود الخارجية للاتحاد، ويشمل ذلك الأسر والأطفال.

كما يسمح القانون للدول الأعضاء الأكثر تضررًا بتخطي بعض التزاماتها في القانون، وكان هذا مطلبًا رئيسيا لدول مثل إيطاليا، التي سعت إلى الإشارة للضغوط المفروضة عليها بسبب الجمعيات الخيرية وجمعيات البحث والإنقاذ.

رفض حقوقي

وانتقدت منظمات حقوقية الاتفاق، مشيرةً إلى أنه يحد فرص اللجوء ويقوض حقوق الإنسان.

وقالت رئيسة مكتب منظمة العفو الدولية في الاتحاد الأوروبي، إيف جيدي: "أن من شبه المؤكد أن يتسبب الاتفاق في وضع المزيد من الناس رهن الاحتجاز بشكل فعلي حدود الاتحاد الأوروبي". 

وحتى الآن لم يتم نشر التفاصيل الكاملة للاتفاق، ولكن من المتوقع أن يغير العديد من الجوانب في كيفية تعامل الاتحاد الأوروبي مع الأمر مع المهاجرين، بدءًا من مراقبة الحدود وحتى المدة التي يمكن احتجاز الأشخاص فيها بالضبط.

وبعد الانتهاء من تسوية الاتفاق، لا يزال من المفترض أن يتم تبنيه من قبل البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء قبل أن يدخل حيز التنفيذ، وهو أمر غير متوقع قبل عام 2025.

ولكن حقيقة التوصل للاتفاق، تعد كاشفة في حد ذاتها عن تغير في سياسات الاتحاد الأوروبي بعد أن كانت قضية الهجرة قد تراجعت عن أجندته السياسية في خضم وباء كورونا، وما تسبب فيه من حظر للسفر وإغلاق للحدود.

لكن خلال العام الماضي، ومع ارتفاع أعداد الوافدين، نجح اليمين المتطرف في استمالة الناخبين المعادين للهجرة في دول كهولندا، بينما هيمنت القضية على النقاش السياسي في بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها.