هلال عبدالحميد يكتب: أشعر بالعار

ذات مصر

أمر بفترات بكاء طويلة، أشعر بالقهر وبالذل وبالعار، أشعر بخيانة كلما ازدرد لقيمات خجلي، أشعر بدموعي الحارة، وأنا أشاهد أطفال فلسطين على التلفاز، يخرجون ما بين قتيل وجريح،وهم ينتظرون غَرفة طعام، وهم ينزحون من مكان لمكان دون سند أو ظهر، يهيمون شمال غزة لجنوبها مطاردين بقنابل تحاصرهم من كل اتجاه.

أكتب وأنا ابكي، لا أكاد أرى لوحة المفاتيح من بين دموعي.

أصلي وأنا انتحب ، كيف سيغفر لي ربي كل هذا الخذلان؟!!

كيف سانظر في مرآة لأرى وجهي الخائف والمرتعب؟!

أشاهد فيديوهات المقاومة فأبكي فخرًا واتساءل: كيف صنعوا كل هذا المجد وسط حصار خانق لعقود؟!

أين تعلموا المقاومة؟! كيف تسلحوا بكل هذا الإيمان؟! وكيف لم يهابوا السجن ولا الموت، ولا الجوع ولا الخوف على المستقبل والأولاد، ونحن نخاف؟!

 كيف بنوا كل هذه الانفاق؟! 

كيف صنعوا كل هذه القنابل والصواريخ والذخائر والمتفجرات؟! 

كيف واجهوا الطغاة والغزاة والمستوطنين والمستعمرين، ونحن لا نستطيع رغم كل هذا البراح؟! 

الفخر

 أشعر بالفخر، لأنه  من بني جلدتنا من يمتلك كل هذه العبقرية وكل هذه الشجاعة وكل هذا الصبر، لكني أشعر بالعار، لأني حتى لا استطيع مجرد مناصرتهم علانية ولو بهتاف.

أخشى إن يواجه الفلسطينيون ومقاومتهم البطلة بغزة ما واجهه مقاتلوا منظمة التحرير الفلسطينية ببيروت الغربية 1982 بعد حصار وقصف من قبل العدو الصهيوني وبمساعدة عسكرية ودبلوماسية من ريجان رئيس الولايات المتحدة الصهيونية ، وخذلان عربي كبير، وبعد مقاومة بطلة تم ترحيل مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية لتونس والعراق واليمن والأردن والجزائر.

لقد واجه الفلسطينيون وحدهم الصهاينة في إسرائيل وامريكا، واجهوا طياراتهم وصواريخهم ومدمراتهم وغواصاتهم بصدورهم العارية وبنادقهم.

وسلّم العرابون العرب ياسر عرفات لأسلو، ليتحول لسجين الصهاينة في رام الله وليحاصرونه مع الانتفاضة الثانية، والعرب يتفرجون، كما نتفرج نحن الآن.

كبدت منظمة التحرير الفلسطينية الصهاينة 1216 قتيلًا ، بينما فقدت المقاومة المكونة من منظمة التحرير الفلسطينية وفتح، وحزب الله والحزب الشيوعى اللبناني وحركة أمل 9800 شهيدًا.

خرجت المقاومة الفلسطينية من لبنان، ولكن تشكلت بلبنان حركة مقاومة تعلمت  واشتد عودها  وقاتلت وحررت الجنوب ولا زالت تقاوم.

أشعر بالأمل كلما رأيت فيديوهات المقاومة، واثق في النصر، فهؤلاء القوم لا يُهزمون، ولكنني أشعر بالخوف فمؤامرات العرابين العرب  شديدة، وخوفهم من المقاومة ربما يكون أشد من خوف الصهاينة.

أشعر بالخوف على المقاومة من الأشقاء قبل الأعداء.

مشاعر متناقضة أعيشها، ولا أعرف إن كان هذا طريق الاكتتاب أم انه طريق التطهر ودموع الندم.